هل تتذكرون التحالف الشيعي الكوردي؟
صبحي ساله يي
بعد إنتفاضة شعبنا في آذار 1991، كنا نسمع (أحيانا) عبارة التحالف الشيعي الكوردي، ولكن بعد تحرير العراق، سمعناها (بكثرة)، وكانت تردد في كل مناسبة في وسائل الإعلام من قبل السياسيين، ولم نتعرف على حقيقة هذا التحالف، إين تم؟ ومن وقع عليه؟ وما هي بنوده؟
الجبهة الكوردستانية، قبل إنتفاضة آذار بكثير، كانت متفاهمة ومتفقة مع الأحزاب الدينية الشيعية، وفق معادلة (عدو عدوي صديقي)، وبعد الإنتفاضة وتحديد منطقة حظر الطيران، وإرغام صدام على سحب قواته من جزء من كوردستان، دخلت تلك الأحزاب التي كانت تعمل بوصاية إيرانية كاملة الى المناطق المحررة وفتحت مقراتها، ووطدت علاقاتها مع الكورد، وتظاهرت بالإيمان والأمانة والصدق والنزاهة وإحترام العهود والمواثيق. والكورد بدورهم إنخرطوا للعمل معهم، حتى وصل الأمر الى عقد بعض الإتفاقات العشوائية، ولم يكونوا يعلمون أن الإتفاق مع أناس مذهبيين ومتشددين، ومختلفين عنهم في الرؤية والهدف، صعب ومرهق.
بعد إسقاط صدام، بدون وضع آليات معينة وبدون ضمانات مكتوبة ومكفولة من جهة ثالثة تستطيع حماية العملية من الإنحراف، وبدون وجود المبرر الكافي لاعادة بناء الدولة والجيش وتشكيل الحكومة في بغداد وكتابة الدستور، دخل الكورد في شراكة أو لعبة لايعرفون نتائجها، ولايعرفون أن المشاركين فيها، قوى غير منسجمة، تهوى الإستغلال وتصاب بالغرور حين الإستقواء، وتتخطى القواعد وتستفرد بالقرار حال إمتلاك السلطة.
مع تلك الشراكة، تم تعميم عبارة التحالف الشيعي الكوردي، وتم تفضيله في الكثير من الأحيان على التآخي الكوردي العربي. أما في الجانب الآخر، وبعد بسط النفوذ والإستقواء، بدأ السيد نوري المالكي بالتعالي والتهور والمقامرة بمصير العراق وشعبه، وحاول فرض الأمر الواقع بالقوة، وعمل وفق سياسة الاستحواذ والاستغلال، ومارس لغة التهديد والوعيد والحصار والتجويع والضغط والمناورة وعرض العضلات وإستفزاز مشاعر الكوردستانيين وحكومة الإقليم وبالذات في عهد حكومته الثانية، حتى الأزمات الصغيرة كانت تتدحرج وتصبح كرة لهب. وبدأت عبارة (التحالف الشيعي الكوردي) بالإنسحاب من الواجهة، ووصل الأمر الى أن يطلق على الكورد من قبل الجماعة المتخندقة في المنطقة الخضراء، بالعالة على العراق، وأحفاد يزيد الذي ذبح الحسين، وأولاد صلاح الدين الذي أسقط الدولة الفاطمية في مصر، وأحياناً كثيرة، بأولاد الجن الذين كشف الله عنهم الغطاء.
بعد أن أصبح التعصب الأعمى والتزمت والإبتعاد عن الحكمة في المواقف والخطاب والقرارات وبالذات من قبل الجيش الإعلامي الممول من قبل المالكي، وبعد أن تم خرق غالبية مواد الدستور الذي كتبناه وصوتنا له، من مستلزمات المرحلة، بتنا نسمع بيانات وتصريحات تهديديّة وناريّة تدعو الى طرد الكورد من بغداد وبقية المحافظات العراقية، والإستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم، وغزو وطنهم وذبحهم، وبتنا نسمع دق طبول الحرب، ونلمس إشاعة الكراهية والدفع بمستقبل الاجيال القادمة الى الهاوية المجهولة، وبات من الواضح أن عبارة التحالف الشيعي الكوردي، كانت وهماً، والشراكة سراباً، والدولة التي كنا نبتغيها مستحيلاً. لذلك أصبح من الضروري البحث عن جميع المخرجات السياسية والاقتصادية، ضمن التفكير المنطقي في كل الاحتمالات، فوجد شعب كوردستان، أن الطريق الأنسب هو إتخاذ قرار التوجه نحو الاستفتاء والإفتراق عن أناس لايريدوننا شركاء.