هل الانفصال الأحادي هو الحل؟.. كوسوفو انموذجاً
بدر اسماعيل شيروكي
يُعدّ إعلان الانفصال من جانب واحد من أكثر القضايا إثارةً للجدل في القانون الدولي، لما ينطوي عليه من تعارض مع مبدأ وحدة أراضي الدول من جهة، ومبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها من جهة أخرى. وتزداد حساسية هذه المسألة حين تُقدم جماعة قومية أو إقليم غير تابع لدولة، على إعلان استقلاله السياسي أو الإداري أو الجغرافي دون موافقة الحكومة المركزية أو القومية المهيمنة.
ومن أبرز الأمثلة الحديثة على ذلك، إعلان إقليم كوسوفو في عام 2008 استقلاله عن صربيا من جانب واحد. ورغم العقبات السياسية والقانونية التي واجهت هذا القرار، فإن محكمة العدل الدولية حسمت الجدل في 22 يونيو/حزيران 2010 بفتوى استشارية أكدت أن الإعلان لا يتعارض مع القانون الدولي، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1244، إذ لا ينص القانون الدولي على حظر صريح يمنع أقلية غير تابعة لدولة من إعلان استقلالها الأحادي.
ورداً على اعتراضات صربيا وحلفائها، أوضح قضاة المحكمة أن مبدأ السلامة الإقليمية ينظم العلاقات بين الدول ذات السيادة، ويفرض عليها احترام حدود بعضها البعض، لكنه لا يمتد بالضرورة ليقيّد تحركات الجماعات أو الكيانات غير الحكومية داخل الدولة، مثلما فعل ممثلو شعب كوسوفو حين أعلنوا الانفصال.
كما اعتبرت المحكمة أن إعلان الاستقلال الكوسوفي كان فعلاً غير حكومي، وبالتالي لا يقع تحت طائلة مبدأ السلامة الإقليمية المنصوص عليه في المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة والوثائق الدولية ذات الصلة.
ووفقاً لهذا التحليل، فإن قصور مبدأ وحدة الأراضي في التعامل مع تطلعات المجتمعات المحلية أو الأقليات يفتح منفذاً قانونياً أمام هذه الكيانات للسعي نحو الانفصال، خاصة في ظل هيمنة الدولة المركزية أو حصارها.
وتطرح حالة كوسوفو اليوم سؤالاً جوهرياً: هل يمكن أن يشكّل الانفصال الأحادي مخرجاً عملياً للأقليات أو الأقاليم التي ترى أن الدولة الأم عاجزة أو غير راغبة في تلبية حقوقها؟ أم أن التجربة، رغم نجاحها القانوني، تظل استثناءً يصعب تكراره في ظل موازين القوى الإقليمية والدولية؟