نوروز الحرية والسلام والتعايش
كفاح محمود كريم
منذ أن أسقط كاوه دكتاتورية الضحاك قبل 2722 عام والشعب الكوردي ومن جاوره من شعوب هذه المنطقة تحتفل سنويا بشعلة النار التي أضاءت طريق الحرية والانعتاق وأشرت بداية العام الجديد في يومه الأغر نوروز، تلك الشعلة التي أوقدها كاوه الحداد حينما انتصر على تلك الدكتاتورية الظالمة، غدت عنوانا ورمزا للانعتاق ولليوم الجديد على مدى ما يقارب من ثلاثة آلاف عام.
نوروز هذا اليوم الجديد توزع على خارطة شعوب الشرق الأوسط وحمل في كل ارض من أراضيها لونا من ألوان الربيع واسما من أسماء تلك الشعوب دون أن يختلف في مضامينه أحد منهم، فهو عيد الحرية والربيع والشجرة والخصوبة واليوم الجديد والى آخر ما اجتمعت على تسميته والاحتفال به كل ربيع من كل عام، من الهند إلى مصر مرورا بكوردستان في أجزائها الأربعة وإيران والباكستان وكثير من شعوب ودول آسيا وأوروبا.
وخلال آلاف السنين سادت حضارات ثم بادت ونهضت دول وإمبراطوريات وأخرى أزاحها الزمان وانكفأت، وبقيت شعلة نوروز كما هي تضيء للقادمين عبر الأجيال طريق الحرية والانعتاق واليوم الجديد في ساعة الزمن وتقويم التاريخ، وبقيت أعالي الجبال وذراها في كوردستان منذ أوقد قائدها الأول شعلة الحرية وأذن باليوم الجديد، تتحول مع الساعات الأولى لنوروز إلى مشاعل للضوء والنيران في احتفال مهيب عبر الأجيال ترافقه دبكات الشباب والصبايا وزغاريد النسوة وأهازيج الأطفال وتمتزج فيه أجمل ألوان فلكلور كوردستان في الملبس والغناء والرقص في أجمل كرنفال لإشاعة السلام والأمن الاجتماعي والتعايش بين الناس جميعا دونما تفريق في اللون أو العرق أو اللغة أو الدين أو المكان، ففي أيام نوروز هنا في كوردستان العراق كما في بقية أجزاء كوردستان الأخرى، يخرج الكورد وأصدقائهم من كل الأطياف والأجناس في رحلات وكرنفالات جماعية إلى المروج والحدائق والساحات، حيث الدبكات الشعبية المعروفة تصاحبها فرق للغناء احتفاءً باليوم الجديد وبربيع كوردستان الخلاب وبشكل عفوي مثير تجتمع فيه آلاف مؤلفة من العوائل ومئات الالاف من القادمين العراقيين من كل محافظات العراق حيث تختلط أنواع الفلكلورات العراقية والكوردستانية في لوحة اجتماعية سياسية تُعبر عن اللحمة الوطنية العراقية من اقصى جنوب البلاد الى أقصاها غربا وشرقا تحتضنهم كوردستان بمحبة وتعايش قل نظيره في منطقتنا عموما.
ان نوروز يمثل عنوانا بارزا للانعتاق والمحبة والتعايش والسلام ونحن اليوم احوج ما نكون الى ذلك النسيج الذي تحبكه تلك المشاعر النقية والمخلصة في العيش المشترك الذي يحمي الجميع ويحرص على حقوق الجميع بما يعزز مفهوم المواطنة الحقة في دولة فيدرالية ديمقراطية تعددية حرة.