مرحى لنجاح تحالف الكادحين
مؤيد عبد الستار
لم تكن مفاجأة ما تمخضت عنه الانتخابات الاخيرة في العراق اذ نجح تحالف سائرون في حصد أعلى نسبة من الاصوات في بغداد العاصمة .
دلالة اهمية العاصمة بغداد انها تشمل اكثر نسبة اعضاء في البرلمان - 71 عضوا - نظرا لعدد سكان بغداد ، اضافة الى الوعي الذي تمتعت به الجماهير البغدادية والذي نما وتطور من خلال التظاهرات والاحتجاج وندوات شارع المتنبي والمحافل الثقافية والسياسية المنتشرة في العاصمة ونسبة التعليم العالي والمتوسط المرتفعة بين الشباب .
وبسبب الوضع المزري للخدمات تذمر المواطنون اشد التذمر، وساهمت الازمات الخانقة المتمثلة بانقطاع التيار الكهربائي وقلة المياه الصالحة للشرب ونقص الخدمات البلدية من نظافة و تصريف مياه الامطار وغير ذلك من معاناة عاشها سكان بغداد كما بقية المحافظات تغير مزاج المواطن وراح يبحث عن مخارج وحلول للازمات بعيدا عن طوباوية المعادلات الطائفية والمذهبية ، وتعب من مطالبة الاحزاب والقوى السياسية المتنفذة دون جدوى وهي التي اهتمت بكنز الاموال في جيوبها واحتكار الوظائف لذوي القربى الذين لا يتمتعون بالكفاءة وتعوزهم النزاهة . وقد صدق فرانز فانون الثائر الافريقي حين قال (على الشعب أيضاً أن يدرك أن هناك أناساً من بني وطنه لا يتمسكون بمصالحهم فحسب، بل ينتهزون كذلك فرصة النضال لتعزيز وضعهم المالي وقوتهم. فهم يتاجرون ويحققون أرباحا طائلة، على حساب الشعب ، الذي يضحي بنفسه دائماً، ويروي بدمه تراب الوطن.) وهكذا فعلت قوى الاسلام السياسي التي كانت مضطهدة في النظام الصدامي وسعت للخلاص من جبروته وطغيانه .
حين بدأت التظاهرات والاحتجاجات قبل سنوات قليلة ، كانت مقصورة على اليساريين والتقدميين وتعرضت الى العنف الذي مارسته سلطة الاحزاب الدينية وحكومة المالكي الثانية ورهطه الذين كانوا يقفون أعلى البنايات يراقبون ويشتمون المحتجين ويشجعون على ضرب التجمعات بوسائل عشائرية واستخدام القوات المسلحة في التضييق على المتظاهرين ، ووضع الحواجز امام اقتحام الجماهير لحصنهم في المنطقة الخضراء ، ولكن تطور وعي المواطنين ونهوض الفقراء وتمردهم على الواقع الذي فرضته قوى الاسلام السياسي جعلتهم ينحازون الى المحتجين والتجمعات الشعبية الكادحة ويتظاهرون كتفا الى كتف مع صفوف اليساريين والتقدميين دون النظر الى العقيدة او المذهب ، وحدّهم الظلم وجمعتهم الرغبة في مستقبل افضل لهم ولابنائهم حتى ساد الشعار الشهير وتعالت صيحاتهم : باسم الدين باكونا الحرامية .
هذا الشعار الذي لم يخجل احد دعاة الاحزاب الاسلامية من التشهير بالجماهير التي رفعته وتهجم على التيارات العلمانية والمدنية التي ساندته .
التحالف الذي عقدته الجماهير الكادحة لا يضيره انه جرى تحت لوائين احدهما علماني يساري هو الحزب الشيوعي العراقي والاخر تيار اسلامي شعبي هو التيار الصدري ، فامال الكادحين واحلامهم واهدافهم تلتقي بغض النظر عن اسماء الرايات التي ترفرف فوق رؤوسهم ما دامت تدافع عن حقهم في حياة كريمة وضمان عيشهم الكريم .
وفي انتظار نجاح تشكيل الحكومة التي نتمنى ان تكون شاملة ، كفوءة ، نزيهة نراقب تطور العملية السياسية التي بدأت ملامحها الديمقراطية تتضح اكثر واكثر وباتت قطوفها دانية .
مرحى لنجاح القوى التقدمية في الوصول المشرف الى ساحة البرلمان من اجل المزيد من تحقيق المكاسب للجماهير الكادحة .