ماذا بعد الانتخابات

ماذا بعد الانتخابات

جلال شيخ علي

2025-11-20T10:05:43+00:00

مع انقشاع غبار صناديق الاقتراع وظهور النتائج النهائية للانتخابات العراقية الأخيرة، لا يجد العراقيون أنفسهم أمام مشهد سياسي جديد وواعد بالاستقرار بقدر ما يجدون أنفسهم أمام الحلقة الأحدث من مسلسل "المفاوضات العسيرة". فكل انتخابات في العراق هي مجرد فاتحة لماراثون سياسي معقد لتشكيل الحكومة، مرحلة تتسم بالصفقات والمساومات وتوزيع الحقائب، وتطرح تساؤلات جوهرية حول قدرة الطبقة السياسية على تجاوز الخلافات المزمنة وبناء شراكة وطنية حقيقية.

هذه المرحلة الجديدة، الأكثر تعقيداً وحساسية، تفتح الباب أمام عدة سيناريوهات وتحالفات، وتطرح تساؤلات حول مصير المكونات المختلفة، لا سيما المكون الكوردي والحزب الديمقراطي الكوردستاني.

تتسم المرحلة القادمة ببدء مفاوضات مكثفة خلف الكواليس بين القوائم الفائزة لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، والتي ستتولى مهمة تسمية رئيس الوزراء الجديد وتشكيل الحكومة.

وتشير النتائج إلى أن أياً من القوى الفائزة لم يحصل على أغلبية مريحة الا ان الاطار التنسيقي اعلن اتفاق الكتل المنضوية تحت رايته ،

الوضع الراهن يشير الى أن التوافق والشراكة ضرورة سياسية ملحة.

يسعى "الإطار التنسيقي" (الذي حقق أفضلية سياسية واضحة في النتائج) إلى حسم مسار تشكيل الحكومة بسرعة إذا توفرت التوافقات، وقد شكل لجاناً لاختيار مرشح لرئاسة الوزراء

وفي موازاة ذلك، تنخرط القوى السنية والكوردية أيضاً في مفاوضات موازية، وتضع شروطاً مسبقة لمشاركتها، لا سيما فيما يتعلق بالمطالب الدستورية والقضايا العالقة.

يعد الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي حقق نتائج قوية على المستوى الاتحادي، حجر زاوية في أي حكومة قادمة.

موقفه التفاوضي واضح، وقد حدد رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، شروطاً أساسية للمشاركة في الحكومة الاتحادية الجديدة: تطبيق الدستور العراقي كاملاً، والالتزام بمبادئ الشراكة والتوازن والتوافق.

يطالب الديمقراطي الكوردستاني بضمانات لتنفيذ الاتفاقيات السابقة وحل القضايا العالقة بين أربيل وبغداد، مثل ملف النفط والميزانية والمناطق المتنازع عليها.

السؤال الأكثر إلحاحاً بالنسبة للكوردستانيين هو: هل سيعاد سيناريو الحكومات السابقة في موافقة "الإطار التنسيقي" والقوى الأخرى على شروطهم ثم التنصل منها لاحقاً؟

تاريخ العلاقات بين بغداد وأربيل مليء بأزمات الثقة والوعود غير المنفذة.

المخاوف من تكرار هذا النمط قائمة، خاصة في ظل التحديات والعقد السياسية القائمة.

عليه يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة تتطلب شجاعة سياسية والتزاماً حقيقياً بالنصوص الدستورية لتفادي الأزمات المتكررة.

يبقى مصير مشاركة الديمقراطي الكوردستاني مرهوناً بمدى جدية الأطراف الأخرى في تقديم ضمانات حقيقية وملزمة هذه المرة.

فالديمقراطي يسعى جاهداً لضمان أن تكون هذه المرحلة مختلفة، وأن يتم التعامل مع مطالبه كاستحقاقات دستورية وليست مجرد تنازلات سياسية مؤقتة، لوضع حد لمعاناتهم المستمرة من التهميش والإقصاء وعدم تنفيذ الوعود.

في الختام، المشهد السياسي العراقي بعد الانتخابات يتسم بالتعقيد، ومسار تشكيل الحكومة سيكون اختباراً حقيقياً لمدى استعداد القوى السياسية لبناء شراكة وطنية حقيقية تضمن حقوق ومشاركة جميع المكونات.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon