لا عزاء للاصوات المأجورة.. تحية لأسود الرافدين ومدربهم
احمد حسين
أحمد حسين/ قبل انطلاق مباراة المنتخب العراقي ونظيره الأردني ضمن منافسات دور الـ16 في بطولة كأس آسيا لكرة القدم، كنت متفائلاً جداً بأن يحقق لاعبونا فوزاً ثقيلاً، ولربما الكثير من الجمهور العراقي كان يتوقع فوز أسود الرافدين على الأردنيين، لكن مع إطلاق حكم المباراة صافرة البداية وحتى انتهاء الشوط الأول، خابت كل الآمال، بل شعرنا جميعاً بمفاجأة صاعقة، فنحن لم نرَ المنتخب الذي فاز على إندونيسيا واليابان والفلبين، بل شاهدنا منتخباً آخر منهاراً في جميع خطوطه، هذه هي الحقيقة.
بعد انتهاء الشوط الأول كانت خيبة أملي لا توصف، وتكدرت حالتي النفسية جداً، لكن مع انطلاق أحداث الشوط الثاني أصابتني الصدمة أيضاً، فالمنتخب الذي ظهر لم أره في الشوط الثاني، كان منتخباً مغايراً تماماً، هذه المعادلة جعلتني أعيد النظر وأطرح آراءً مع نفسي، ملخصها وجوهرها، هل كان المدرب خيسوس كاساس متعمداً أن يُظهر المنتخب واللاعبين بهذا المستوى المتدني، هل كان يريد استنزاف طاقة اللاعبين الأردنيين في الشوط الأول ليفاجئهم بشيء آخر في الشوط الثاني، هل كان يريد إيهام الفرق القوية -في حال الفوز على الأردن- بأنه مدرب لا يمكن توقع خطواته وخططه وتكتيكاته، هذه كانت التصورات الأقرب إلى ذهني وفهمي؟.
ويبدو أن كاساس كان كذلك، وكما صرح قبل مباراة اليابان قائلاً "لن أكشف خطتي لمواجهة اليابان"، إذاً للرجل خططاً "ثعلبية" إن جاز التعبير، والحقيقة لقد نجح بها -إن كان الرجل هكذا يفكر ويخادع فعلاً-.
بالتأكيد سيقول القارئ ما من مدرب يرسم خطة لفريقه تتضمن أن تتلقى شباكه هدفاً أو أهدافاً في الشوط الأول ليفاجئ الفريق الخصم في الشوط الثاني، نعم أتفق معك في ذلك، لكن الهدف الأردني في الشوط الأول جاء بهفوة وليس بخطة، لا أظن أن المدرب ولا اللاعبين كان ضمن خطتهم اهتزاز شباكهم، لكن هكذا جرت أحداث المباراة، وانتهى الشوط الأول بتقدم الأردن بهدف، لكن ماذا حصل في الشوط الثاني؟.
اللاعبون أنفسهم الذين خاضوا الشوط الأول بمستوى متدنٍ ظهروا في الشوط الثاني بمستوى آخر فاجأنا جميعاً، واستطاعوا خلال 20 دقيقة من تعديل النتيجة، ومن ثم الفوز على المنتخب الأردني، بل أنهم ظهروا وكأنهم هم من يُسيِّرون المباراة كما يشاؤون واحتار لاعبو الأردن كيف يتفادون الهجمات المباغتة، واحتواء منتصف الملعب الذي سيطر عليه أسود الرافدين بجدارة، واستحوذوا على الثلث الهجومي الأخير بقوة اضطرت جميع لاعبي المنتخب الأردني إلى التحول كحائط صد لمنع الاختراقات العراقية من الوصول إلى شباكهم، حتى جاء القرار التحكيمي البائس والظالم بإشهار البطاقة الحمراء بوجه مهاجم المنتخب العراقي أيمن حسين "أبو طبر" بذريعة أن احتفاله بالهدف الثاني فيه إساءة للمنتخب الأردني على الرغم من أنه احتفل بنفس الطريقة التي احتفل بها لاعبو الأردن حين سجلوا هدفهم الأول، وهنا حدث الانهيار المتوقع بطبيعة الحال، فالمباراة كانت إقصائية، أما أن تفوز بجدارة وتفوق أو تستقتل من أجل الفوز أو التعادل بالنسبة للمنتخب الأردني، أما بالنسبة للمنتخب العراقي المنقوص العدد فقد كان الطرد هو بمثابة طرد للروح المعنوية لدى اللاعبين، لذلك كان من الطبيعي أن نرى الانهيار في صفوف المنتخب خصوصاً ان المدرب أجرى جميع التغييرات الخمسة، ولم يعد بإمكانه تعزيز خطوط الدفاع.
"استعراض الطشة" الذي قام به بعض الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي والإساءة الفجة لمدرب المنتخب العراقي بعد انتهاء المباراة لا مبرر له سوى أنهم "أصوات مأجورة" أرادت أن تسوق نفسها على السوشال ميديا لكسب بعض "اللايكات"، فهؤلاء "تجاهلوا عمداً" الاستبسال للاعبيّ المنتخب العراقي في الدفاع عن شباكهم رغم النقص العددي، وتجاهلوا أن منتخباً خسر المباراة في شوطها الأول يعود ليكسب الفوز في شوطها الثاني، وغضوا النظر عن خطأ تحكيمي أثار الكثير من علامات الاستفهام وحملّوا لاعبي المنتخب والكادر التدريبي مسؤولية هذا الخطأ الذي لا مبرر له سوى أن الحكم أشهر بطاقته الظالمة بدوافع "نفسية"، خصوصاً أن لهذا الحكم تاريخ غير مشرف ضد المنتخب العراقي في عدة مناسبات، حاله كحال الحكم المصري المشؤوم جمال الغندور الذي أظهر انحيازاً واضحاً ضد المنتخب العراقي أمام المنتخب الأردني في تسعينيات القرن الماضي بحيث أنه سمح بوجود 12 لاعباً أردنياً داخل أرضية الملعب، ولم يوقف المباراة رغم وجود كرتين في الملعب، وحرم منتخبنا من ضربتيّ جزاء، ومنح المنتخب الأردني ضربة جزاء لا أساس لها، وكذلك فعل الحكم الإيراني الأسترالي الذي أظهر أحقاده بكل وضوح.
وعلى كل حال، المباراة انتهت ولا أمل في إعادتها، ولا رجاء من إصلاح "الأصوات المأجورة والأقلام الرخيصة"، بقي فقط أن نقول للكادر التدريبي وللاعبين، "كفيتم ووفيتم وعاشت الأيادي" ونحن فخورون بكم وبما قدمتم من مفاجآت، ونشكركم على المباريات التي امتعتمونا بها، والقادم أفضل.
وكلمة أخيرة إلى الاتحاد العراقي لكرة القدم، أقولها بكل صراحة أنتم أسوأ اتحاد في تاريخ كرة القدم العراقية، وحسنتكم الوحيدة هي اختيار خيسوس كاساس وهذا المنتخب المتميز، فأتمنى عليكم ألاّ تخضعوا للأصوات المأجورة وحافظوا على هذا المنجز، وكما قال المدرب كاساس: "نحن نعد العدة لمونديال 2026".
تحية لأسود الرافدين ومدربهم، والخزي للمأجورين.