كل حزب بما لديهم ...
صبحي ساله يي
بتفاؤل مفرط وثقة عالية ونتيجة لحسابات ومصالح سياسية قديمة وجديدة، شاركت الاحزاب السياسية الكوردستانية في الإنتخابات البرلمانية العراقية، وعوّلت عليها كثيرًا، وسخرت في سبيلها الكثير من الإمكانات المادية والمعنوية، و على مدى الأسابيع التي سبقتها، عقدت من أجلها المهرجانات ونظمت الحملات الدعائية واللقاءات. وإدعت جميعها تحمل دورها ومسؤوليتها في ضمان الحقوق والحريات العامة والخاصة وتحقيق المكتسبات التي تحفظ كرامة الكوردستانيين وتبعدهم عن حافة الخطر، وتعهدت بتبني قضاياهم المصيرية بآليات ديموقراطية ودستورية، ومواجهة السياسات الخاطئة بوحدة الصف. مع ذلك عجزت (الأحزاب) عن حل خلافاتها الحزبية وفشلت في تشكيل ائتلاف إنتخابي واسع يفوز بعدد كبير من المقاعد، وحينها حذر نيجيرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي، من خطورة الإنقسام وتشتت الصوت الكوردستاني وعدم تنحية كافة الخلافات الداخلية، مع ذلك تفاءل فقال: لدينا خطة، ونخطط أن نجتمع معاً جميعاً بعد الانتخابات، وأن نوحد صفوفنا، والأهم هو التحالفات التي تتبع الانتخابات.
كل الاحزاب، التي ليس لها قاعدة شعبية واسعة ومشروع سياسي واضح المعالم، والتي تفتقدانهما، وصفت الإنتخابات البرلمانية، بالأكثر تأثيراً على مستقبل العملية السياسية في العراق، وأكدت على ضرورة المشاركة فيها بكثافة، على إعتبار أن الظروف الداخلية والخارجية تشهد تجاذبات وتناقضات مختلفة وتعيد تقييم المواقع في المعادلة السياسية وعلى خريطة التوازنات السياسية الجديدة وفق ضوابط متصلة بتحولات محلية وإقليمية ودولية. وقالت: من أجل الحفاظ على المكاسب الدستورية، لابد من ممارسة أعلى درجات الصبر وضبط النفس، والتمسك بالأفكار الإنسانية التي تعظم حقوق الأفراد ومنافعهم وإستقرارهم ورخائهم بعيداً عن العنف والصراعات بأشكالها المختلفة وتطوير الآليات المختلفة للحفاظ على الثقافة المتشبعة بالقيم الحضارية، والإستمرار في تطبيقه خلال الحملات الإنتخابية وبعد إعلان نتائج الانتخابات، وأثناء مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لكي نبعث رسالة الى الذين يشتاقون الى إضعاف وإقصاء الكورد عن العملية السياسية، وتلمس ترهل دورهم في العراق، والحد من مكانتهم وهيبتهم وقدرتهم على التأثير على القوى السياسية العراقية ومراكز القرار في المنطقة والعالم، مفادها، أن الكورد باقون ويستطيعون الحفاظ على الثوابت الديمقراطية والوطنية والقومية والإنسانية.
بعض الأحزاب، خلال الأيام العصيبة التي سبقت الإنتخابات، تبنت الخطاب السياسي العقلاني المرن الذي يستطيع إمتصاص الصدمات للحفاظ على الأمان والهدوء والتضامن بين الكوردستانيين، فتغاضت عن التجاوزات والأخطاء المرتكبة بحقها، وأعلنت الإستعداد عن التنازل عن بعض من مستحقات الإنتخابية ومصالحها الحزبية والشخصية، لتحييد النزعات الفردية وتجنب الهزات والنتائج الكارثية، ولتفويت الفرصة على الذين يلجأون الى تزوير الحقائق والإدعاءات المضللة التي تهدف الى تفريغ الانتصارات الكبيرة والاستراتيجية التي حققه شعبنا خلال العقود الماضية. ولكن بعضها، رغم النداءات المخلصة التي صدرت، لجأت الى خطاب التسقيط والتحرض وكأنها تخوض إنتخابات برلمان كوردستان، وليست انتخابات مجلس النواب العراقي.
بعد إعلان نتائج الإنتخابات، بانت الفجوات الكبيرة، ودلت على أن المواطن الكوردستاني منح ثقته بمن هو المدافع الحقيقي عن حقوقه المشروعة والدستورية. ودلت أيضاً على الجهل الكبير للبعض وعدم معرفتها بالواقع السياسي، وعلى أن إعتقاداتها كانت مبنيًة على أوهام وأمنيات ليست لها رصيد على أرض الواقع، تم تسويقها من قبل دوائر خاصة تابعة لها، تديرها شخصيات باحثة عن مصالحها الشخصية. مع ذلك تعالت الأصوات، مرة أخرى، من أجل السعي لتحقيق وحدة الصف وكلمة القوى السياسية والذهاب الى بغداد بهدف الدفاع عن حقوق شعب كوردستان وتأمين وضمان مستقبل أفضل للحاضر والمستقبل،وإسترجاع مبادىء الشراكة والتوازن والتوافق، والإصرار على تنفيذ الدستور الذي يعتبر الضمان الوحيد لحقوق الجميع وعدم التمييز بينهم لأسباب قومية ودينية، وليس للصراع والسجالات والدعاية الإعلامية على شاشات التلفزيون.
الأيام والأسابيع المقبلة تبين الذي لايفوت أي فرصة للحوار والتفاهم من أجل وحدة الصف والكلمة، ومن همه هو كيفية الدفاع عن حقوق الشعب وحماية منجزاته التي تحققت بدماء قوافل من الشهداء، وتبين الذي يملك عقدة المناصب والإمتيازات والعناوين الوظيفية، ومن هو مستعد للإستهانة والإستخفاف بقضايانا الوطنية والقومية ويجعلها ضحية أطماعه الشخصية الضيقة.