شنكال (سنجار) بوابة السلام
نايف رشو الإيسياني
في مقالاتنا السابقة تحدثنا عن جغرافية و جيوبوليتيك مدينة شنگال (سنجار)، وذكرنا ان تاريخ المدينة يعود الى اكثر من ستة الاف سنة، سنجار تقع غرب محافظة نينوى ومركزها الموصل، وتسكنها غالبية من أيزيدية، واجتاح تنظيم "داعش" الإرهابي المدينة في 03/ 08/ 2014، وقام بسبي نسائها واسر رجالها واطفاله وشرد الباقي، وتم تحرير المدينة من قبل قوات البيشمركة ومازالت مأسي الابادة مستمرة على الرغم دخولنا السنة السادسة منها، والى اليوم هناك اكثر من 250ألف يسكنون المخيمات في اقليم كوردستان و86 مقبرة جماعية بالاضافة الى اكثر من10آلاف شهيد ومختطف ومغيب لتلك العملية القذرة.
الاتفاق والاوجه والاطراف المشاركة والشرعية الدولية والاقليمية والجوانب الاخلاقية والاجتماعية والدينية والانسانية تتضمن عدة محاور منها:-
المحور الاول الحكومة العراقية:- الاطراف الموقعة على الاتفاق في سياق العام عند عودة النازحين الى مناطق سكناهم قبل تشردهم بسب الكوارث والحروب وعند وجود نية صافية وتدخل الامم المتحدة ومحاولتها عودة المهجرين الى مناطقهم الاصلية فالحكومة والدولة المسؤول والطرف الاول امام القانون في تهيئة الاجواء الملائمة وتوفير الامن والاستقرار والخدمات الضرورية اليومية كالماء والكهرباء والمستلزمات الطبية وتأهيل المأوى والمسكن وتعويض الضحايا، ان الاتفاق الذي وقع بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان يعتبر تفاقاً تاريخيا لعودة المهجرين من شنكال وفق الدستور العراقي، وعلى المستويين الإداري والامني، وينهي سطوة الجماعات الدخيلة، ويمهد لإعادة اعمار المدينة وعودة اهاليها المنكوبين بالكامل، والطرف الثاني الجهة المساعدة التي قدمت يد العون والمأوى خلال الفترة المنصرمة والطرف الثالث الامم المتحدة المشرفة على الاتفاق بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت".
المحور الثاني حكومة اقليم كوردستان:- يضم اتفاق إعادة الاستقرار في سنجار نقاطاً إدارية وأمنية وخدمية عديدة، على أن يتم الاتفاق بشأن الجانب الإداري مع حكومة كوردستان ومحافظة نينوى ، وبهذا يتلخّص الاتفاق بأن تدير بغداد الملف الأمني في سنجار بالتنسيق مع أربيل، بينما تتولّى الحكومة المحلية في محافظة نينوى الجانب الخدمي بالمدينة، على أن يتم إعادة سكان المدينة دون استثناء وإبعاد الجماعات الدخيلة منها، مع الأخذ بنظر الاعتبار مطالب أهالي شنكال، وإدخال كل ما هو أمني ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة الإقليم، أما الجانب الخدمي فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى.
المحور الثالث الاشراف والترحيب:- اشرفت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينين بلاسخارت، ورحبت بتوصل الاطراف إلى هذا الاتفاق، وأكدت، في بيان، أنه "يوم تاريخي لسنجار بعد المجازر التي عاشها أبناؤها على يد عصابات (داعش)، والمصاعب التي عانوا منها بعد طرده"، معتبرة أنها "بداية حقيقية لعودة النازحين إلى مناطقهم،وانها ابدت استعدادها لدعم الاستقرار في المنطقة.
وكذلك هنّأت الولايات المتحدة، الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان على هذا الاتفاق، وذكرت سفارتها ببغداد، في بيان: " نتطلع إلى تنفيذ الاتفاق بالكامل، ونأمل أن يؤدي هذا الاتفاق إلى أمن واستقرار دائم للشعب العراقي في كافة الاجزاء.
بدوره رحب رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي بالاتفاق، داعيا لاتفاق مشابه في قضاء مخمور، في حين قال عضو مجلس النواب ظافر العاني إنه ينتظر من الحكومة جهودا مماثلة في مناطق جرف الصخر جنوب بغداد وديالى وصلاح الدين.
المحور الاخير المسائل الانسانية والتحقق من الوقائع وضمان توثيق التجاوزات والانتهاكات لحقوق الإنسان الدولية والمعايير الإنسانية وكيفية معاملة النازحين من حيث حصولهم على الغذاء والمأوى والخدمات الطبية وحماية حقوقهم والتمتع بهذه الحقوق الأساسية يتم انتهاكها، لمنهجيات الرصد الصارمة ومسألة تحسين العمل الانساني والموجه لخدمة الاشخاص والمهجرين، من الضروري أيضا ان يكون بالامكان تطوير العمل الانساني بعيداً عن الاعتبارات السياسية والعسكرية، والاحداث في شنكال وجرائم داعش تدخل ضمن الجرائم الخطيرة، ان التقارير المتاحة على موقعي بعثة يونامي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان باللغتين العربية والإنكليزية تؤكد بقوة إلى أن تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ارتكب جرائم دولية خلال السنوات الثلاث الأخيرة أثناء سيطرته على شنكال. وقد ارتكب تنظيم داعش انتهاكات خطيرة ومنتظمة للقانون الإنساني الدولي وتجاوزات وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ولا سيما عمليات القتل الجماعي والاختطاف والاستعباد الجنسي والتدمير الشديد للمواقع الدينية والثقافية.
خلاصة الاتفاق :-الخطوة الاهم هي عودة النازحين الى قضاء سنجار، الذين ذاقوا الأمرين على يد تنظيم داعش، بالعودة إلى أرض أجدادهم ومناطقهم الاصلية بأمن وسلام وكرامة، وان يقرروا مستقبلهم بأنفسهم وإعادة الاستقرار وتشكيل لجان إدارية وأمنية وخدمية عديدة،على ان يتم الإتفاق بشأن الجانب الاداري مع حكومة اقليم كردستان،و ينبغي عليهم أنفسهم أن يكونوا قادرين على قبول الآخر وحل خلافاتهم بأنفسهم على أن يضمنوا تنفيذها من خلال اتفاق متبادل، كون السلام مهمة معقدة جدا عندما يكون بين طرفين، ناهيك عن تدخل اطراف اخرى متطفلة، وايضا عندما يكون الاتفاق مستنداً على فهم متبادل والتعايش السلمي واحترام الإنسان وحريته، بما في ذلك ضمان الحق الديني. والمسائل المعقدة اصبحت في طريقها الى الحل وستكون شنكال بوابة السلام.