حَدثَ في عام 2023
شوان زنكَنة
جملةُ أحداثٍ وقعتْ وحدَثتْ في عام 2022م، تجعلُ أيام السنة القادمة ساخنةً جدًّا، إلى الحدّ الذي جعلني استخدم، في عنوان مقالي، لفظَ الماضي في الفعل للدلالة على توَكيد وقوعِ أحداثٍ ساخنةٍ تؤدّي إلى حربٍ في بؤر الصراع الساخنة. ويمكن إدراجُ جملة الأحداث التي وقعت في عام 2022م، والتي ستنتقل بكامل ثقلها، وتعاظم سخونتها، إلى عامنا القادم، كما يلي:
* مناوراتٌ وتحركاتٌ عسكرية صينية بالقرب من تايوان، وتدريباتٌ تايوانية على صدّ غزوٍ صيني محتمَل، بموازاة دعم ومساعدات عسكرية أمريكية وغربية.. هذا الحدث يُوحي بسخونة مياه بحر الصين، وإعادة تشغيل الفلم الأوكراني فيها.
* توتّراتٌ في شمال كوسوفو بين السلطات والأقلية الصربية، المدعومة من صربيا، وتحشيداتٌ عسكرية صربية على الحدود مع كوسوفو، في مقابل طلب كوسوفو للانضمام إلى الإتحاد الأوربي، ودعم الناتو لها.. هذا الحدث هو الوجه الآخر للأزمة الأوكرانية، فصربيا قلقة جدا من تواجد النفوذ الغربي، وبالأخص الناتو، في كوسوفو.
* تصاعدُ التوترات العرقية والانفصالية في البوسنة والهرسك بين المسلمين والصرب والكروات، ومخاوف من تمدد الأزمة الأوكرانية إليها، في مقابل إعلان تركيا دعمها الكامل لاستقرار كوسوفا والبوسنة والهرسك.. هذا الحدث يرشح منطقة البلقان لأن تكون بؤرة صراع ساخنة، تتطاير فيها أوراق الأطراف المتصارعة وفق مصالحها الأمنية.
* تصاعدُ التوتّرات بين تركيا واليونان، بعد قيام اليونان بتسليح بعض الجزر المختلَف عليها بين الطرفين، وبدعمٍ صريح من أمريكا، وتحريكٍ واضح من فرنسا.. هذا الحدث، وإن لم يؤدِّ إلى حرب مباشرة بينهما، ولكنه وسيلة ضغط على تركيا في تحركاته العسكرية في بؤر ساخنة أخرى، مثل شمال العراق وشمال سوريا، وناغورني قره باخ.
* الصراع الأرمني _ الأذري في ناغورني قره باخ حاضر دوما لإشعال فتيل أزمة بين قوى إقليمية وعالمية، بسبب مخاوف أمنية واقتصادية.. هذا الحدث كفيل بأن يضع إيران، وروسيا، وتركيا، وفرنسا في مواجهة ساخنة، في حال تفاقمت الأزمات في بؤر صراع أخرى، كأوكرانيا، أو بحر الصين، أو الشرق الأوسط.
* النفوذ الإيراني والتركي، وتواجدهما العسكري، في الشرق الأوسط، وبالأخص في العراق وسوريا، مصدر توتر، وباعث أزمة في المنطقة، وألقت الحرب الأوكرانية بظلالها على هذا النفوذ، فتفاقم وتعقّد، حتى أصبح أزمة حادة بين أطراف الصراع الدولي.. هذا الحدث، في حال تفاقمه، سيؤدي إلى نشوب حرب بين الدول والميلشيات، أو حتى بين الدول والدول.
* تجدّدُ الاشتباكات على الحدود الصينية الهندية بين الفيّنة والأخرى، يشير إلى حالة اللااستقرار في جنوب شرق آسيا، ولو أضفنا إليها استعدادات كوريا الشمالية العسكرية وتجاربها البالستية، في مقابل الإجراءات العسكرية الاحتياطية لكوريا الجنوبية، وتزايد الميزانية العسكرية اليابانية، والدعم العسكري الغربي لأستراليا، والمناورات العسكرية، وتحركات القطعات العسكرية في تلك المناطق، فإنه ليس من الصعوبة بمكان أن نتصور حجم الأزمة الأمنية فيها، وسخونة أجواءها.. هذه الأحداث، تقول بوضوح، أن أية شرارة، مقصودة أو غير مقصودة، كافية لإشعال فتيل حرب لا هوادة فيها، تأكل الأخضر واليابس.
* دخولُ الأزمة الأوكرانية مرحلة اللاعودة، وتضاؤلُ إمكانية تحقيق السلام يوحي باحتمالية توسعها، وما يقوم به الغرب من تعزيز وتوسيع التدابير الأمنية والعسكرية في أوربا الشرقية، دليلٌ قاطع على خشية الغرب من توسّع نطاق الحرب في أوكرانيا.. هذا الحدث، لوحده كفيلٌ بإشعال نار الحرب في العالم، إذا لم تُحلّ بأسرع وقت.
* قيامُ نتانياهو بتشكيل حكومة في إسرائيل، هي الأكثر تطرفا في تأريخ الحكومات الإسرائيلية، فهي حكومة يمينية، دينية، صهيونية للعظم، وستتسبب هذه الحكومة بتوتير العلاقات مع أمريكا، وروسيا، وإيران، ناهيك عن قساوتها الْمُرّة مع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.. هذا الحدث سيخلق أجواءً متأزمة جدّا في سوريا ولبنان والأردن، ومعظم أرجاء الشرق الأوسط.
* ركودُ الاقتصاد العالمي، وارتفاعُ معدلات التضخم، وعدمُ كفاءة الإجراءات والتدابير النقدية والمالية العالمية في تخفيف وطأة التضخم على المدى القصير، يضعُ علامةَ استفهامٍ كبيرة على معظم الحكومات حول احتمالية فشلها في تسريع عملية التنمية، وتحقيق الاستقرار، على المدى المنظور، وأخشى أن تزجّ هذه الحكومات شعوبها في وحل الحروب، وتكويها بنارها، تبريرا لفشلها، إذ ستُعلّق فشلها بشماعة الحرب، كما علّقتْ إدارةُ بايدن فشلَها في مكافحة التضخم بشماعة الحرب في أوكرانيا.
* تنامي المشاعر والنعرات والتوجهات القومية والعرقية في العالم، وتزايدُ شعبيتها، واستيلاءُ بعض الأحزاب والحركات القومية على الحكم في بعض الدول، إذ سيتسبب هذا الأمر في تصعيد التوترات في العالم.. هذا الحدث سيساهم في تأزيم الأجواء الأمنية في العالم، وتفتيت النسيج الاجتماعي فيه.
واضحٌ مما سبق، أن العالم يعيش في أزمات حادة ومتعددة، وبالأخص في بؤر الصراع العالمية، بحر البلطيق، وبحر الصين، والشرق الأوسط، وأن هذه الأزمات في تصاعد، وهذا سيجعل العام 2023م، عاما ساخنا، يهيئ الأرضية لإشعال فتيل الحرب العالمية النووية الثالثة عاجلا أم آجلا، ما لم يَعُدِ المتصارعون إلى رشدهم قبل فوات الأوان.