حاولوا دفننا ولم يعلموا إننا بذور
عبدالله جعفر كوفلي
حاولوا دفننا ولم يعلموا إننا بذور.. عمليات الانفال السيئة الصيت نموذجاً
قبل اكثر من ثلاثين عاماً انطلقت عمليات عسكرية داخل العراق الذي يأخذ انظمته السياسية من الحروب الخارجية و الداخلية قوتها و استمراريتها و بقائها اطول فترة ممكنة ضد الشعب الكوردستاني بهدف ابادته جماعياً ، هذه العمليات سميت باسم الانفال نسبة الى احدى سور القران الكريم ،و التي تعني في ادق معانيها و تفسيرها الغنائم و كيفية تقسيم هذه الغنائم ، و الاسلام منهم براء , بدأت هذه العملية الجرارة على مراحل لتشمل جميع مناطق كوردستان دون استثناء كان اخرها لمنطقة بادينان ، و انتهت هذه المأساة بالقبض على الاهالي من الاطفال و النساء و الشيوخ ليجدوا انفسهم في اراض قاحلة دون مسكن و مأوى في منطقة بحركة في اربيل بعد طول المعاناة و التعذيب تحت سياط الاعداء و الجوع في القلاع ، ولعب أهالي اربيل دورهم القومي المنتظر والمشهود بتقديم المساعدات، اما الرجال فكان مصيرهم الدفن احياء تحت رمال الصحراء التي لاترحم ، و الذين تمكنوا من الفرار الى ايران و تركيا فكان معاملة جنود هذه الدول لا تقل عن نظيرهم في العراق و الاسكان في مخيمات تفتقر الى ابسط مقومات الحياة .
ان الهدف من هذه العمليات العسكرية التي شاركت فيها كل صنوف الجيش و اجهزة الامن و الاستخبارات هو ابادة الجنس الكوردستاني و تحويل منطقتهم الى ثكنة عسكرية محرمة للمدنيين ، و ان كانت قسماً من اهدافهم قد تحققت ، و لكنه خاب ظنهم و تبددت آمالهم ، لأن الشعب الكوردستاني العريق يأخذ من صلابة الجبال ارادتهم القوية ، و انه شعبه دعائمه الجماجم و الدم تتحطم الدنيا و لا يتحطم .. كما قال الشاعر القدير محمد مهدي الجواهري .
ان عمليات الانفال السيئة الصيت حلقة من حلقات تعامل الانظمة السياسية العراقية المتعاقبة ضد الشعب الكوردي الذي ظل و لا يزال يناضل من اجل حقوقه المشروعة ، و انهم يحاولون دائماً دفننا للقضاء على على هذا الشعب الاعزل وطموحاته واماله المشروعة ، و لكنهم لا يستفيدون من التجارب الماضية و مصير اسلافهم ، و بعد كل مرة ينطلق هذا الشعب انطلاقة الصواريخ بأرادة صامدة و جديدة نحو العلا ليجد نفسه حاضراً في المحافل الدولية صوتاً مسموعاً يهز الضمير الانساني و المجتمع الدولي ، لأنه بذور الخير و خدمة الانسانية تمتد جذوره الى الاعماق ليعانق السماء - كشجرة اصلها ثابت و فرعها في السماء – و كانت الحسرة و الندامة من نصيبهم بعد كل مؤامرة و عملية ، ناهيك عن خاتمة السوء و جر اذناب الخزي و العار و خلف القبضان و معانقة المشانق ..
ان الاحداث تدلنا على ان من يقف وراء ابادة الشعب الكوردي و من يدعم هذا الاتجاه فكانت نهايتهم قريبة بأبشع صوره ، و بعد كل مؤامرة او عملية تبدأ البذور الكوردستانية تنمو بحلة جديدة ، فبعد مؤامرة الجزائر المشؤومة في عام 1975 بدأت شرارة ثورة كولان التقدمية بالانطلاق لتهز عرش النظام العراقي و بعدها يدخل في حرب طاحنة مع إيران ذهبت ضحيتها الملايين .
و بعد عمليات الانفال عام 1988بدأ غرور النظام العراقي ذروته بغزو الكويت لتنطلق الانتفاضة الشعبية في الجنوب و كوردستان تنتهي بأنشاء منطقة حظر الطيران و تشكيل برلمان و حكومة للأقليم بعد الهجرة المليونية ليجد الشعب الكوردستاني نفسه بين احضان المجتمع الدولي و يرفع اسم و علم الاقليم عالياً يرفرف .
و اخيراً و ليس آخراً ان جميع من وقفوا بالضد من حق الشعب الكوردستاني بتقرير مصيره و تعبيره عن رأيه و يقول كلمته في الاستفتاء الشعبي الذي جرى في 25/9/2017 و حاولو بشتى الوسائل شد الخناق على هذا الشعب بين التهديد و الوعيد و العزل و غلق الحدود و حك المؤامرات ، فكان مصيرهم الخذلان يعانون من آلام جراحهم الملتهبة التي ربما تنتهي بانهائهم او بتر اجزاءهم و يتوسلون للاقليم بمساعدتهم و بقي الشعب صامداً لانهم البذور التي ينتظر منهم الثمر الجيد مقاوماً صابراً حتى تحقيق النصر المجد والخلود لضحايا الانفال و العار لاعداء كوردستان .