تهديدات تركيا...
انس محمود الشيخ مظهر
تهديدات تركيا موجهة لاقليم كوردستان اكثر ما هي لحزب العمال الكوردستاني
بعد ان سيطرت القوات التركية على عفرين وانسحاب المقاتلين الكورد منها , غيرت تركيا خطابها من التهديد بالتوجه الى منبج وتل رفعت الى التلويح بالهجوم على شنكال والمناطق الحدودية في اقليم كوردستان , مهددة بانهاء تواجد فصائل تابعة لحزب العمال الكوردستاني هناك .
رافقت التهديدات هذه تاكيدات تركية بحصول اتفاق بينها وبين الجانب العراقي , رغم نفي الجانب العراقي حصول هذا الاتفاق , الا ان طبيعة الرد العراقي سواء من الخارجية او بعض مليشيات الحشد الشعبي تعطي مؤشرات لاحتمالية وجود تنسيق بين البلدين بهذا الخصوص .
فبعد وصول المنطقة الى مرحلة توزيع النفوذ خاصة في سوريا , فان الدول الاقليمية شانها في ذلك شان الدول العظمى تحاول الحصول على اكبر عدد من المكتسبات , ومن بين هذه الدول ..تركيا , التي يمثل الملف الكوردي عندها الهاجس الاكبر سواء في سوريا او العراق , حيث ان النظرة التركية لهذا الملف يلغي الحدود السورية العراقية لتتوحد توجهاتها ازاء تطورات الملف الكوردي في الدولتين . وعلى هذا الاساس فان اولويات تركيا ازاء المنطقة الكوردية في جنوبها يمكن تلخيصها في النقاط التالية : -
- عدم السماح بقيام اقليم كوردي في سوريا على غرار ما هو موجود في اقليم كوردستان العراق , واذا كان لابد من قيامه فيجب ان يكون اقليما مطوعا , يمتلك مساحة صغيرة من الحركة والمناورة السياسية , من خلال محاصرته اقتصاديا وسياسيا ومنعه من الوصول الى البحر , وهي مستعدة في سبيل تحقيق هذا الهدف من التنسيق مع حكومة بشار الاسد التي ناصبتها العداء طوال السنوات الماضية .. وتجلى هذا التنسيق في الموقف السوري المهادن لاحتلال عفرين من قبل تركيا ولتهديداتها بالتوجه الى تل رفعت ومنبج , اضف اليه المساومات السياسية بينهما حول الغوطة ومدينة حلب بشكل عام .
- منع التواصل الجغرافي والسياسي بين اقليم كوردستان والمناطق الكوردية في سوريا للحيلولة دون خلق مصالح كوردية موحدة في المنطقة . ولكي تحقق هذا الهدف فهي مستعدة للتنسيق المباشر مع الحكومتين العراقية والسورية في ان واحد والوصول الى مقايضات سياسية مع الجانب الامريكي الموجود بقوة في المنطقة .
- اضعاف دور اقليم كوردستان في انه يمثل حلقة الوصل الوحيدة بين تركيا والسوق العراقي , من خلال تامين خط تجاري اخر يربطها مع العراق مباشرة عبر الاراضي السورية دون المرور باراضي الاقليم . وهو من احدى الاسباب التي تجعلها تهدد بالتوجه بعد عفرين الى الحدود السورية العراقية . وان كانت هذه الخطوة مرهونة بموافقة امريكية لتواجدها المكثف في الطرف الاخر من الحدود في كوردستان سوريا , الا ان الموافقة الامريكية هذه ليست مستبعدة اذا ساومتها تركيا على التراجع عن التوجه الى تلك الحدود مقابل تامين خط تجاري لها داخل الاراضي السورية يربطها بالعراق خارج اراضي اقليم كوردستان .
- التواجد التركي على الحدود العراقية السورية في مناطق شنكال يعزز الرغبة الامريكية في ضمان قطع التواصل الايراني مع لبنان عبر الاراضي العراقية والسورية , وعليه فان امريكا لن تعارض بقوة هذه الخطوة التركية .
هذه النقاط وغيرها كثير توضح سبب ردود الافعال الخجولة من قبل العراق ازاء التهديدات التركية في القيام بعملية داخل الاراضي العراقي في كوردستان وتفسر كذلك تغير الاولويات التركية من السيطرة على جبال قنديل الى اجتياح منطقة شنكال ( سنجار) . وان كانت القوات التركية قد دخلت اقليم كوردستان في منطقة نيروه وريكان التابعة لقضاء العمادية ومنطقة سيدكان التابعة لقضاء سوران , وهذا لا يعني ان عينها ليست على شنكال , فتحركاتها في مناطق حدودية كسيدكان وسوران هي جس نبض لردود الافعال الدولية والاقليمية حيال نيتها الدخول الى شنكال ( سنجار) لاحقا . فاذا جوبه الدخول التركي الى مناطق سيدكان وسوران بمعارضة دولية فان تركيا ستلجا الى التنسيق مع الجانب العراقي في دخول القوات العراقية الى مناطق شنكال ( وهو ما حدث فعلا) , مع الاخذ بنظر الاعتبار عدم الرغبة التركية في وصول تلك القوات العراقية الى حدودها , فتركيا تفضل الجار الكوردي على الجار الشيعي لكن ان يكون الجار الكوردي ( اقليم كوردستان) جارا ضعيفا تهيمن على قراره السياسي والاقتصادي .