تلك المعذبة

تلك المعذبة

امير الداغستاني

2024-05-19T09:17:16+00:00

لم تقوٰ على المقاومة، فقد احبته بكل الحرمان الذي كانت تعيشه مع زوجها الذي هجرها وابنتها ، أصبحت تتنفسه فقد كان الواحة التي سكنت إليها. لم يبد عليه أنه كان يلهو ،  فقد أحست بأنه يبادلها المشاعر نفسها. كانا يقضيان الساعات معا ، يضحكان كطفلين، كأن هذه الضحكات كانت انعكاسا لسعادتهما. بدأ كل شيء يتغير ، ودون مقدمات اختفى من حياتها . هذا الذي كانت تشاطره دقائق حياتها،  اختفى! . أين ذهب؟! كيف تغير ؟! ، ماذا جرى ؟!!

لم تجد إجابة لتساؤلاتها .

أصبحت في أوقات عملها تقف كثيرا خلف شباك غرفتها  ترقب المرآب الذي يركن فيه سيارته حين يأتي إلى الشركة التي يعمل فيها.  تلمحه أحيانا وهو ينزل منها مسرعا دون أن يكلف نفسه الالتفات إلى تلك المعذبة.  رأيتها مرة بعد خروجها من العمل تجلس على الرصيف ، يائسة بائسة ملأ هيئتها الحزن والضياع ،  رق لحالها قلبي  ،  اقتربت منها ، وسألتها مابالكِ يا أختاه؟ رفعت عينيها بصعوبة وكأنها تحمل هموم الدنيا على رأسها.

ودون أن تحاول ان تعرف من أكون، اجابتني بصوتٍ منهك : أحببت شخصاً  غدر بي وتركني فريسة الهم والضياع. حتى وصلت لهذا الحال الذي تراني عليه ، ، خُدعتُ بحبهِ ومنحته كل مشاعري ..، 

اهٍ ايها الغريب ، يبدو انني كنت أعيش في اكبر وهم في حياتي، لقد صدقته وانجرفت خلفه دون أن أفكر ولو للحظة  انه يتركني يوما ما... 

 كان محترفا بمشاعره المزيفة التي أوهمني فيها  .. خدعني بكلماته وزيف مشاعره، وطالما صور لي طريق السعادة الكاذبة  ، حتى منحته قلبي باكمله ، تظاهره بحبي كان يجعلني اظن أنني حبه الأول والاخير ولايمكن ان يفكر يوماً بغيري او يغادر حياتي ! ، لكنه فجأة وبدون سابق إنذار، فعلها ورماني كما يرمي وردة جورية ذبلت ونفذ عطرها ، ليحطم قلبي دون أن يكترث إلى مصيري وماسيحل بي من وجع بعد رحيله .

لا اصدق ما يحدث ، آه ما أتعسني! لقد أصبحت كالمجنونة أردد  هل في لحظة انتهى كل شيء وتبخر مثل خيط دخان !؟  

استمعت إليها بكل ما أحمله من وجع ، أنا الذي خرجت توا من تجربة حب  لم أجن منها سوى الخواء ، فقلت لها مواسياً : لا عليكِ عزيزتي ، حاولي أن تنسي ماحدث ، رغم علمي أن الغدر قاسٍ وصعب لايحتمل ، لكن لا شيء أقدمه لك سوى نصيحتي :- حذاري أن تحبي  من الأعماق .!! أتركي متسعا للخيبة ، فلا عُمر يكفي للملمة جراحٍ أخرى .

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon