تـظاهرات ايـران جرس انذار لاقـرب جـار
مؤيد عبد الستار
انطلقت التظاهرات الايرانية في مدينة مشهد وانتقلت كالنار في الهشيم الى مدن اخرى ، تظاهرات غاضبة خلفت بعض الضحايا واضرارا مادية وتجاوزات على مراكز الشرطة وبعض المساجد والمرافق العامة .
شجعت التظاهرات بعض القوى والدول لاستغلالها للدخول في معترك الساحة الايرانية لتحويل مسارها بما يخدم مصالحها ، واكبر من يحاول استغلالها هم قوى المعارضة المقيمة في الخارج وامريكا التي دعت لعقد جلسة لمجلس الامن حول ايران .
بالمقابل حذرت روسيا من مغبة اشراك مجلس الامن فيما لا يعنيه والتدخل بشؤون الدول من اجل تغيير انظمة الحكم فيها.
وبغض النظر عن من سيسـتـفـيـد من هذه التظاهرات ومن سيحصد ثمارها ، بالرغم من خمود وتيرتها ، الا انها ستبقى تمثل اكبر هزة سياسية تتعرض لها الحكومة الايرانية خلال العقد الاخير ، والظاهر ان الحرب في سوريا ومشاركة ايران فيها كانت عاملا في لجم المعارضين خلال السنوات الماضية ومنعتهم من الظهور في الشارع ورفع صوتهم ضد الوضع الاقتصادي المزري وانتشار البطالة بين الشباب وشيوع الفقر في اوساط الطبقات الدنيا من المجتمع التي لم يتسنى لها المشاركة في الاحزاب والقوى المسيطرة على مفاصل الدولة واقتصادها.
ان اعلان روسيا النصر في سوريا و اعلان العبادي النصر في بغداد على داعش ، منح المعارضين فرصة رفع اصابع الاحتجاج علنا في شوارع ايران وازالة عامل الخوف من النفوس التي تنفست الصعداء بعد اعلان النصر على الارهاب في سوريا والعراق .
تتهم الحكومة الايرانية المتظاهرين وتقسمهم الى قسمين ، الاول له مطالب اقتصادية مشروعة تؤيدها وتعمل على تلبيتها وحل معضلات البطالة والفقر ، والقسم الاخر يستغل التظاهرات لاشاعة الفوضى وتأجيج الاضطرابات من اجل تخريب الامن والعمل على استفزاز القوات الامنية كي يحصلوا على دعم خارجي .
ولو وضعنا الامر تحت مجهر التحليل المنطقي سنجد ان قمع الحريات وسيطرة الاتجاه الديني المتزمت وفرض الحجاب والتضييق على الشباب وشيوع البطالة وزيادة معدلات الفقر وانتشار المخدرات وغيرها اججت الاحتجاجات الشعبية ، وهو ما لا يمكن ان يكون بدوافع خارجية ، فانتشار التظاهرات على هذا المستوى العام والشامل وبعفوية تدل على انها حراك جماهيري ، ولكن هذا لا ينفي محاولات من هنا وهناك لخطف الحراك الجماهيري من قبل بعض القوى الداخلية في ايران والخارجية ايضا .
ان ايران في مرمى اعداء لها في الساحة الاقليمية ، وصراعها مع المملكة السعودية ليس خافيا على أحد ، كذلك دوليا ، فصراعها مع امريكا واسرائيل لن يتركها تعيش بسلام ايضا .
ولكن الضغط الذي يسلطه الحكم الذي يستند على عقلية فقهاء يمتحون اساليبهم في الحكم من مجاهل التاريخ ومن كوى الظلام بدلا من ترك هذه المهام في التكايا والزوايا يلهوا بها جهال الدين وفقهاء الظلام هو الذي يدفع المواطنين الايرانيين الى التنفيس عن الكبت المسلط كالسيف فوق رؤوسهم والخروج في الشوارع بصدور عارية يهتفون بسقوط الحكومة الاصولية الاسلاموية ورموزها .
مثل هذه التظاهرات انتشرت في بغداد ايضا قبل اكثر من عامين ، واستمر حراك الجماهير شديدا - وشاع شعار باسم الدين باكونا الحرامية - وتأزمت الاوضاع في اوساط القوى المتزمتة التي سيطرت على مفاصل الاقتصاد والسياسة في الحكم ، ولكن صعود نجم رئيس الوزراء العبادي وزعمه محاربة الفساد ، وبتشجيع من المرجعية الدينية الشيعية العليا التي طالبت بضرب الفساد بيد حديد ، اعطى جماهير المحتجين على سياسة الحكومة املا ظل بعيد المنال ، وفشل العبادي في تقديم اي مركز قوي متهم بالفساد الى القضاء الذي لا يطمئن المواطن الى اجراءاته المهادنة ، لذلك فان اجراس الاحتجاج التي تقرع في طهران سرعان ما ستجد صداها في شوارع بغداد ان لم تعجل الحكومة بالاسراع في محاسبة الفاسدين وتقديمهم الى العدالة وانتزاع الاموال التي نهبوها من فم المواطنين الفقراء واعادتها الى ابناء الشعب الذين يفتقرون الى ابسط الخدمات ، وها هي الحكومة بعد نهب المليارات من ميزانية الدولة لسنوات ستذهب الى الكويت الشهر المقبل لتجلس على مسطبة تسول المنح من الدول الخليجية وغيرها عسى ان تحصل على لقمة دسمة سيكون مصيرها الاختفاء في بطون حيتان الفساد من جديد.