العراق اولى بالمشاريع من إنشائها في الخارج
ماجد زيدان
مع كل زيارة رئيس دولة او ازمة تظهر دعوات لإقامة هذا المشروع او ذاك خارج العراق بذريعة حل الازمة الناشبة في الظرف الراهن , في الايام القليلة الماضية كشف عن وجود دراسة لفكرة انشاء مجمع للبتروكيمياويات والمصافي في عين السّخنة بمصر، وأن مثل هذا المجمع يعد من الصناعات النفطية الاستراتيجية التي يفتقد اليها العراق، وما يملكه مثلها تعتبر "متقادمة جدا", حتى مشروع "النبراس" المزمع انشاؤه في البصرة انسحبت منه الشركة المنفذة بذريعة تغيير الاهتمام, رغم الحاجة الملحة له وتأخر المباشرة فيه اكثر من عشر سنوات وتبحث الحكومة عن شركاء جدد لاستثماره او منفذين له.
اليوم بمناسبة زيارة الرئيس التركي اعلن من ضمن ما اعلن عنه اشراف شركات تركية على استغلال المياه واستثمارها في بلادنا وهذا مورد يفوق النفط في الاهمية وكأن العراق بلا خبرة اطلاقا في هذا المجال , وتغاضينا عن ان تركيا سببا رئيسا في ازمة المياه , مثل هذا الموضوع الحساس والهام كان الاجدى اعلان نص تفاصيله لاطمئنان المواطن على امنه المائي والخروج حقا من ازمة التعطيش السياسي التي تمارس بحق العراق من جيرانه .
المخاوف لها ما يبررها , فقبل فترة دعا اكثر من مختص الى انشاء سدود مشتركة مع تركيا في اراضيها لصالح العراق وبتمويل منه !, وبالتالي رهن الامن المائي بخارج الحدود وتركه للأهواء السياسية والمزاجية والتحكم بمصدر الحياة والخضوع للضغوط من خلال صنبور المياه , والتنازل عن حقنا في حصة مائية عادلة وفقا للقانون الدولي الذي ترفض الجارة الاقرار به منذ سنين طوال هي والجارة الاخرى ايران .
الواقع ان المخاوف , ايضا ,واردة من السلطات في بلادنا في ان تحل المسالة على اساس المصالح الضيقة وليس على اعتبارات ومبادئ المصالح الوطنية الاستراتيجية وعدم التفريط باي شكل كان بالمورد المائي العنصر الضروري للحياة .
ان المياه والمشاريع الاستراتيجية الاخرى, لا ينبغي ان تكون عرضة للمساومات , فأي مساس فيها مساس بالسيادة والكيان العراقي , يمكن اقامة بعض المشاريع في حال تمكنت البلاد من انجاز حاجتها منها في داخلها , وضمنت آمنها منها , مادام التمويل عراقيا , ومن ثم التوجه للخارج لإقامة شراكات استثمارية لا تؤثر على القرار الوطني المستقل في أي ظروف كان , وبالتالي ندفع الثمن الباهظ , لاسيما اننا في وضع غير قادرين للدفاع عن مصالحنا الوطنية ولكن غير مجبرين على توقيع اتفاقات تلحق ضررا , ومثالا على ذلك الانبوب النفطي العراقي الذي استولت عليه الشقيقة السعودية , رغم ملكيته بالكامل عراقية ولا نستطيع استعادته الان .
لا يخفى على القارئ اهمية ومردودات المشاريع الوطنية الاقتصادية والتنموية , فما الجدوى من اقامتها خارج الحدود ونحن اولى بها لتفعيل الاقتصاد الوطني وتشغيل الناس العاطلة عن العمل الذين يتظاهرون يوميا للمطالبة بفرص عمل .
للأسف , العراق لا يملك سياسة مائية واضحة ولا رؤية استراتيجية , ويتقيد بما يشير عليه الخبراء من الاخذ بالأساليب الحديثة والجهات الرسمية غير قادرة على الجمع بين الدعوة لبناء السدود الصغيرة والكبيرة وخزن مياه السيول في المواسم المطيرة وعدم اهدار المياه في الخليج العربي الذي اصلا ينبغي تحلية مياهه اصبحت مسألة مستحقة من وقت طويل وتسهم في تعزيز الموارد المحلية وحل المعاناة الحياتية والاقتصادية , ولكن الحكومة على استعداد لدفع المليارات لتركيا لتدير المياه عنها .