السكوت أفضل يا رئيس الحكومة!
كفاح محمود كريم
فاجأنا رئيس حكومة كتلة القانون حيدر العبادي بتصريح (حنون) جدا قال فيه:
" لن نقف مكتوفي الأيدي حيال أي اعتداء على مواطن في إقليم كوردستان، ودعا سلطات الإقليم إلى احترام التظاهرات"
بينما ذهبت كتلته القائدة أم الأغلبية إلى:
" ضرورة تحرك قوات رئيس الحكومة الاتحادية إلى السليمانية واربيل وإسقاط ( النظام القبلي ) في شمال العراق!؟"
والسؤال المضحك المبكي بل المستغرب هو هذه الحنية الزائدة على مواطني كوردستان والتي نزلت فجأة، خاصة وإنهم يتعرضون للحصار والتجويع منذ بداية 2014م، حيث قطع حزبه المناضل وقائده المختار حصة الإقليم من الموازنة العامة والبالغة 17% مع إيقاف صرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين في سابقة لم تحدث منذ تأسيس الدولة العراقية، وقد بلغت الأموال التي سرقت بموجب النسبة المتفق عليها أكثر من أربعين مليار دولار مجموعة حقوق شعب كوردستان من الموازنة العامة للعراق لأربع سنوات!
والغريب إن ضمير رئيس حكومة حزب الدعوة لم يتحرك إطلاقا، حينما بدأ حشده الشعبي في انفلة سكان طوزخورماتو وقتل المئات منهم على الهوية القومية والسياسية، ومثلها فعلوا في كركوك وأحرقوا مئات من بيوت ومحلات الكورد وهجروا أكثر من 180 ألف مواطن، بل أنهم أعادوا ببشاعة سياسة التعريب سيئة الصيت إلى كركوك وبقية المناطق المستقطعة من كوردستان!
الآن فقط يا رئيس الحكومة (المفترض أنها اتحادية) ارتفع منسوب الحنية على مواطني كوردستان، بعد أن بدأتَ برنامجك للقضاء على إقليمهم المزدهر، وتهيئة الأرضية لتنفيذ نظام الأغلبية المذهبية السياسية التي ستعيد صياغة الدستور مع تطلعات حزبك في إقامة نظام ( إسلامي مذهبي ) شمولي يجمع حوله أتباع مستكينين لا حول لهم ولا قوة على سياسة سلفهم في صناعة الجحوش!
الذين استخدمتهم سيادة القائد العام للقوات المسلحة والحشد الشعبي في السليمانية وبلداتها في حرق ونهب وسلب مقرات الحكومة والأحزاب من البائسين الذين سيطالهم القانون وجدار كوردستان الأخلاقي والنضالي، لا يمثلون أولئك الذين قالوا نعم للاستفتاء في صرخة مدوية سمعها العالم اجمع، عكست رأي 92% من أبناء وبنات كوردستان.
كنا نتمنى حقا أن تكون صادقا تجاه شعب كوردستان وقيادته التي تعرفها أنت ورفاقك في الحزب والكتلة، التي تعمل على إشاعة الأحقاد والكراهية ضد الإقليم وشعبه ومؤسساته، لا أن تراوغ وتثقف من اجل اكتساحه واحتلاله وتنصيب مكتب تنفيذي وتشريعي على طريقة البعثيين أسلافكم في حكم العراق ودماره.
كوردستان تسير بوضوح نحو أهدافها، وقد صمدت أمام طوفانات كثيرة، وكانت جبالها مأوى لكم جميعا، عصمتكم من الغرق والهلاك، وها هي اليوم أيضا تحتضن الملايين من أبناء جلدتك ضاق بهم العراق من ظلمه وفساده وطغيانه، فاختاروا الكورد وكوردستان والبارزاني ملاذا آمنا لكرامتهم وشرفهم وحياتهم، وتذكر وأنت تتصور إن ما حصل في كركوك وشقيقاتها الكوردستانية نصرا افتراضيا تعرف جيدا حقيقته المبطنة، إن صداما وجيشه الجرار وكل العالم معه لم يكسر إرادة كوردستان وشعبها وقيادتها، وان ما يجري اليوم بعد الاستفتاء في كوردستان وحولها، للأسف الشديد امتداد بائس لثقافة البعث وداعش، والحمد لله انك أدركت نهايتهما ونتائجهما!