) الراتب ما يكفي) ..هاشتاك سعودي
جاسم الحلفي
تزامن انتشار هاشتاك المدونين السعوديين (الراتب ما يكفي)، على مواقع التواصل الاجتماعي، مع انتشار هاشتاك (لا للغلاء) الذي رفعه المحتجون الايرانيون في تظاهراتهم الأخيرة.
ويعبر رفع هذين الشعارين في الوقت عينه عن الاستياء من الوضع المعيشي في السعودية وايران، وعن ترابط الازمة الاقتصادية الاجتماعية في كلا البلدين. فالعديد من عوامل هذه الازمة متشابهة، رغم تباين أدوات السلطة فيهما، واختلاف طبيعة الشعبين، وطريقة تعبير كل منهما عن معارضته لسياسة حكومته.
مفاعيل الازمة مشتركة بين النظامين، وتكاد ان تكون واحدة، ابتداء بسياستهما الإقليمية، وبالأخص تورطهما في التدخل العسكري خارج حدودهما، كذلك الكلف السياسية والاعباء المالية المرهقة التي تأتي على حساب التنمية والبناء والخدمات العامة التي تقدم للمواطنين ومعيشتهم، الى جانب سباق التسلح وحجم الانفاق العسكري الذي يستحوذ على حصة الأسد من ميزانيات البلدين السنوية، وهبوط أسعار النفط في الفترة الماضية وحجم التداعيات الناتجة عن ذلك.
وتجدر الإشارة الى انه حينما فرضت واشنطن الحصار على إيران، وسببت لها مصاعب اقتصادية واجتماعية، فأنها وضعت السعودية في الوقت نفسه تحت طائلة الابتزاز، الذي كلفها خسائر مالية قد لا تقل عن الخسائر التي خلفها الحصار لايران. هذا إذا نظرنا الى النتائج، حينما يكون المعيار حجم الكلف المالية والاعباء الاقتصادية التي تحملها البلدان اثر هيمنة السياسة الامريكية، مرة على أساس العداء لإيران، ومرة على أساس الصداقة مع السعودية.
يمكن حساب قيمة العقود البالغة 380 مليار دولار التي وقعها النظام السعودي مع الولايات المتحدة الامريكية، للبرهنة على الكلفة الباهضة لـ (الصداقة) السعودية الأمريكية. وبهذا لا نجد اختلافا من حيث الكلفة المالية، بين الحصار المفروض على ايران، والابتزاز الأمريكي للسعودية، فكل منهما انعكس على حياة مواطني البلدين، وتسبب في تدهور وضعهما المعيشي.
وما يثير السخرية والاستهجان هو تركيز الاعلام السعودي، الرسمي وغير الرسمي، على الاحتجاجات الايرانية، وكأن الازمة بعيدة عنهم، بينما مفاعيلها تضرب في أعماق نظامهم. وقد فشلت المحاولات الهادفة الى حرف انظار مواطنيه، وهم في اعلى درجات السخط والتذمر، نحو التشفي من ايران كعدو خارجي. فالمتابع للوضع السعودي الداخلي، يلحظ دون عناء الجزع وعدم الرضا عن السياسة الاقتصادية الاجتماعية للسعودية.
يبدو ان القائمين على الاعلام السعودي، سواء منه الرسمي او غير الرسمي، لم يدركوا أن أي احتجاج شعبي في المنطقة سيؤثر بصورة مباشرة او غير مباشرة على أوضاع المنطقة برمتها. سواء وصل الحراك الى مبتغاه ام لم يصل. وان رفع المعنويات وصناعة الامل في التغيير، هما من الأهداف الجانبية لكفاح الحركة الاجتماعية، التي تستلهمها الشعوب. وبهذا فالنظام السعودي ليس بمنأى، مهما حاول تضبيب الرؤية، ومهما بلغ الاعلام من قدرة على ابعاد شبح الاحتجاجات.
لا نجافي الحقيقة حينما نجزم بان غاية أنظمة المنطقة هي الحفاظ على مواقعها في السلطة، التي تعني لها المال والنفوذ والامتيازات، وهي التي لا تحضى بدعم شعوبها، كونها لا تعبر عن تطلعاتهم.