الخوف من ارتفاع جديد للأسعار في رمضان والسلال الغذائية لم تصل حتى الآن
صادق الازرقي
صادق الازرقی/ بخلاف بلدان العالم التي تنخفض فيها اسعار السلع والمواد الاساسية في الاعياد والمناسبات ومنها مناسبات دينية فان بلدان العالم الاسلامي تشهد بالعكس ارتفاعا في الاسعار.
وتنخفض الأسعار في أعياد رأس السنة الميلادية في عديد البلدان الأوروبية وأمريكا لأسباب يعزوها الاقتصاديون الى ان أعياد رأس السنة تعد مدة مهمة للتسوق، وبالنتيجة يقوم كثير من التجار بتخفيض الأسعار وتقديم العروض الترويجية لجذب المزيد من العملاء وزيادة المبيعات.
فيزداد التنافس بين المتاجر والماركات في مدة العطلات، مما يدفعها الى خفض الأسعار وتقديم العروض الخاصة لجذب العملاء والتنافس مع المتاجر الأخرى، كما تشهد مدة أعياد رأس السنة زيادة في الطلب على مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات، ولتلبية هذا الطلب المتزايد، يمكن للشركات خفض الأسعار لجذب المزيد من العملاء.
وقد تستعمل الشركات مدة أعياد رأس السنة كفرصة للتخلص من المخزون الزائد عن طريق خفض الأسعار وتنظيم التخفيضات الكبيرة؛ كما يلفت المراقبون الى ان تقديم العروض وتخفيض الأسعار في أعياد رأس السنة يمكن أن يعزز من روح المرح والسعادة لدى العملاء ويجعلهم أكثر استعدادا لإنفاق المال على الهدايا والاحتفالات.
وبشكل عام، تعد مدة أعياد رأس السنة فرصة للمتاجر لزيادة المبيعات وتعزيز العلاقة مع العملاء بتقديم العروض وتخفيض الأسعار.
والملاحظ انه في كثير من البلدان العربية وبلدان العالم الاسلامي يحدث عكس ذلك تماما في الاعياد والمناسبات ومنها الدينية اذ ترتفع الأسعار فيها بخاصة في شهر رمضان فتقترن زيادة الطلب برفع الاسعار وليس خفضها.
وتستعمل الشركات والمتاجر تسويقًا مستهدفًا في شهر رمضان لترويج منتجاتها وزيادة المبيعات، وتجري زيادة الأسعار لربح أكبر من الموسم الذي يعد موسما تجاريا هاما.
ويقول مراقبون ان شراء الهدايا وتقديم العروض في شهر رمضان يعد جزءا من التقاليد والعادات الاجتماعية، وقد يستغل التجار وبعض اصحاب المتاجر ذلك توقعا لقبول رفع الأسعار بشكل عام كجزء من هذه التقاليد من دون مقاومة كبيرة من العملاء.
ويقول مراسلون ان الاسواق العراقية بدت مع اقتراب شهر رمضان، ممتلئة بالبضائع بخاصة المواد الغذائية الأساسية، في حين ظهرت حركة المتبضعين ضعيفة على خلاف السنوات الماضية بسبب الأسعار المرتفعة، ويأمل كثيرون أن توفر الحكومة "سلالا" غذائية بالتزامن مع الشهر، مشيرين الى ان أكثر ما يستهلكه العراقيون في رمضان من مواد غذائية هو الرز والزيت والسكر والطحين واللحوم الحمراء والبيضاء، وهي مواد أساسية لتحضير المائدة الرمضانية، وكذلك البيض والأجبان بأنواعها، وهناك تخوف من ارتفاع اسعارها في رمضان برغم وعود الحكومة بتوزيع سلة غذائية خاصة برمضان غير ان ذلك يسير بتلكؤ حتى الآن بحسب قول كثير من الناس.
ويقول احد سكان بغداد "لقد اعتدنا غلاء الأسعار مع حلول الشهر الفضيل من كل عام"، مطالبا الحكومة الوفاء بوعودها التي أطلقتها قبل مدة لدعم الأسعار وتوزيع سلّتين غذائيتين ضمن الحصة التموينية قبل أن تتفاقم الأزمة، بحسب تعبيره.
وتوقع تاجر جملة متخصص في بيع المواد الغذائية واللحوم ارتفاعا جديدا في أسعار المواد الغذائية، والسبب أن وزارة الزراعة تتأخر في إصدار إجازات الاستيراد للتجار برغم أن مجلس الوزراء أقرّ بضرورة الإسراع باستيراد المواد الغذائية الأساسية، بحسب قوله. ولقد اوصى المجلس الوزاري للاقتصاد، في نهاية شباط 2024 مجلس الوزراء بتخفيض الرسوم الكمركية على الحيوانات الحية المستوردة لأغراض الذبح والتربية (المواشي والأغنام) بنسبة 50% ولمدة سنة واحدة.
وارتفعت أسعار لحوم الأغنام والأبقار، في عموم محافظات العراق وإقليم كوردستان، ووصل سعر الكيلوغرام الواحد الى اكثر من 23 ألف دينار في كثير من المناطق، في حين أكد عاملون في مجال تربية الأغنام والأبقار، أن ارتفاع الأسعار سببه الجفاف وغلاء العلف الحيواني، وأيضاً الطلب المتزايد على اللحوم كونها مادة أساسية من مواد المائدة العراقية، وانبثقت مخاوف من ان ترتفع اسعار اللحوم اكثر في رمضان.
المتحدث باسم وزارة التجارة الاتحادية محمد حنون يقول أن الحكومة العراقية اتخذت جملة من الإجراءات لتفادي أزمة ارتفاع الأسعار ومواجهتها من خلال دعم البطاقة التموينية وتوزيع سلتين في شهر رمضان المبارك، مشيرا إلى إمكانية توفير سلة ثالثة، ويقول كثير من الناس ان السلال لم تصلهم حتى الآن.
من جهتها وزارة الداخلية، لفتت يوم 6 آذار 2024، الى استمرار حملة مراقبة الأسواق المحلية في بغداد وبقية المحافظات، لمنع التلاعب بالأسعار مع اقتراب حلول شهر رمضان.
ويقول المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد الموسوي، ان "القوات المختصة في وزارة الداخلية من الامن الاقتصادي بالتنسيق مع فرق الرقابة في وزارة التجارة، مستمرة بحملة مراقبة الأسواق المحلية كافة لغرض مراقبة الأسعار ومنع أي تلاعب بتلك الأسعار"، مشيرا الى ان "حملة المراقبة والمتابعة مستمرة بكافة الأسواق في بغداد والمحافظات، وسيتم اتخاذ اقصى العقوبات بحق كل من يريد التلاعب بالأسعار خلال هذه الأيام وخلال شهر رمضان المبارك، والحملة مستمرة لمنع الجشعين من استغلال المواطنين".
ويرى مراقبون، ان جشع التجار والتلاعب بالأسعار "محمي" من "جهات متنفذة"، لا تنفع معها رقابة، وهي الجهات نفسها التي تتحكم بسوق الدولار، التي تستغل المواسم لرفع الاسعار واحتكار استيراد المواد وتوزيعها، بحسب قولهم.
وتطالب المواطنة أم أحمد من محافظة بابل، في حديث لوكالة شفق نيوز "وزارتي التجارة والعمل بالتخفيف عن كاهل المواطن بزيادة مفردات السلة الغذائية بشهر رمضان، وشمول أعداد أكثر بالرعاية الاجتماعية للتخفيف عن المواطن البسيط، وكذلك على الجهات المعنية متابعة أصحاب المحال والتجار للقضاء على ظاهرة ارتفاع الأسعار في شهر رمضان".
وتنقل وكالة شفق نيوز عن مصدر مسؤول في وزارة التجارة، قوله ان الوزارة اعتمدت بالدرجة الأساس، تزامنا مع رمضان، تقصير المسافة الزمنية بين كل حصة تموينية وأخرى، التي كانت توزع كل 37 يوماً “لكن تم إطلاق الحصة الأولى يوم 5 شباط، والحصة الثانية ستطلق قبل دخول رمضان”.
ويشدد المصدر على أنه “ستتم إعادة تجربة السيارات الجوالة في الأقضية والنواحي والقصبات، والتي تحمل المواد الرئيسة من رز وسكر وزيت وبيض ولحم ومعجون ونشا وبرغل، وهذه السيارات سوف تنطلق إلى عموم المحافظات”، وفيما يتعلق بتلاعب التجار والباعة بالأسعار، ينوّه إلى أنه “في حال رصد مخالفة عبر الجولات الرقابية أو في حال الإبلاغ عن مخالفة من قبل المواطنين، سوف تتوجه الجهات الرقابية والأمنية ويتم التحرز على المحل، وأخذ تعهد بعدم كسر الأسعار في المستقبل، وفي حال التكرار لا يسمح لصاحب المحل بممارسة العمل التجاري، وقد يواجه عقوبة السجن والغرامة”.