الخطوات التوعوية في مواجهة مخاطر المرحلة
عبدالخالق الفلاح
الخلايا النائمة نستفيق بين حين واخر مستغلة ظروف البلاد والخلافات السياسية بين اطراف العملية مع تزايد الخلافات والارضية اللازمة لتحريكها .تحثنا للاستفادة من دروس الواقع الذي تعيشه البلاد والواقع من حولنا هو أن نستمسك بذلك الحس الجماعي نحو اللحمة الوطنية وأن نتحلى بالرؤية والفطنة حتى لا ننجرف في الزحام فنفقد الزمام .
التحديات تحوم حول مدننا والتفجيرات عادت للشارع من جديد في ظل ظروف ومرحلة حساسة ككل وغياب الثقة بين القوى السياسية في الداخل ومحاولة فرض الارادات بسقوف عالية وفق سياسة لي الاذرع والابتعاد عن التفاهمات بين المشتركين في العملية السياسية والذهاب نحوالخطابات المتهسترة من البعض من الاجنحة والاعتماد على المواقف الخارجية للبعض الاخر ووضع العقبات والمطبات امام عمل الحكومة وتقديم مطالب ملتوية ومتلونة لايمكن العبور منها بسهولة وفي وجود الاطماع والمطالب الاقليمية والدولية مما يجعل ادارة الدولة من الامور المعقدة وخاصة في ظل المخاطر التي تريد نسف العملية السياسية .
تشخيص الواقع هو نصف المعادلة أما النصف الآخر فيتلخص في توفر محاولات جادة للتقدم بحلول لما هو قائم فعلاً من مشاكل . الحلول لا تأتي بلمسة سحرية أو بالتمني بل تنبع في معظم الأحيان ، من طبيعة المشاكل نفسها ومن الظروف التي تحيط بها .
لم تكن هناك نوايا للمضي قدماً في عملية البناء ومكافحة الارهاب الذي يهدد حياة المواطنيين والذي لايمكن الانتصار عليه إلا بتوحيد الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية كما ثبت في العمليات الاخيرة في تحرير اكثر مناطق الموصل بعيداً عن المصالح الفئوية والحزبية والاستجابة الى نداءات المستصرخين والمظلومين في المدن والقصبات المعرضة للخطر والتي تحملت طيش جرذان الصحراء وعصابات البغي والظلال وصنعت مفهوم ضرورة محاربتهم والتصدي لهم بكل السبل قبل فوات الاوان والندم .
هنا حاجة لحكومة قادرة على ممارسة دورها كحكومة على جميع المناطق، ، وفكرة وطنية جامعة. وان لم تتوفر سابقاً إلا ان هناك فرصة سانحة للحكومة لتطبيق إصلاحات جذرية من أجل اِنقاذ العراق من المعضلة التي هو فيها بتطهير المرحلة من الشوائب وخاصة حل العقد السياسية بسبب الازمات المصنعة . كما ان الارهاب لم يهزم بعد والعنف مستمر،
لكن هذه لن تكون هي المشكلة الخطيرة في المدى البعيد بل ايجاد الوسائل لإستيعاب تنوعه السكاني المركّب من هويات لان إعادة بناء الدول المنقسمة من الصعب بقائها على طول الخط المشتركة وثبت ان هناك مشاريع مضلل وسط العملية يقودها من تسول له نفسه التئابط بالشروهو يعشعش في اداراتها ويعمل دون رقيب كما نشاهده ونراه بشكل لا يمكن لاحد ان يشكك فيه.
في الحقيقة نستطيع القول بأن إنقاذ العراق وتحويله من بلد مضطرب إلى بلد مستقر يتوقف نزيف الدم فيه يحتاج الى وقفة جادة وارادة حقيقية و لن يتحقق عبر هزيمة التنظيمات الارهابية التي خلقت من اجل تخلخل المنطقة ، وإِنَّما يحتاج الأَمر إِلى حلِّ العقد السِّياسيَّة، التي تخلق فراغاً يؤدي إلى تحرك قوى الشر والتي تمثل خطراً وجوديّاً في العالم ويقف العراق على رأس الدول التي تحاربه ويتقدم في محاربته. و ان التحدي الاكبر هو توحيد العملية السياسية وتحفيز الحراك الاجتماعي التي اضعفتها الصراعات الطائفية و الفريضة الغائبة والمهمة المفقودة في المجتمع ،وغياب صناعة التوافق الوطني العام وبناء السلام الاجتماعي وتعزيز شبكة العلاقات الوطنية وترصينها على أساس التفاهم والتعاون، من خلال جهد دؤوب وصبور لفض النزاعات وصناعة الثقة، وتنشيط الطاقات الإيجابية في المجتمع، وتحفيز الحراك الاجتماعي المُولِّد بدوره للأفكار والبدائل، وتنمية المصالحات الكبرى بين الفاعلين في الساحة السياسية .
أن ظهور الفساد وانتشاره لا يأتي من فراغ أذ ان لهُ مسببات سياسية واجتماعية واقتصادية وادارية فعلى الصعيد السياسي في بعض الاحيان تسمح المناخات السياسية للموظف والمسؤول وتتيح له ممارسة الفساد من خلال التلاعب بالقوانين وتوظيفها لصالحه ، في ظل ضعف وغياب المحاسبة القضائية التي قد لا تمتلك القدرة في مساءلة ومحاسبة المفسدين ، فضلاً سيادة حالة اللامبالاة وعدم الرغبة في محاربة الفساد. هذه الحالة تدل دون أدنى شك على وجود نظام سياسي فاشل وغير مبرمج ولا يستند على مبدأ الفصل الحقيقي بين السلطات في ظل ضعف وتراجع الديمقراطية وحرية المشاركة والتي تسهم بشكل أو باخر في تفشي ظاهرة الفساد بانواعها المتعددة . كما يسهم تراجع الوعي السياسي والثقافي للنخبة الحاكمة في تنامي ظواهر الفساد بسبب عدم ادراكهم ومعرفتهم بمتطلبات اتخاذ القرار وبات الخاسر الوحيد هو الشعب . والنخب والقيادات السياسية غير مبالية بالنتائج ، منشغلة بهمومها فقط مع وجود الانقسامات و التوقعات والطموحات تلاشى الرؤى والافكار تضمحل وتنصهر في بودق الصراعات الذاتية ، الساسة منشغلون بما تهيؤه انفسهم من فتن ورؤى تقسيم وارهاب ،و غير قادرون على معالجة الأمور بمفردهم بسبب ثقل التدخلات الخارجية وبسبب الفايروسات المدمرة التي بثت في الأرض العراقية وغياب المعالجات الشمولية التي تخص مجموع العراق ،وحتى المؤسسات التي ينتخبها الشعب فأنها لاتعمل لأجل العراق بقدر ما تتشظى الى الأتجاهات التي بدأت منها . إِنَّ فساد النخب في هذه المنظومة السياسية الُمعقدة وغير العادلة ٬أرغمت قطاعات واسعة من المجتمع العراقي على التعايش في إطارها و ألحقت ضرراً فادحاً بالشخصية العراقية ومشروعها الحضاري. كما أنها خلخلت وعن سابق قصد أركان وحدة الشعب العراقي وهزت بعنف بنيان التآخي الديني والقومي للمجتمع وشككت بكل ما هو وطني جامع عروة العراقيين٬ وأطلقت العنان للتطرف والإرهاب والجهل والانعزال. وباتت الأزمة العراقية في ظل توحش الفساد السياسي الطائفي حالة مستعصية ومتحجرة، تحتاج إلى جهود قوى الاعتدال والتنوير لزحزحتها وتفكيكها، فهي اليوم كتلة صماء مركبة من خليط معقد من التزمت والتخلف والعصبية والجهل بحيث باتت وباءً متوطنا في المجتمع، لأن ممارسات الفاسدين يدعمها توظيف كل موارد البلاد وإمكاناتها في مشروع الفساد ، فإنها تبقى بارزةً للعيان لكل من يبحث في مسيرة العملية ، ويتأمل في تفاعلاتها أو يتجذر في فهم تداعياتها الخطرة وخصوصا في هذه الايام وتمس واقعنا الثقافي والحياتي بكل اشكاله وضرورات المعيشة هي قائمة والخلاص منها يحتاج الى الاصغاء لمنطق العقل ولا تكفي لوحدها المبادرات المدنية، والخطوات الجماعية التي تعكس الشعور بالمسؤولية الوطنية، والمواقف الأخلاقية الجريئة التي تحقن الدماء وتكسر شوكة الاستقطابات الخاوية من المواطنة وتمنح الناس الأمل . والجهد التوعوي والثقافي هو من الوسائل المهمة والرائدة لاصلاح الوضع القائم الحالي وباتجاه الاهداف القصيرة الامد واخرى طويلة الامد.