أصوات النازحين تذروها الرياح
حسن سنجاري
كفل الدستور حق المواطن العراقي بالتصويت في الإنتخابات دون تمييز بين قومية أو طائفة أو مذهب في المادة (20) ما نصه ( للمواطنين رجالاً ونساءً , حق المشاركة في الشؤون العامة , والتمتع بالحقوق السياسية , بما فيها حق التصويت والإنتخاب والترشيح ) , وفي الثاني عشر من أيار الحالي زحف المئات من النازحين عن بكرة أبيهم للإدلاء بأصواتهم وممارسة حقهم المشروع , بالرغم من معاناتهم اليومية في خيم جرداء صيفاً وشتاءً متحملين ضنك العيش علاوة على ما تحملوه من بطش وتنكيل عصابات داعش الإرهابية , والتي أرغمتهم بالنزوح الى أقليم كوردستان تاركين وراءهم كل ما يملكون من حطام الدنيا وزينتها , لكنهم تمسكوا بعقيدتهم التي لا يساومون عليها تحت أية ظروف كانت , لينتخبوا من أبناء جلدتهم وقوميتهم ما يمثلهم في البرلمان العراقي , عبر صناديق الإقتراع والأمل يحدوهم للخلاص من أوجاع الغربة وآهاتها والعودة الى الديار وإن كانت أطلالاً , لانها تمثل الماضي والحاضر والمستقبل بالنسبة لهم .
لكن للأسف الشديد ظهرت نتائج الإنتخابات مخيبة للآمال وصدمة أدهشت الناخبين , بعد إعلانها من قبل المفوضية المستقلة للإنتخابات وصناديق الإقتراع لم تر النور لأنها مغلقة بإحكام , ولا تزال تراوح في مكانها في مخازن مخصصة لها , ولم تخضع لعمليات العد والفرز , وكأنها أصبحت في مهب الريح غير مبالين بحقوق الناخبين التي كفلها الدستور , ومن سيمثلهم تحت قبة البرلمان للدفاع عنهم , مما أثر وبشكل سلبي على معنوياتهم مستقبلاً , وعدم مشاركتهم في الإنتخابات القادمة أصبحت قاب قوسين أو ادنى , حيث لا أمل لهم فيها بعد اليوم لإهمال أصواتهم وعدم إحتسابها , نتيجة سوء إدارة المفوضية لملف الإنتخابات الخاص بالنازحين , بعد أن أعتبر الكثير من المراقبين والسياسيين بأنها أفشل عملية إنتخابية شهدها العراق .
أية ديمقراطية نعيشها ؟ وأية حقوق للإنسان ننادي بها ؟ لأن التصويت في الإنتخابات أبسط حق من حقوق المواطن الذي بموجبه يتمكن من تغيير الواقع الفاسد نحو الأفضل , عبر أصابعهم البنفسجية التي أصبحت من الذكريات لا غير , فماذا تترجى من هكذا ديمقراطية ؟ بعد أن عانى العراقيين الأمرين من سوء إدارة الدولة وإستشراء الفساد في جميع مفاصلها , وسيطرة بعض الكتل المتنفذة على المشهد السياسي العراقي , والتحكم بمصيره وفق ما تمليه أجندات خارجية حفاظاً على مصالحها القومية .
الأمل الوحيد للنازحين بالقيادة الحكيمة لإقليم كوردستان والأحزاب الكوردستانية الفائزة في الإنتخابات , وضرورة رص الصفوف وتوحيد الكلمة بعيداً عن التخندق الحزبي ليكونوا يداً واحدة ويشكلوا تحالفاً كوردياً متيناً للمطالبة بالحقوق المسلوبة , والإصرارعلى تطبيق المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها وإلحاقها بالإقليم , وإعادة النازحين معززين مكرمين , وتعويض المتضررين منهم , بعد إعمار المدن والقرى التي تعرضت للدمار الشامل على يد قوى الشر , لتعود عجلة الحياة للدوران كما كانت قبل إنسحاب قوات البيشمركة الأبطال منها على أثر أحداث السادس عشر من أكتوبر الماضي .