11 عاماً على مأساة الكورد الفيليين في المهجر
د. منيرة أوميد/ وتستمر الايام القاسية علينا، لا تريد لنا الراحة، ويستمر نزيف الدم العراقي مدراراً لا يتوقف. يؤسفنا والألم يعتصر قلوبنا ونستذكر خبر غرق عشرات من اخوتكم الكورد الفيليين في طريق رحلتهم الى بلد اللجوء استراليا، حيث ضمن قافلة الضحايا للسفينة الخشبية التي غرقت ليلة السبت على الأحد 18 من الشهر الجاري كانون الأول (ديسمبر) 2011، قبالة سواحل اندونيسيا، والذي كانت تحمل على متنها 250 مهاجراً كان هناك ما لا يقل من ستين شخصاً من الكورد الفيليين المهجرين في إيران بضمنهم تسعة من عائلة واحدة هي عائلة عبد السلام احمدي زادة الملكشاهي الذي فقد زوجته وابناءه الثلاثة واخته واربعة من عائلة اخواته. وهم اعتبروا من عداد المفقودين. علماً انه وردت معلومات حسب اخر احصاء انه تم انتشال 74 شخصاً ما زالوا في المستشفى وليس هناك أية وسيلة لاتصال بهم او معرفة هوياتهم وحالاتهم. بينما اخبار اخرى تحدثت فقط عن نجاة 33 شخصاً.
تعرض الكورد الفيليون في العراق الى حملة ابادة جماعية على يد النظام العفلقي البعثي الفاشي في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم. وعلى الرغم من مرور ما يقارب من تسع اعوام على سقوط النظام السابق لم تتخذ الحكومة العراقية أي خطوة جدية لاعادتهم الى وطنهم وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار. خاصة وقد أقرت المحكمة الجنائية العراقية العليا في جلسة عقدت نهاية شهر تشرين الثاني من عام 2010 أن ما حدث بحقهم كانت جريمة ابادة جماعية وضد الإنسانية بامتياز وأصدرت أحكامها بحق المدانين ثم أصدر مجلس الوزراء في 8/12/2010 بيانا رحب فيه –بقرار المحكمة الجنائية العليا.وتعهد بإزالة كافة الآثار السيئة التي نتجت عن –القرارات الجائرة التي أصدرها النظام البائد بحق أبناء الشعب العراقي من الكورد الفيليين، منها إسقاط الجنسية العراقية عنهم، ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، وحقوقهم المغتصبة الأخرى. ثم صوت مجلس النواب العراقي بالإجماع في جلسته الاعتيادية السادسة عشر التي عقدت في 1/8/2011 على قرار ما لحق الكورد الفيليين هي جريمة ابادة جماعية.
ولكن حال الكورد الفيليين بقى كما هو واستمر وجودهم في المنافي وخاصة ايران التي لا تعترف بهم ولا تمنح اية صفة قانونية لوجودهم على ارضها و يعيش الكثيرون منهم في مخيمات للجوء تفتقر الى ابسط الشروط الانسانية للعيش ومنذ اكثر من ثلاثة عقود. وتمنحهم ايران بطاقة بيضاء تحمل اسم حامله وهي وثيقة اثبات للهوية لا توفر اي حقوق ولا يمكن بموجبها القيام باي عملية قانونية مثل العمل والشراء والبيع والزواج والطلاق واي شئ يحتاجون اليه في تعاملاتهم اليومية.
تلك الظروف زادت من معاناتهم وخاصة الجيل الثاني من ابنائهم ونتيجة لفقدهم الامل بوطنهم الام العراق وبالبلد الذي هجروا اليه، اضطر الكثيرون منهم ركوب الصعاب للبحث على ملجأ وحياة افضل لهم ولابنائهم دفعوا فيها اغلى ما يملكون وهو حياتهم..
ومنها محاولة اللجوء الى استراليا عبر اندونيسيا ثم يشقون عبر قوارب التهريب وعصاباتها عباب المحيط يفقدون فيها ارواحهم بعد ان دفعوا كل ما يمكلكون لمافيات التهريب. والحادثة الاخيرة هي الثالثة من نوعها التي كشف النقاب عنها. الاولى حدثت عام 2001 وكان عدد الضحايا اكثر من 418 عراقياً بينهم كان ما يزيد عن 300 من الكورد الفيليين، وقد تحدث الناجون عن تلك المأساة بصور اشبه بالخيال – ترجمها المخرج هادي ماهود قبل سنوات الى فيلم اطلق عليه – سندباديون – أو – تيتانك العراقيين الفقراء.
الحادثة الثانية حين غرقت في شهر كانون الاول ديسمبر 2010 سفينة قدر ضحاياه باكثر من 300 والناجين ب80 شخصاً. واثارت الحادثة في وقتها حفيظة منظمات حقوق الانسان في دولة ليس عندها برنامج واضح لاستقبال اللاجئين. لان وحتى الناجين يقعون عرضة للاعتقال في اماكن للحجز ريثما تدرس حالاتهم لفترات قد تطول الى سنين.
ويشكل الكورد وخاصة الكورد الفيليون نسبة كبيرة من هؤلاء اللاجئين وخاصة اولئك الذين بقوا في المهجر الايراني منذ عقود. وكانت الحكومة الأسترالية ترفض طلباتهم حتى وقت قريب لكونهم كورداً وان الظرف في اقليم كوردستان مستتب وآمن .. حتى تدخل ناشطون من الكورد الفيليين لدى الحكومة الاسترالية وحصلوا على قرار استثناء لهم قبل اشهر على ان تدرس كل حالة على انفراد، ورغم ان القرار انقذ مصير الكثير من العوائل التي كانت محجوزة هناك الا انه تسبب في ارباك آخر هو لجوء الكثيرين الى الادعاء انهم من الكورد الفيليين رغم انهم من جنسيات أخرى.
وعلى الرغم ان عدد اللاجئين الى استراليا يعتبر صغيراً حيث لم يصل الى 7000 لاجئ عام 2010 معظمهم من الافغان والعراقيين والكورد، الا انه يثير جدالاً وخاصة في الاوساط الحاكمة ، حيث ردت الهيئة القضائية العليا في استراليا في اغسطس المنصرم مشروعا للحكومة كانت ترمي الى ابعاد 800 طالب لجوء الى ماليزيا اثناء دراسة ملفهم، مقابل استضافة أربعة آلاف لاجىء في ماليزيا معظمهم من البورميين، على مدى أربع سنوات.