يوم للقاء الفيليين
علي حسين فيلي/ في هذا العهد، فان تطوير وهيمنة الايديولوجيا الحزبية على جميع المصالح القومية اكتسى صبغة اعتيادية، وصار للكورد انموذجا صارخا لا يحتمل الانكار.
وعلى هامش هذا فان شحن المجتمع بنفوذ المذاهب لم يدع اي دور او خطط حاسمة لبرنامج مناسب لرغبات واهداف الكورد الشرعية.
وكانموذج اول ناجح لجعل الثورة والكفاح ترتدي صبغة قومية، كانت لفلسفة البارزاني الخالد بشكل خاص وقيادات الحزب الديمقراطي بشكل عام، دورا جامعا لقدرات جميع المكونات والاديان والمذاهب الكوردية والكوردستانية واذابتها داخل فرصة حملت اسم ثورة ايلول وسجلت تاريخا مهيبا.
ولكن اليوم، فان ادبيات الاحزاب من هذا المنظار لا تُبذل الجهود لتطبيقها اصلا. والشرائح الكوردية خارج الاقليم تتجمع في هذه الايام الايديولوجيات والافكار القومية في دواخلهم، ولا تتجسد في الاعمال والنشاطات اليومية.
يتم الحديث عن يوم التضحية بشكل خجول، ولكن لا يتم الحديث البتة عن مطالب ورغبات الناجين من الابادة الجماعية. ومن هذه الزاوية، فان الفيليين بعد اكثر من نصف قرن من الانقطاع عن الفكر السياسي القومي والتشظي في الدول البعيدة عن الوطن ومسقط الرأس، ومقارنة بالآفاق الاخرى، لم يمنحوا فرصة اعادة تحديث معرفة الفكر القومي في وقت لم يغيبوا فيه عن النهج، ولكن تم حرمانهم بكل الاشكال من الدراسة باللغة الأم حتى لا يمكن ان يتم الاهتمام بهم في برنامج عمل في تعامل الكورد مع الكورد.
هذه الحقيقة التي تؤكد بان الكورد ومنذ قدم الزمان لم يتعرفوا على العالم الا عن طريق لغة السلطة - العربية والفارسية والتركية - بل ان شرائح امتهم يتم التعرف عليها في جغرافية مزورة لتلك الدول التي تتواجد فيها. ومن الطبيعي وبسبب عدد من العوامل فان مصادر هذه اللغات لم تكن صادقة تجاه الكورد ولم تكن محايدة ولكن كانت اداة للتواصل.
والان الفيليون فيما يخص العوامل التاريخية والسياسية والاجتماعية ومن اجل التواصل والتقارب مع باقي مكونات القوميات الاخرى، ومن اجل ايصال رسالتهم ومطالبهم لقيادات قوميتهم، لا يعرفون ماهي صيغة التحاور التي يتبنونها!
فظاهر اللغة وشكل الرؤى الواقع تحت تأثير الفكر الاجنبي ليس مرا فقط بل رسم لهم طريق الحل الوحيد وهو يتكون من الاستسلام والانغماس بعيدا عن ارض كوردستان وعيون قوميتهم.
في المرحلة الحالية، فان عدم وجود المساعد والمعين من اجل التفاهم والتواصل صعّب حتى في حل المشكلات الداخلية الاعتيادية. فمنذ زمن بعيد قامت الجهات والمسؤولون بتغيير صيغة حديثهم من دون ان يبلغوا الناس فمن التسلسل الى النقاط المهمة والحساسة قضوا على اعراف الكلام والحوار المباشر بين الكورد مع انفسهم.
ومن زاوية ان الكورد شعب خاضع لسلطة الاخرين من الطبيعي ان تكون هوية الفيليين القومية في مثل هذه الظروف امرا رومانسيا اكثر من كونه واقعيا. عندما لا يكون هناك معنى واضح وواقعي للواجبات القومية، فان الاوضاع الاجتماعية والثقافية للمكونات والشرائح وخصوصا الفيليين تصاب بالألم وهذه الظاهرة لها وجود في ميدان الحياة والسياسة ويتعين ان تعالج قبل حلول موسم موت جديد.