نجاح يمتد عبر 263 عدداً

نجاح يمتد عبر 263 عدداً شاهد عن الكورد الفيليين في مدينة الكوت بمحافظة واسط
2025-11-30T20:14:24+00:00

علي حسين فيلي/ إن إصدار 263 عددا من مجلة تحمل اسما محفوفا بالدلالات والذاكرة مثل "فيلي" لا يعني مجرد استمرار مشروع إعلامي؛ بل يعبّر عن رسوخ مؤسسة ثقافية وإعلامية ناضجة كـ مؤسسة شفق. فبلوغ هذا الرقم يكشف أن المجلة ليست منتجا صحفيا عابرا، بل سجلّا تاريخيا أعاد - عبر الصبر والمثابرة - ترتيب الرؤى والتصورات داخل المجتمع الفيلي وخارجه. لقد نقلت القضية من إطار الشكوى والصرخة إلى دائرة التوثيق والدراسة والتحليل.

لم يعد هذا الصوت محصورا بعنوان إعلامي، بل أصبح جزءا من هوية الكورد الفيليين ورمزا لقدرتهم على الإنتاج وإحياء رأس مالهم الثقافي والقومي. إنها شهادة على الصمود والاستمرار الفاعل في الساحة العامة.

لقد أسهم هذا المشروع في إعادة تعريف موقع الكورد الفيليين في الوعي العراقي العام. وعلى مدى 22 عاما من النشر، تحولت المجلة - بفضل 263 عددا - إلى مدرسة غير رسمية أطلقت تجارب عشرات وربما مئات الكتّاب، ممن كتبوا مقالاتهم الأولى على صفحاتها، واكتسبوا خبرة الصحافة قبل أن يصبحوا باحثين أو ناشطين أو كتّابا مؤثرين.

ومع مرور الزمن، تتجاوز قيمة هذه الاستمرارية حدود الأعداد المنشورة، لتصنع هوية جماعية و ذاكرة مشتركة و أفقا للأجيال المقبلة؛ أجيال قد لا ترانا، لكنها سترث أرشيف عمل جاد ومنتج و متفان.

إن إصدار مجلة شهرية بهذا الثبات ليس نتاج تجربة عابرة، بل حصيلة مؤسسة ناضجة، وأصحاب مشروع لا يمكن اختزالهم في كونهم "أقلية" أو "مهمشين".

ما يغيب عن كثيرين هو أن المجلة، خلال أكثر من عقدين، شكّلت أرشيفا صامتا لكنه عميق، يوثّق سرديات الحاضر ويؤسّس لوثائق المستقبل. ففي الوقت الذي يلتفت بعضهم فقط إلى الأعداد الجديدة، يغفلون عمّا سجّلته المجلة طوال تلك السنوات: قصصا كانت ستنسى لولا تدوينها، ووجوها كانت ستبقى بلا أسماء، ووثائق لولا حفظها لتعرّضنا لمزيد من الخسائر.

هذه المناسبة لا تصنع عبر صور مذهّبة ولا احتفالات صاخبة، بل في ذلك الهدوء المكنون بين القلب واللسان.. إنها لحظة امتنان صادقة لأولئك الذين أسسوا هذا النهج بضمير مهني، و أوصلوا هذا المشروع إلى ما بعد 263 عددا.

فعندما تستمر مجلة في الصدور عددا تلو آخر، فإن رسالتها واضحة: هذه التجربة ليست آنية؛ إنها جزء أصيل من نسيج المجتمع. مثل هذا النوع من الاستمرارية الثقافية لا يجعل أصحابها مجرد عابري طريق، بل مالكين حقيقيين للدار.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon