مسؤولية مرشح الكوتا الفيلية في البرلمان العراقي
عباس عبد شاهين
في المشهد السياسي العراقي الذي يتغير بسرعة تبدو المشاركة الواسعة في الانتخابات التشريعية الأخيرة علامة صحية تعيد الثقة تدريجياً بالعملية الديمقراطية، فقد أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج للدورة النيابية السادسة التي أجريت في 11/11 مؤكدة أن نسبة المشاركة بلغت 56% وهي قفزة واضحة مقارنة بنسبة 41% في انتخابات عام 2021 وهذا الارتفاع يمنح مؤشر حقيقي على رغبة العراقيين في التأثير ورسم مستقبل افضل لوطنهم، ومن بين المشاهد البارزة في يوم الاقتراع كانت المشاركة الفاعلة للكورد الفيليين الذين حضروا بكثافة إلى صناديق الاقتراع ليختاروا من يمثلهم بصدق فقد أثبتت هذه المشاركة العميقة أن الكورد الفيليون متمسكون بقوة بانتمائهم الوطني وبحقهم الأصيل في أن يكونوا جزءاً مؤثراً في رسم ملامح الديمقراطية السادسة، فهذه الروح المتجددة انعكست على الشارع الفيلي حيث سادت حالة تفاؤل بعد فوز نائب رئيس البرلمان السيد محسن المندلاوي مع عدد من المرشحين الفيليين وتعلقت آمال واسعة بأن يكونوا قادرين على تعزيز التمثيل السياسي واستعادة الحقوق التاريخية للكورد الفيليين بعد سنوات طويلة من التهميش وأن يعملوا بجد لخدمة جميع العراقيين عبر تشريعات منصفة تدفع نحو إصلاح فعلي في البرلمان المقبل،
وفي محافظة واسط تحديداً كان التنافس محتدماً بين تسعة مرشحين على المقعد الوحيد للكوتا الفيلية هذا المقعد الذي يعد “يتيماً” مقارنة بحجم وتضحيات الكورد الفيليين وقد فاز به السيد حيدر علي (أبو تارة) بعد حصده 17 ألف صوت في نتيجة تعكس ثقة الشارع الفيلي بشخصية يعرفون تاريخها ومواقفها لكن الفوز رغم أهميته ليس هو النهاية بل بداية المسؤولية فالمقعد الذي وصل إليه أبو تارة ليس مجرد موقع سياسي بل تكليف أخلاقي وتاريخي فهو ابن القضية عايش تفاصيلها وفهم عمق معاناة أهله عبر العقود ومن هنا تبدأ مسؤولية مرشح الكوتا الفيلية في البرلمان وهي تمثيل الهوية الكوردية الفيلية والدفاع عن حقوقها الدستورية والقانونية بلا تردد فهناك ملفات ثقيلة مازالت معلقة في أروقة الوزارات والدوائر الحكومية تتطلب متابعة جادة وشجاعة سياسية أبرزها ملف تعويضات الكورد الفيليين والملفات المرتبطة بقرارات المحكمة الجنائية العليا الخاصة بضحايا النظام السابق وكذلك ملف المفقودين والبحث عن رفات الكورد الفيليين الذين غيبتهم سياسات القمع وهذه ليست ملفات إدارية عابرة بل قضايا إنسانية تمس كرامة الكورد الفيليين وهويته وحقه في العدالة.
ولا يمكن تجاهل دلالة رمزية مهمة رافقت هذا الفوز إذ إن ترشح حيدر علي (أبو تارة) حظي بدعم واضح من زعيم الامة الكوردية السيد مسعود بارزاني الذي أعلن صراحة التصويت له وهذا الصوت لم يكن دعماً عادياً بل رسالة سياسية عميقة تؤكد مكانة الكورد الفيليين ضمن البيت الكوردي وتضع على عاتق الفائز مسؤولية مضاعفة تجاه القضية التي يحملها وإن الحفاظ على هذا الدعم يعد واجباً احتراماً لنضال الكورد الفيليين وتضحياتهم الممتدة عبر عقود، كما تقع على السيد حيدر علي (أبو تارة) مسؤولية أخرى لا تقل أهمية وهو التنسيق المستمر مع زملائه النواب الكورد فالتشتت يضعف الصوت الكوردي بينما العمل الجماعي يخلق كتلة قادرة على المفاوضة وصناعة القرارات المؤثرة داخل البرلمان كذلك يحتاج العمل البرلماني إلى التنسيق مع المستشارين المختصين بشؤون الكورد الفيليين الذين راكموا خبرات واسعة في متابعة الملفات الحساسة ولا ينبغي أيضاً إغفال دور المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ فالكثير منهم يمتلك خبرة حقيقية في الشأن الفيلي ولديهم معرفة بتفاصيل الملفات التي تحتاج إلى متابعة والتواصل معهم يعني تعزيز الجهد الجماعي وتجنب خسارة طاقات مهمة، فاليوم الجميع يضع ثقته في السيد حيدر علي (أبو تارة) والثقة ليست شعاراً بل مسؤولية وما ينتظره الشارع الفيلي منه العمل والإنجاز القادر على إعادة الحقوق العادلة وترسيخ حضورهم في الدولة العراقية الحديثة فإن مسؤولية مرشح الكوتا الفيلية في البرلمان ليست هدية سياسية بل أمانة تاريخية وأمام هذا الاستحقاق يترقب الكورد الفيليون أداءً يليق بقضية دفعوا ثمنها غالياً ويليق بثقة أعطوها لمن يمثلهم اليوم تحت قبة البرلمان العراقي.