مؤسسة شفق مسيرة فيلية تم شطبها
صادق المولائي/ إنطلقت مؤسسة شفق للثقافة والإعلام للكورد الفيليين في عملها عام (2004) وذلك بوضع اللبنة الأولى لها، والتي كانت بشروع إذاعة شفق ببث برامجها عبر الأثير في سماء العاصمة بغداد على موجة الـ ( FM ) باللهجة الفيلية وكذلك باللغة العربية.
تمكنت بعدها رويدا رويدا من توسيع نشاطاتها في الميدان الإعلامي حيث قامت بإصدار جريدة (آفاق الكورد) باللغة العربية وكذلك مجلة (كَول سوو) باللهجة الفيلية، ومن ثم جريدة (شفق) ومجلة (آراء) باللغة العربية وكذلك مجلة (الفيلي الصغير) المخصصة للأطفال، علاوة على موقع المؤسسة الإلكتروني على شبكة الأنترنت التي كانت تقوم بنشر الأخبار والمستجدات والمقالات والتقارير الخبرية والتحقيقات المختلفة عن الملفات الكوردية وحقوق الفيليين وهمومهم ومشكلاتهم، وكذلك الأحداث العامة المحلية والإقليمة والدولية باللغات الكوردية والعربية والإنكليزية.
اما على الصعيد الثقافي اقامت العديد من الندوات حول مختلف القضايا، وكذلك قامت على الصعيد الاجتماعي مع نخبة من وجهاء وشخصيات الكورد الفيليين من سكنة بغداد بتأسيس (مجلس أعيان وعشائر كورد الوسط والجنوب) والذي استُبدل أسمه فيما بعد بـ (منظمة البيت الكوردي)، بالاضافة الى نشاطات اخرى.
الجدير بالذكر ان كل تلك الأعمال والنشاطات ما كانت تكون افضل من ذلك او بمستوها على الأقل لولا إلتفاف عدد من مثقفي وأصحاب القلم الوجداني من الكورد الفيليين حول المؤسسة وإسنادها بكل ما تجود عليهم أفكارهم من كتابات وحوارات ومواد سياسية وتأريخية وإجتماعية وثقافية وأدبية وإعلامية، وذلك بتسليط ما يلزم من الضوء على القضايا والملفات المتعلقة بالفيليين تأريخياً وسياسياً وإجتماعياً ودورهم المتميز على الصعيد الثقافي والرياضي والفني، فضلا عن كتابة ونشر مواد عن الإرث الفيلي وتراثه وعاداته وتقاليده السائدة في المناسبات العامة والخاصة، بالإضافة الى رصيد كبير من الحوارات واللقاءات مع مختلف الشخصيات العراقية الكوردية والعربية وغيرهم داخل العراق وخارجه، كما حرصت المؤسسة ان تكون لها عدستها الخاصة باللتقاط الصور لرفد إصداراتها ونتاجاتها بمختلف الصور الحصرية.
هذا ومن خلال العمل الدؤوب والحرص العالي المُستمد من الشعور بالمظلومية التي ترافقهم رغم سقوط نظام الطاغية صدام المقبور، تمكن العاملون هناك من تذليل الصعوبات والتحديات والمخاطر التي كانت تواجههم بسبب الإرهاب والتفجيرات المستمرة، وقد جسدوا حبهم لعملهم وإخلاصهم لقضيتهم وذلك من خلال إصرارهم للحضور والعمل رغم حالات منع التجوال التي كانت تُفرض من حين لآخر والتي كانت تشل حركة التنقل بشكل عام.
لقد حرصت النخبة العاملة من الكورد الفيليين في المؤسسة بتثيت جذورها وتقوية ركائزها ليتسنى لها التقدم والإزدهار، لتكون مناراً ثقافياً وإعلامياً للعراقيين جميعهم وصرحاً يفتخر الفيليون به اينما كانوا كعنوان لهوية وأصالة الكورد الفيليين وللأمة الكوردية جمعاء.
إلا ان تلك المسيرة التي إستغرقت قرابة عشر سنوات من العمل والتقدم، بدلا من تنال التقدير والاحترام والتكريم للعاملين من قبل حكومة الإقليم التي كانت تدعمها طوال تلك الفترة من عملها، كونها قدمت ما عجزت عن تقديمه مؤسسات إعلامية أخرى تعمل في كوردستان تتلقى الدعم المالي بسخاء رغم عدم جدوى عمل أغلبها، نجد بالمقابل ان حكومة الأقليم قررت وقف الدعم عنها وشطب مسيرتها وعملها من حساباتها من دون ذكر للأسباب الحقيقية. مما دفع البعض الظن ان السبب ربما لم يعد الكورد الفيلية جزءا لا يتجزأ من الأمة الكوردية في ستراتيجتهم الجديدة ورؤيتهم المستقبلية للقضية الكوردية ومصالحها القومية، التي تبدو انها انحصرت في تحقيق مصالح الأحزاب الكوردستانية ومن يدور في فلك كل واحد منهم بما يضمن البقاء الأطول في السلطة.
ان للكورد الفيليين حق وفضل كبير على الحركة الكوردية منذ إنطلاقها وخلال مسيرتها الطويلة لا يمكن لاحد نكرانه او التقليل من شأنه، لان دورهم كان بمثابة الشريان الأبهر للحركة الكورية وخط المواجهة الأول مع النظام المقبور.
من حق كل فيلي ان يسأل اليوم .. أفبهذا الشكل ترد حكومة الإقليم جميل الكورد الفيليين وما قدموه من تضحيات مادية ومعنوية نصرة للحركة الكوردية ونيل الكورد حقوقهم القومية، حتى تسنى للأحزاب الكوردستانية اليوم إدارة محافظات الإقليم بشكل ذاتي ومستقل؟
أنا بدوري كصوت وقلم مستقل أطالب بإعادة النظر بذلك القرار المجحف بل التراجع عنه، والذي تسبب بقطع أرزاق العاملين في المؤسسة وعوائلهم، وتسبب بنكسة وألم والشعور بخيبة أمل بإدارة حكومة الأقليم، فضلا عما بات يلمسه غالبية الفيليين عن دور الإقليم غير الجدي بمساندة الفيليين والتخلي عن الواجب القومي الملقى على عاتقها تجاه الكورد الفيليين، هذا المكون والعرق الأصيل لنيل حقوقهم الشرعية، متناسين للأسف تضحيات ومواقف الكورد الفيليين التأريخية المشرفة من أجل نصرة الحركة الكوردية وكوردستان.