ليس بالقرارات والبيانات تندمل جراح الفيليين
علي حسين فيلي/ حسبما قاله احد العلماء فان (السلام لا يعني نهاية الحرب، بل بالعدالة تضع الحروب اوزارها). في تاريخ الدول هناك نماذج كثيرة خسرت الشعوب سلامها الظاهري بسبب عدم وجود العدالة، لذا انتفضت ضد الظلم وانعدام العدالة.
وفي العراق لم تستطع كل الشعارات والمساعي الكاذبة احلال السعادة والسلام الحقيقي، ولكن كحاجة وحل، فان الكورد يرحبون دوما باية خطوة يتم اتخاذها تجاه السلام.
الفيليون وبعد اربعة عقود ينتظرون استعادة حقوقهم بعد ان قاسوا ظلما واضحا، وامضوا حياتهم، اكثر من اي مكون عراقي؛ حتى اكثر من اي شريحة كوردية، في ظل التقتيل والتهديد بمحوهم، وفي ظل الحرب اللاشرعية لإبادة البشر التي قامت بها السلطة السياسية و(الفرهود) الاقتصادي والانكار الاجتماعي دون جرم فعلوه، بحاجة الى السلام والأمن والعدالة اكثر من الجميع.
الجيل الحالي للكورد الفيليين في مرحلة ما بعد البعث عندما ينظرون الى اي فكر مجرم واية ممارسات مدمرة تجرعها اباؤهم واجدادهم، يعدون أنفسهم ضحية لذلك الوضع الذي مازال اباؤهم وامهاتهم الذين فقدوا فلذات اكبادهم وجعلهم يعيشون في حزن ومآتم وانتظار ابدي.
الدول والشعوب تعرضت هي الاخرى لظروف الحرب، والخراب والتشرد وتعرضت ايضا لهجمات الاجانب والحكام الظلمة المحليين، ولكن في يوم ما انتهت معاناتهم بمعاقبة المجرمين وبدأوا بحياة بلا حرب. وعندما يصل العراقيون الى النتيجة التي تؤكد بان الحياة بلا ظلم لها اضرار وصرفيات اقل من تلك الاوضاع الصعبة التي يعيشونها الان، ستنتهي حينها مشكلات هذا البلد ايضا.
وفي الذكرى الاربعين للإبادة الجماعية التي تعرض لها الكورد الفيليون لا اريد الحديث عن العدالة او انعدامها في شكل التعامل مع هذا الملف الذي تدخل فيه ذرائع انصار الجناة في خانة الفضيحة وتشكل جريمة جديدة. فمن الواضح ان الظلم الذي مورس، والقرارات التي صدرت بحق الكورد الفيليين ليست لها اية ذرائع انسانية او قانونية او دينية او اخلاقية! على الرغم من ان الذين يصمتون ويتعايشون مع ذلك القتل الجماعي من دون حياء ليسوا قليلين!
اربعون سنة من الصمت تجاه تراجيديا شريحة ضمن مكون قومي في العراق تحمل في طياتها اسئلة كثيرة! وجراح القتل وتغييب الاف الشباب والناس المدنيين الابرياء لا تندمل باصدار القرارات والبيانات فقط.
هذا الصمت له معان كثيرة! من المحتمل ان تكون السلطة الحالية تعد تلك الكوارث قديمة وعادية وتعويضها غير ضروري! ومن المحتمل ان تكون سياسات البعث وجرائم نظامه تجاه الكورد وباقي المواطنين المظلومين محبذة لديها، وتعد استذكارها ضررا على المصالح والحياة السياسية الحالية.
من المهم ان نعرف ان نسيان وعدم الاهتمام ليست نهاية للظلم والكوارث؛ ذكرى جينوسايد (الابادة الجماعية) للكورد الفيليين وعشرات الكوارث المشابهة فرصة لمنعها والسعي لعدم تكرارها.