الفيليون ليسوا فقط مورد المظلومية
علي حسين فيلي/ منذ عقود ونحن نبتعد عن الساحة السياسية، واتجهنا اكثر نحو العزلة، والمتبقي من اثرنا ما يذكر او يصور بالمحافل والمناسبات، وهو بخانة الذكريات، وبجميع درجات الحراك السياسي لا موطئ قدم لنا، ففي المحصلة لا ينتظر او يترقب الاعلام شيئا منا إذ غدونا مجرد عنوان بانتقاد خام للحكم والسلطة وهكذا التقييمات تسير علينا. ليس من الغريب ان نتبنى نحن الكورد الفيليين في الكثير من الاوقات مواقف نادرة وعجيبة، لا تتناسب مع واقع حالنا او تسهل مشاكلنا، بل على العكس تزيد الامر تعقيدا وتساعد عملية التفريط بنا. ما يحدث ضربة مهلكة لوضعنا (الفيلي) وبقواعد اللعبة الخربة، وتبعاتها لا تنتهي بهذه السهولة، فأي ابعاد يجري للفيليين وهو منذ سنوات تم بسبب عناد واصرار من دون معنى او تفسير، وابرحنا بديلا للتجربة والالتزام، فمشكلتنا على الدوام ننظر لانفسنا من الاعلى والحقيقة ليست هكذا، وحتى لو افترضنا هذه المسألة واقعية، فحالنا بحاجة اكثر للعقلانية وليس لعقل خال، كون العقل موهبة آلهية اما العقلانية حالة اكتسابية. فالنفترض معا، القطبان الكورد كقومية والشيعة كمذهب أيتقبلون حدوث مناظرة بين شخص فيلي كوردي الهوا، واخر فيلي شيعي الهوا، الجواب على هكذا سؤال يحتاج لاثبات ما لديهم وما ينتج عما نستمع ونشاهد، لكن الاهم من كل ذلك، اهكذا حوار يقلل الفاصلة ام يعمق الفجوة في هذه الجدلية العتيقة. الامر عينه يجري على الكتاب الفيليين ومفكريهم، ابما يكتبون ويؤلفون هل قللوا الفوارق بين ابناء الشريحة والمجتمع؟ لهذا الموضوع، استذكر واقعة اعتقد انها مرت على الكثير، ففي يوم من الايام جالس شخص اعمى على قارعة الطريق موضوعة لافتة امامه خط عليها "انا اعمى ساعدوني"، شخص خلاق مر بجانبه ولفت وجود بعض النقود داخل علبة امام الضرير تصدق عليه المارون، هو ايضا وضع بعض المال امامه، واخذ قلمه وخط على الجهة الثانية للافتة عبارة ما ومضى، وفي عصر اليوم نفسه مر الشخص ذاته بجوار الاعمى ولاحظ علبة النقود مملوءة بالمال، الاعمى ميز الشخص من صوت خطواته، وسأله مالذي كتبت على لافتتي، اجابه ليس بالامر المهم، اعدت كتابة عبارتك بطريقة اخرى، ومضى ولم يعرف الاعمى ابدا ماذا كتب، والمكتوب على اللافتة "اليوم يوم جميل لكنني لا استطيع ان اشاهده". نحن الفيليين وقت لا نستطيع ان نسير امورنا يجب ان نغير ستراتيجيتنا وبهذا الوقت نرى الكثير من الاشياء تتحقق والكثير من التغيير لحال يومنا، يجب ان نصب جهدنا وعملنا وتفكيرنا على واقع حالنا، والا نكون كالشاعر الذي ينتظر حكومة جديدة تتشكل ليكتب شعره، فالتشريد والتغييب علمنا الكثير لكنه لم يقوينا بقدر الكفاية، فتقوية البنية الاجتماعية والسياسية الفيلية تحتاج لمشروع عقلاني لا غير.