رعاة الأغنام غربي العراق.. "خطر وشيك" يهدد مهنة الآباء والأجداد (صور)
شفق نيوز/ فاقم تأخر موسم الامطار في محافظة الانبار على غير عادته كل عام من معاناة رعاة الأغنام خاصة بالمدن الغربية الذين كانوا يأملون تعويض خسائرهم التي تكبدوها خلال سنوات احتلال تنظيم "داعش" لمدنهم وما اعقبها من عمليات عسكرية تسببت بضياع وسرقة أو نفوق الآلاف منها.
وأدت شح الامطار المتأخرة بنحو شهرين عن عادتها كل عام إلى هجرة الرعاة من مناطقهم الى مناطق اخرى داخل المحافظة بحثاً عن بساط عشبي أخضر تتغذى عليه أغنامهم التي تعد مصدر عيشهم الأول، مطالبين بالوقت ذاته وزارة الزراعة العراقية توفير الاعلاف والمستلزمات البيطرية بأسعار مدعومة لهم.
800 منطقة رعي موسمية تواجه الاندثار
ووفقاً لمسح أجرته الحكومة المحلية في الانبار، فإن المحافظة تضم أكثر من 800 منطقة رعي موسمية تعتمد على الامطار الفصلية، وتخدم ما لا يقل عن 10 آلاف مربي مواشي موزعة بين الأغنام والابقار والأبل، تتركز في بادية الرطبة وشرق القائم وغرب الرمادي وشرقي الفلوجة وشمالها.
مطالبات بدعم حكومي أسوة بالكويت والسعودية
ويقول رعاة الأغنام في الانبار، إن مكان سكنهم مرتبط بالمكان الذي تعتاش منه الاغنام، حيث ينتقلون مرتين أو أكثر بالعام إحداها مع موسم الامطار الذي يبدأ العشب بعد أسبوع منه بالإنبات، مبينين عبر احاديث لوكالة شفق نيوز، بانهم لا يستطيعون العيش دون أغنامهم التي تعد مصدر عيشهم.
كما يشكو الرعاة ارتفاع اسعار الاعلاف، اذ وصل سعر طن العلف الى أكثر من 350 الف دينار عراقي، ما دفع بالراعي عبد الرحيم جاسم (45 عاماً)، إلى مطالبة الجهات المسؤولة بتوفير الاعلاف كبديل مؤقت حتى هطول الامطار التي طال انتظارها، أسوة بالدول المجاورة مثل الكويت والسعودية اللتان توفران أعلافاً للحيوانات بأسعار مخفضة لدعم الثروة الحيوانية.
ويحذر جاسم، الذي يقيم بالقرب من المدينة السياحية الواقعة جنوب شرق الرمادي مركز محافظة الانبار، من غلاء وشيك لأسعار اللحوم المحلية، نتيجة ارتفاع أسعار العلف مع تأخر هطول الامطار، وهذا ما سيتحمله المواطن الفقير، محملاً الحكومة المسؤولية الكاملة كونها لا توفر العلف للرعاة ولو بسعر مدعوم كما لا توقف جشع تجاره.
منافسون ايرانيون وأتراك..
أما حاتم العبيدي، وهو أحد أبرز تجار الأغنام في تلك المناطق، والذي يميلك أكثر من 10 آلاف رأس غنم يقول، إن "إطعامها بات مكلفاً جداً"، ويشكو بالوقت ذاته من "استمرار تدفق اللحم المستورد خاصة التركي والإيراني للعراق وبسعر ينافس المحلي".
وأضاف العبيدي، عبر حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه "بسبب غلاء العلف ارتفع سعر اللحم المحلي قليلاً، لكن اللحم المستورد أرخص لذا صارت الاضرار علينا أكبر".
ويشير إلى "تعرضه لخسارة تقدر بـ 200 مليون دينار فقط في هذا العام، وذلك نتيجة ارتفاع اسعار العلف ورخص أسعار الاغنام المستوردة"، مضيفاً القول "افكر في ترك هذه المهنة والبحث عن مهنة أخرى، وتوزيع الأغنام على الاهل والاقارب والاصدقاء بدلاً من بيعها بأسعار اقل من سعرها".
فيما يقول الراعي محمود سعد، لوكالة شفق نيوز، إن الحكومة قد وضعتهم "تحت رحمة تجار الاعلاف الذين يتلاعبون بالأسعار كما يحلو لهم"، واستطرد قائلاً: "لكني لا ارغب بترك هذه المهنة فهي مهنة ابائنا واجدادنا"، مشدداً "سأبقى متشبثاً بها للحفاظ على الثروة الحيوانية في البلد وتحقيق الاكتفاء الذاتي".
تفسير حكومي لقلة الدعم
ورداً على شكوى الرعاة في الانبار، قال مسؤول في وزارة الزراعة لوكالة شفق نيوز، إن "الحكومة تجهز الرعاة بالأعلاف واللقاحات التي تحتاجها الاغنام وبنصف اسعارها"، مبيناً أن الحكومة "تتكفل بدفع 200 ألف دينار للطن الواحد".
وأرجع المسؤول أسباب قلة التجهيز والدعم الى "زيادة أعداد مربي الأغنام وعشوائية التربية وتأخر إعداد خارطة رعي وحصر الثروات الحيوانية"، مشيراً إلى أن هذه الاسباب جميعها أدت الى هذا "الارتباك".
ويشير المسؤول في الزراعة العراقية، إلى أن "هناك من الرعاة يفضلون الاعلاف المستوردة بدلاً من المحلية التي توفرها الحكومة لأسباب تتعلق بسعيهم في التسمين السريع للمواشي لغرض بيعها"، مؤكداً أن الوزارة "تعمل على تهيئة مستلزمات الرعاة للموسم الحالي في جميع مدن البلاد".
