ربطة عنق سومرية.. رموز الرافدين تعود للحياة في أعناق الشباب وطوكيو تُبهر بالفكرة
شفق نيوز – ذي قار
لم تكن مجرد قطعة قماش تُعقد حول العنق، بل رسالة حضارية خرجت من عمق التاريخ لتستقر على صدور الشباب، هكذا يصف الفنان التشكيلي أمير سكر مشروعه الفني "ربطة العنق السومرية"، الذي يسعى من خلاله إلى إحياء رموز الحضارة العراقية القديمة بروح معاصرة.
داخل ورشته الصغيرة، حيث تختلط الألوان برائحة القماش، يعمل سكر على تصميم ربطات يختلف كل منها عن الأخرى، حاملة رموزاً سومرية وكتابات تاريخية، لتتحول من لوحة معلقة في معرض إلى هوية متحركة في الشارع، الجامعة، وقاعات الاحتفال.
ويقول سكر لوكالة شفق نيوز، إن "فكرته تقوم على تحرير الفن من إطار اللوحة، وتحرير الحضارة من جدران المتاحف، لتصبح جزءاً من الحياة اليومية"، مضيفاً: "أريد للفن أن يُلبس، وللحضارة أن تُحمل، لا أن تبقى حبيسة القاعات".
ولا يرى الفنان في ربطته مجرد زينة شكلية، بل أداة وعي، مشيراً إلى أن "ما يشهده المجتمع من انتشار للأفكار السطحية والمحتوى الهابط يستدعي وخزة فكرية تعيد للأجيال روحها الوطنية وارتباطها بجذورها".
وكل ربطة تصنع يدوياً وتحمل رموزاً قد لا تُفهم للوهلة الأولى، وهو ما يبرره سكر بالقول: "الغموض مقصود لإثارة الفضول ودفع من يراها أو يقتنيها إلى السؤال والبحث، ليصبح جزءاً من دائرة التثقيف ونشر المعرفة".
ولم تبق الفكرة حبيسة العراق، فقد وصلت الربطة إلى اليابان وبريطانيا وأمريكا وأستراليا والأردن ودول أخرى، بعد أن أثارت اهتماماً واسعاً، خصوصاً حين ارتداها الباحث الآثاري عامر عبد الرزاق في ملتقى حضاري بطوكيو، حيث تحولت إلى محور تساؤلات الحاضرين عن سومر والعراق.
ورغم هذا الصدى الخارجي، يشكو سكر من غياب الدعم الرسمي داخل البلاد، مؤكداً أن "مشروعي مسجل كتصميم خاص وحصري، لكنه لم يحظ حتى الآن برعاية من الجهات المعنية، على عكس التشجيع الذي وجدته من الإعلام والجمهور".
وبما أن الهدف، كما يوضح، ليس التجارة بل نشر الوعي، فإن أسعار الربطات تبقى بحدود 50 دولاراً أو أقل، ويقدم بعضها مجاناً لمن يؤمن بالفكرة ولا يستطيع دفع ثمنها، ويقول: "ما يهمني هو من يحمل الرسالة، لا كم أدخل من المال".
وتعود فكرة الربطة لأول مرة إلى حفل تخرج سكر من جامعة واسط، حيث يحلم بأن "تتحول الربطة السومرية إلى زي رسمي لطلبة الجامعات العراقية في حفلات تخرجهم، وأن تتوسع التجربة لتشمل تصاميم للنساء أيضاً".
وفي ختام حديثه، يكشف الفنان عن مشروعه لتأسيس "ورشة مواهب للفنون" في مختلف المحافظات، لتدريب الشباب ونشر الفكرة، أملاً بأن تعود سومر، لا كذكرى في الكتب، بل كهوية تُرتدى وتُعاش.