حصيلة "مرعبة" تسجلها نينوى خلال شهر.. تعددت الأسباب والغرق واحد
شفق نيوز/ سجلت محافظة نينوى، حالات غرق بشكل شبه يومي أغلبها لشباب دون سن الـ20، وفيما يرجع سكانها والمهتمون أبرز أسباب حدوثها إلى "إهمال الأهل"، تشكو الشرطة النهرية معاناتها مع تقسيم جهودها بين الواجبات الأمنية وحالات الانتحار "والغرق" المتزايدة.
حالة غرق كل 15 ساعة
وتبين مصادر أمنية لوكالة شفق نيوز، أن "نحو 20 حالة غرق سجلت خلال أقل من شهر، أي أن نينوى تسجل حالة غرق كل 15 ساعة بصورة مستمرة".
وتوضح المصادر ذاتها أن تلك تعد "أعلى حصيلة سجلتها المحافظة خلال الأشهر الثلاث الماضية وتحديداً منذ حلول فصل الصيف وانقسمت هذه الحصيلة بين مركز المحافظة، وبين القرى المطلة على نهر دجلة.
أسباب الغرق
وعن أسباب إرتفاع حالات الغرق، يلخصها "سلوان محمود"، وهو أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان والعمل الإغاثي في حديثه لوكالة شفق نيوز، قائلاً، إن "هنالك أسباب عدة لحالات الغرق: منها أن ابناء الموصل يحبون نهر دجلة وهم معتادون على السباحة فيه خلال فصل الصيف والذهاب في رحلات صيفية الى ضفاف النهر الممتدة على جانبي المدينة وهذا ما جعل حالات الغرق ترتفع".
ويضيف محمود أن "المقالع الخاصة باستخراج الرمل والحصى هي إحدى الأسباب أيضا لأنها تعمل على صناعة حفر عميقة في النهر، وبعد ان ينتقل المقلع إلى مكان آخر تبقى هذه الحفر مثل المصائد، ويتورط فيها من يكون مستواهم في السباحة ضعيف أو لا من يعرف السباحة وتغرقهم مياه النهر".
أما عن أسباب الغرق في القرى والأرياف فيبين الناشط في مجال حقوق الإنسان أن "انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة تجعل أبناء القرى يقضون ساعات الظهيرة على ضفاف النهر القريبة من قراهم فهناك لا يوجد كهرباء مستمرة عبر (خطوط ذهبية للمولدات) لأن أغلب الساكنين في القرى لا تسمح حالتهم المادية بدفع اشتراكات وأجور لقاء توفير الكهرباء على مدار الساعة، يضاف إليها عدم انتباه الأهالي لأبنائهم وعدم وجود ثقافة كافية لتعليمهم السباحة منذ الصغر".
مقالع وحب وشغف بالنهر
بدوره يقول المواطن عزام احمد وهو أحد ابناء المدينة القديمة المطلة على ضفة النهر لوكالة شفق نيوز إن "غالبية من ينزلون للسباحة في مياه النهر يدفعهم حب النهر والشغف والهواية". ويضيف أحمد البالغ من العمر (45 عاماً) إنه "يقضي أغلب ساعات الظهيرة على ضفة النهر وأحياناً يأتي ليلاً لصيد الأسماك"، مبيناً انه "متعلق بالنهر منذ صغره وأولاده يأتون معه".
ويضع أحمد اللوم أيضاً على أولياء الأمور بشأن تزايد حالات الغرق، مبيناً انهم "لا ينتبهون لأبنائهم ولم يعلموهم السباحة ويغفلون عنهم ولو كان هنالك اهتمام وتعليم لما سجلنا كل هذه الحالات المؤسفة".
ويشير المواطن الموصلي إلى أن "مجرى النهر غير آمن مثلما كان سابقاً بسبب المقالع التي تعمل فيه وتحصل على الإجازات بصورة عشوائية وهذا ما جعل بعض المناطق فيه عبارة عن حفر عميقة ومياه راكدة تبتلع من ليس لديه خبرة في السباحة".
النهر يختار الأعمار الصغيرة
ويبين مصدر في الطب العدلي لوكالة شفق نيوز إن "غالبية غرقى نهر دجلة هم من الأعمار الصغيرة (المراهقين والأحداث)، اي أقل من 20 عاماً".
الشرطة النهرية: نراقب من؟
وكان محافظ نينوى أصدر، في وقت سابق، أمراً بمنع السباحة في مياه النهر للحد من حالات الغرق ووجه الشرطة النهرية بمتابعة الأمر.
لكن مصدر أمني يكشف لوكالة شفق نيوز بأن "الشرطة النهرية لا تستطيع تغطية المساحات الشاسعة التي يمتد عبرها النهر فهي لها القدرة على متابعة ضفاف النهر داخل المدينة فقط أما خارجها فهي لا تمتلك عناصر كافية وزوارق لتغطية هذه المساحات الشاسعة".
ويوضح المصدر أن "الشرطة النهرية تركز على مراقبة الجسور على مدار 24 ساعة بسبب حالات الانتحار وما تبقى من كوادرها ملتزمة بواجبات أمنية مع الجيش والحشد في العمليات الأمنية التي تستهدف تطهير الجزرات والحوائج الممتدة على طول النهر وهذا أيضا أمر يثقل كاهلهم لذلك ليس لديهم القدرة على شيء سوى مراقبة عدة مناطق فقط.
وبحسب المصدر ألامني فإن "حالات الغرق قد تراجعت بنسبة 30% بعد اصدار المحافظ لقرار المنع، ولكن السبب الحقيقي هو أن الموضوع اصبح قضية رأي عام وبدأ الاهالي ينتبهون لابنائهم"، ليعود ويؤكد مجدداً بأن "حالات الغرق حتى وان تراجعت، فهي لن تتوقف مالم ينتهي فصل الصيف، فمن لم تدفعه درجات الحرارة للذهاب الى النهر سيدفعه الشغف والهواية".