الجسر القديم.. ممر الموصليين للموت انتحاراً
شفق نيوز/ 14 حالة ومحاولة للانتحار سجلتها محافظة نينوى شمال العراق خلال شهر تقريباً، وفق مصادر أمنية وطبية.
ومن بين تلك الحالات، حالاتان لشخصين انهيا حياتهما بالرصاص، وشاب أنهى حياته بشنق نفسه، ولحقت به امرأة باسلوب الشنق ايضاً، يضاف اليها حالتي انتحار لشخصين القيا بنفسيهما من الجسر القديم في الموصل في ساعات متأخرة من الليل ليلقيا حتفهما دون ان يعلم احد، وهذه ست حالات انتحار تمكن من الحصول على معلوماتها مراسل وكالة شفق من مصادر طبية .
اما باقي المحاولات فكانت الشرطة النهرية بارزة فيها حيث افشلت ثمان محاولات انتحار متفرقة لرجال ونساء حاولوا القاء انفسهم من الجسر القديم الذي اصبح محاولات الانتحار من فوقه ظاهرة تعيد نفسها اسبوعيا.
وخلال شهر واحد نجحت الشرطة النهرية في افشال 8 محاولات، اثنتان منها لعاملين يعملان بالاجر اليومي احدهما انهيت خدماته من العمل ليقرر بعدها انهاء حياته، وعامل آخر كان يعاني من ديون لم يتمكن من تسديدها على مدار عام كامل حتى وصل الامر الى اقامة دعاوى بحقه واختار الموت بدلاً من السجن.
ومن بين تلك الحالات أيضاً، حالتان لامراة مسنة تعاني من مشاكل عائلية ومراهقة ارادت انهاء حياتها لعدم تمكنها من الوصول الى امتحانات السادس الاعدادي (الوزاري)، فيما توزعت باقي الحالات الاربع على رجال ونساء لم يلقوا انفسهم انما تظاهروا بالانتحار وفق مصادر امنية .
ويقول الدكتور "موفق ويس" رئيس مركز الرشد المجتمعي، إن "مايحدث امر مقلق ويدعو الى البحث عن حلول، لكن كل ما نتحدث به هو تخمينات لعدم وجود اي دراسات اكاديمية او ميدانية حول هذه الحالات".
ويضيف ويس لوكالة شفق نيوز، أن "مجمل الحالات تصنف الى ثلاثة اصناف، الاول هم اشخاص كانوا جادين بالانتحار وانهوا حياتهم بطرق لايمكن انقاذهم منها مثل الرصاص والشنق، فيما كانت المحاولات الاخرى لاشخاص القوا بانفسهم من الجسر وهؤلاء لم يصلوا الى درجة اليأس التي وصل اليها غيرهم".
أما الصنف الثالث فهو الحالات التي يقف اصحابها على حافة الجسر ولايلقون بانفسهم، بحسب "ويس" الذي يرى في هؤلاء بأن غالبيتهم يتظاهرون بالانتحار لكسب التعاطف المجتمعي والعائلي والاهتمام ايضاَ.
ووفقاً للدكتور ويس، فأن العدد الاكبر من حالات الانتحار الفعلية كان اصحابها من مناطق فقيرة وبسيطة وشعبية وليس من مناطق راقية يعيش اصحابها درجة عالية من الرفاهية، مبيناً أن هذا الامر هو اول المؤشرات على ان الوضع الاقتصادي والبطالة وتفشي الفقر بصورة كبيرة هو اول الاسباب، والفقر والبطالة هي من اسباب التفكك المجمتعي الذي يولد لاحقاً المشاكل العائلية وحالات الطلاق وغيرها.
لذلك يرى "ويس" أن احد الاسباب الرئيسة هو ماذكره، في حين تبقى باقي الاسباب مجرد تخمينات وتوقعات الى حين العمل على دراسات حقيقة تكشف عن ارتفاع عدد حالات الانتحار والمحاولات ايضاً .
اما الدكتور عبد الله محمود وهو استاذ في علم النفس يعزو اسباب الانتحار والمحاولات ايضاً الى ذات السبب الرئيسي الذي تحدث به الدكتور موفق ويس الاستاذ والباحث في علم الاجتماع.
ويقول محمود، لوكالة شفق نيوز، إن السبب الرئيسي هو الوضع الاقتصادي ويلحق به تبعاته من بطالة وفقر وعجز مادي والتي تولد فيما بعد التفكك المجتمعي والعائلي.
لكن محمود أضاف نقطة أخرى، وقال إن وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة الحديث عن حالات ومحاولات الانتحار فيها روجت لهذه الظاهرة بصورة غير مباشرة، مبيناً أنه التقى بحالتين خلال هذا العام كان السبب الذي دفعهما للتفكير في الانتحار هو كثرة الحديث عنه في مواقع التواصل .
وفي اطار الحديث عن الارقام والاعداد المسجلة، يرى محمود ان هذه الارقام لاتشكل الصورة الحقيقية فهناك محاولات حدثت ولم تسجل في المستشفيات والمراكز وتكتم عليها ذويها بسبب خصوصية المجتمع في نينوى، وبحسب اعتقاده فأن المحاولات الفاشلة التي حدثت في المنازل هي اكثر بكثير من الحالات التي سجلت واعلن عنها وكشفت للرأي العام .
اما عن توجه اغلب المنتحرين الى الجسر القديم فيرى محمود، أن هناك عدة اسباب الاولى هي وجود ممر للمشاة وقريب من السوق الرئيسي في وسط المدينة، وكذلك ارتفاع الجسر المنخفض مقارنة بالجسور الاخرى وهذا يعطي دافع اكبر لمن يحاول الانتحار ويقلل الرهبة لديهم.
يضاف الى ذلك، وفق محمود، فهناك من يحاول كسب التعاطف المجتمعي فيلجأ الى هذا الجسر وغايته الرئيسة ليست الانتحار انما استثمار محاولة الانتحار، ويجري الامر على هذه الشاكلة.
ويضيف محمود ايضاً أن العنف الاسري وحالات الاضطهاد ضمن جملة الاسباب التي قد تكون وراء ارتفاع اعداد الحالات والمحاولات في الاونة الاخيرة.
هذا ولم تُعلن أية احصائيات رسمية عن هذه الحوادث، وكل المعلومات والتفاصيل حصلت عليها وكالة شفق نيوز، من مصادر طبية وامنية خلال اعداد هذا التقرير عن ظاهرة الانتحار التي سجلت ارقاماً تعد كبيرة في نينوى مقارنة بالعام الماضي او حتى بالاشهر الماضية .
وتشير الأرقام الرسمية التي تصدرها وزارتا الصحة والداخلية في العراق، إلى جانب المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان، إلى أن البلد يشهد أعدادا متزايدة من حالات الانتحار كل عام.