مكتبة زيباري.. إرث ثقافي وحضاري يجمع ثقافات مختلفة في إحدى قرى دهوك (صور)
شفق
نيوز/ قرية تقع شرقي محافظة دهوك في إقليم كوردستان، هناك مكتبة عمرها قارب
التسعين عاماً تضم إرثاً ثقافياً فريداً حيث تحتوي على كتب نادرة من مختلف اللغات
والثقافات بعضها يتجاوز تعود طباعتها إلى أكثر من 180 عاماً، تعود لأحد وجهاء
القرية والذي ورثها عن أبيه عن جده.
الشيخ
زيد زيباري، صاحب المكتبة، هو أحد الشخصيات البارزة في قرية دوليجان الواقعة في
قضاء بردرش شرقي دهوك، رجل ذو مكانة اجتماعية مرموقة وقد اكتسب شهرة واسعة ليس فقط
بسبب موقعه الاجتماعي كأحد وجهاء القرية بل أيضاً بسبب إرث ثقافي فريد يملكه
ويتمثل في مكتبته الخاصة، هذه المكتبة العريقة التي تعد من أقدم المكتبات في القرية
بدأت على يد جده الراحل شيخ فارس في العام 1936 واستمرت عبر الزمن حتى يومنا هذا
كمنارة للمعرفة والقراءة.
المكتبة
لا تقتصر فقط على عدد قليل من الكتب القديمة بل تحتوي على مجموعة هائلة من الكتب
النادرة التي تعكس تاريخاً طويلاً وثراءً ثقافياً استثنائياً، هذه الكتب التي
تراكمت عبر عقود من الزمن تعد شاهداً على مراحل تاريخية مهمة في المنطقة.
الشيخ
زيباري ورث هذه المكتبة عن والده بعد وفاته في العام 1997 ومنذ ذلك الحين أخذ على
عاتقه مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث الثمين.
وفي
زيارة قامت بها وكالة شفق نيوز إلى منزل الشيخ زيد زيباري كان مشهد المكتبة يلفت
الانتباه حيث كانت الكتب مرصوصة بعناية وأوراقها العتيقة تفوح منها رائحة التاريخ.
الشيخ
زيباري كان منهمكاً في تصفح بعض المقتنيات النادرة وقد أبدى فخره الكبير بما تضمه
مكتبته، وفي حديثه مع مراسلنا كشف عن وجود كتب نادرة جداً تعود إلى أكثر من 187
عاماً من بينها كتب مكتوبة باللغة الفرنسية تعكس حقبة زمنية قديمة.
لكن
ما يزيد المكتبة تميزاً هو وجود وثائق قانونية قديمة بما في ذلك نسخة قديمة من
القوانين والدستور العراقي الذي تم نشره قبل 124 عاماً وهو ما يجعل المكتبة كنزاً
لا يقدر بثمن بالنسبة للباحثين والمؤرخين.
وتضم
المكتبة أيضاً كتباً بمختلف اللغات، منها الكوردية والعربية والتركية والفارسية وغيرها
مما يعكس التنوع الثقافي واللغوي الذي شهدته المنطقة عبر التاريخ.
ويوضح
زيباري أن حبه الشديد للقراءة هو ما يدفعه للحفاظ على هذا الإرث العريق فالمكتبة
ليست مجرد مكان لحفظ الكتب بل هي جزء من هويته الشخصية وتراث عائلته.
ويذكر
أن والده كان يعتبر الكتاب مصدراً للمعرفة والقوة وأنه تعلم منه أن الكتاب هو أعظم
كنز يمكن للإنسان أن يمتلكه، هذا الإرث الفكري والثقافي هو ما يسعى الشيخ زيباري للمحافظة
عليه ونقله إلى الأجيال المقبلة.
ولم
يحتكر الشيخ زيباري هذه المكتبة الثرية لنفسه أو عائلته فقط بل فتح أبوابها لكل من
يرغب في الاطلاع على محتوياتها وصرح بأن المكتبة تستقبل العديد من الزوار من مختلف
الفئات وخاصة المثقفين والكتاب إضافة إلى الباحثين وطلبة الماجستير والدكتوراه
الذين يأتون للاستفادة من هذه المجموعة الفريدة من الكتب.
ويضيف
زيباري بفخر أن "المكتبة أصبحت بمثابة مرجع للعديد من الأكاديميين والباحثين
الذين يبحثون عن مصادر نادرة لدراساتهم وأبحاثهم".
وفي
ختام حديثه، يؤكد الشيخ زيد زيباري أن "الحفاظ على المكتبة هو ليس فقط حفاظاً
على إرث العائلة بل هو واجب ثقافي ألتزم به تجاه المجتمع. فهي ليست مجرد مكان لحفظ
الكتب بل هي نافذة على التاريخ والثقافة ومن خلالها يمكن للأجيال الحالية
والمستقبلية التعرف على تاريخهم وتطوير معارفهم".