رايتس ووتش: تركيا استغلت عدوانها على شمال سوريا لعزل رؤساء البلديات الكورد
شفق نيوز/ قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها، يوم الجمعة إن عزل السلطات التركية لرؤساء البلديات الكورد المنتخبين ديمقراطياً واعتقالهم ينتهك حقوق الناخبين.
وأكد التقرير أن الحكومة التركية تكثف هجومها على حزب الشعوب الديمقراطي المعارض HDP عن طريق إبعاد رؤساء البلديات ومنع عمل المجالس المحلية المنتخبة (البلديات) في جنوب شرق تركيا (شمال كوردستان).
وذكر التقرير أن هناك 23 من رؤساء البلديات رهن الاعتقال والمحاكمة بدعوى ارتكابهم "جرائم إرهابية"، أحدهم، عدنان سلجوق مزركلي، عمدة بلدية آمد، حيث من المقرر عقد جلسة محاكمة ثانية في 10 شباط الجاري، بتهمة "عضوية منظمة إرهابية"، رغم أن الأدلة في لائحة الاتهام ضده لا تدعم الاتهام بأنه متورط في الإرهاب أو ارتكب جرائم.
وقال هيو ويليامسون، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة هيومن رايتس ووتش إن "إبعاد واحتجاز ومحاكمة السياسيين الكورد المحليين كمسلحين مسلحين دون وجود أدلة دامغة على وجود نشاط إجرامي، يبدو أنها الطريقة المفضلة للحكومة التركية للقضاء على المعارضة السياسية".
وأضاف "لا ترتبط هذه الحالات بأي جهد مشروع لمكافحة الإرهاب ولكنها تدوس على حقوق العُمد والناخبين البالغ عددهم 1.8 مليون ناخب".
وازدادت عمليات عزل واحتجاز رؤساء البلديات الكورد من حزب الشعب الديمقراطي، بسرعة بعد العدوان العسكري التركي في 9 تشرين الأول 2019 في شمال سوريا ضد قوات سوريا الديمقراطية والادارة الذاتية في تلك المنطقة. منذ ذلك الحين، أمرت المحاكم باحتجاز رؤساء البلديات رهن المحاكمة قبل انتظار التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بصلاتهم المزعومة بحزب العمال الكوردستاني.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن عمليات العزل والاعتقال مستتمرة، حيث ألغت عمليات عزل رؤساء البلديات وعدم تمكين المجالس المحلية نتائج انتخابات البلديات التي اجريت في 31 آذار الماضي في أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد.
وبدأت الإجراءات ضد رؤساء البلديات في آب مع إقالة رؤساء بلديات حزب الشعوب الديمقراطي البارزين في أكبر ثلاث مدن في جنوب شرق وشرق تركيا، مما أثار احتجاجات ضد تصرفات الحكومة في آمد/ ديار بكر.
وتم تجريد 32 من رؤساء البلديات عن حزب الشعوب الديمقراطي في المنطقة من سلطاتهم التي وصلوا إلها بالانتخاب الديمقراطي، واستعيض عنهم بـ "أهل الثقة" المعينين من أنقرة. وبعد تعيينهم، لم يجتمع الموظفين المعينيين في المجالس المحلية، حيث قامت تركيا بتحييد دورهم في صنع القرار في الحكم المحلي، وأشار التقرير إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي فاز بـ 65 بلدية في المنطقة في الانتخابات المحلية في آذار.
وتمكنت "هيومن رايتس ووتش" من فحص 18 قضية أمرت فيها المحاكم باحتجاز رؤساء البلديات قبل المحاكمة، وكذلك سجلات شهاداتهم أمام النيابة العامة، وحصلت في ثلاث قضايا، لوائح الاتهام.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن قرارات المحاكم تقوم على ادعاءات غامضة ومعممة ضد رؤساء البلديات من قبل بعض الشهود، بعضها شهادات سرية، وذلك على نشر تفاصيل أنشطتهم السياسية ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لم تثبت وجود أي شك معقول في وجود نشاط إجرامي يبرر الاحتجاز.
كما أعد المدعي العام لائحة اتهام ضد رئيس البلدية المعتقل مزركلي في غضون أيام من اعتقاله في 22 أكتوبر وبدأت محاكمته في 25 ديسمبر.
مصادرة حق الكورد في الانتخاب
وأوضح التقرير أن هذه هي المرة الثانية التي تلغي فيها السلطات بشكل منهجي الديمقراطية المحلية للناخبين الكورد في تلك المنطقة، في ضوء حالة الطوارئ التي أعقبت محاولة الانقلاب في تموز 2016، أدخلت حكومة أردوغان تعديلات على قانون الانتخابات البلدية، حيث سيطرت بشكل مباشر على 94 بلدية من حزب الشعوب الديمقراطي وأزالت رؤساء البلديات والمجالس الذين فازوا في الانتخابات المحلية لعام 2014، حيث اعتقلت السلطات رؤساء البلديات في الفترة 2016-2017 في محاكمات ذات دوافع سياسية.
وقال ويليامسون مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة هيومن رايتس ووتش "يجب على تركيا أن تنهي استغلال الدوافع السياسية في تهم الإرهاب لاحتجاز المعارضين السياسيين ومحاكمتهم، على البرلمان إلغاء التغييرات التي أُدخلت على قانون البلديات بموجب حالة الطوارئ، والتي تُستخدم لتبرير الاعتقال التعسفي واحتجاز رؤساء البلديات".
الموقف الأوروبي
وقال التقرير إن الاتحاد الأوروبي وصف على لسان المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمنية إقالة رؤساء البلديات الثلاثة في آب بأنه يمثل "قلق بالغ لأنه يضع احترام النتائج الديمقراطية لانتخابات 31 آذار موضع تساؤل".
كما أعرب المجلس الأوروبي عن قلقه البالغ، وحذر تركيا من "الاستخدام المفرط للإجراءات القانونية ضد الممثلين المنتخبين المحليين في تركيا واستبدالهم بمسؤولين معينين من جانب الحكومة". كما أن قرار البرلمان الأوروبي في 19 أيلول 2019 دعا السلطات التركية إلى "إعادة جميع رؤساء البلديات والمسؤولين المنتخبين الآخرين الذين فازوا في الانتخابات المحلية في 31 آذار 2019".
استغلال العدوان على شمال شرق سوريا للتنكيل بالكورد
وقال ويليامسون "استخدمت تركيا توغلها العسكري في شمال شرق سوريا كذريعة لتكثيف حملتها على حزب معارض منتخب ديمقراطياً في البرلمان"، في اشارة الى حزب الشعوب الديمقراطي.
وأكد ان "إدارة أردوغان تغلق السياسة التي تتم ممارستها بطريقة قانونية في الجنوب الشرقي، وربما تغذي بذلك البدائل العنيفة وغير الديمقراطية وغير القانونية".
وأشار التقرير إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نفذ تهديداته قبل الانتخابات المحلية لعام 2019، حيث أثار الرئيس رجب طيب أردوغان مرة أخرى احتمال إزالة رؤساء البلديات. ففي 7 تشرين الأول أكتوبر 2018، قال خلال خطاب له في انقرة "إذا فاز في الانتخابات المقبلة الأشخاص المتورطون في الإرهاب عبر صناديق الاقتراع، فلن ننتظر، سنواصل طريقنا مع تعيين الوصي على الفور. لن ننتظر."
وكرر الرئيس التركي نفس الرسالة خلال تجمع انتخابي في 25 شباط 2019 أي قبل شهر من موعد الانتخابات البلدية.
وأكد التقرير إنه بعد التوغل العسكري الذي قامت به تركيا في شمال شرق سوريا، ازدادت قرارات عزل وسجن رؤساء بلدات من حزب الشعوب الديمقراطي HDP في جنوب شرق تركيا بشكل كبير.
وبررت تركيا العملية السورية بزعم أن الإدارة الذاتية في المنطقة لها روابط وثيقة مع حزب العمال الكوردستاني، واستمرت الحكومة في احتجاز رؤساء البلديات، بينما أعلنت عن إجراء تحقيقات جنائية ضدهم واستبدالهم بالموظفين المعينيين من أنقرة، وتم عزل رؤساء بلديات 29 بلدية في الفترة بين 17 تشرين الأول و23 كانون الأول، ولا يزال 23 منهم رهن الاعتقال الاحتياطي بانتظار المحاكمة.