الشتاء القارص يزحف نحو اقليم كوردستان والاهالي يستنجدون بالنفط الابيض "الشحيح" (صور)
شفق نيوز/ مع بداية موسم الشتاء يواجه أهالي محافظة السليمانية مشكلة مزمنة منذ نحو تسع سنوات وتتكرر في مثل هذا التوقيت من كل عام، عنوانها غلاء أسعار وقود تدفئة المنازل في الأسواق المحلية.
وفي كل عام، تتعهد السلطات بحل هذه الازمة لكنها تتفاقم في العام التالي، فمع حلول موسم البرد والأمطار في السليمانية، التي تمتاز بطقس شديد البرودة في فصل الشتاء وتحديداً مع قدوم الأمطار والثلوج الغزيرة، تسجل أسعار الوقود وخاصة النفط الابيض تبايناً ملحوظاً في الأسعار، إذ قفز سعر برميل النفط في بداية موسم الصيف إلى 290 ألف دينار للبرميل الواحد، بحسب مروان علي بائع النفط الأبيض الذي أكد لوكالة شفق نيوز أن الأسعار انخفضت بعد إعلان الحكومة توزيع النفط على المواطنين ليتراوح سعر البرميل بين 245 ألف دينار إلى 260 الف دينار بحسب نوعية النفط.
قفزة في سعر النفط الأبيض
إلا أن آوات محمد وهو احد بائعي النفط في السليمانية، أكد لوكالة شفق نيوز، أن أسعار النفط الأبيض هذا العام ارتفعت عن العام الماضي بنسبة تصل إلى 60% حيث كان البرميل في العام الماضي يصل للمواطن بسعر 160 الف دينار بينما يصله الان بسعر 260 الف دينار وهذه تعد زيادة ملحوظة بالأسعار على الرغم من انخفاض السعر عما كان عليه في فصل الصيف الذي وصل إلى 290 ألف دينار.
الأزمة الاقتصادية
ويقول المواطن فاخر عز الدين لوكالة شفق نيوز، إن هذا الامر "اثقل كاهل مواطني السليمانية المثقلة أصلاً بأعباء وأوزار الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اقليم كردستان منذ نحو تسع سنوات".
ويعلل عضو مجلس محافظة السليمانية كريم علي في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، هذا "الارتفاع الجنوني" في أسعار المشتقات النفطية في أسواق الإقليم، "بغياب الدعم الحكومي المباشر لأسعار تلك المنتجات التي تتحكم بها الأسواق الحرة الخاضعة للمنافسة ومبدأ العرض والطلب".
وأوضح علي أن "الأمر مرتبط أيضا بارتفاع أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، التي تقترن بارتفاع كلفة التكرير في مصافي إنتاج المشتقات النفطية ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع في أسعار المنتجات".
رواتب الموظفين أولى
فيما يرى الخبير الاقتصادي اياد علي، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "حكومة الإقليم تضع مسألة تأمين رواتب الموظفين على رأس أولوياتها، لذلك تضطر إلى تصدير النفط الخام إلى الأسواق العالمية، لاستخدام عائداته في دفع الرواتب، ولا تستطيع إمداد المصفيين الرئيسيين في أربيل والسليمانية بالنفط الخام، بغية إنتاج المشتقات النفطية التي تحتاج إليها الأسواق المحلية بصورة كاملة".
واضاف "حكومة الإقليم تسعى حالياً، بالتنسيق مع وزارة النفط الاتحادية إلى تأمين المحروقات لسكان المناطق الجبلية شديدة البرودة في محافظات الإقليم"، مشيراً إلى أن "دفعات من المشتقات النفطية تصل يومياً إلى الإقليم ويتم توزيعها على تلك المناطق في المرحلة الأولى بالاعتماد على البطاقة التموينية للمواطنين وبأسعار مدعومة تصل إلى 103 آلاف و500 دينار عراقي للبرميل الواحد".
بغداد وأربيل في دائرة الاتهام
ويلقي قطاع واسع من سكان الإقليم باللائمة في مسألة ارتفاع الأسعار على عاتق السلطات في الإقليم وبغداد، ويتهمونهما باستغلال حاجة السكان إلى الوقود في موسم الشتاء لجني أكبر قدر ممكن من الأرباح.
وبهذا الصدد يقول فاخر عز الدين (40 عاماً)، وهو كاسب، إن "حكومة الإقليم تتحمل المسؤولية المباشرة في هذه الأزمة وهذه المعضلة المزمنة التي تتكرر كل عام".
وبحسب مراسل وكالة شفق نيوز في السليمانية، فقد باشرت حكومة إقليم كوردستان بتوزيع برميل واحد لكل عائلة وبسعر 103 آلاف و500 دينار في بعض المناطق الجبلية في السليمانية وإدارة گرميان إلا أن سؤالاً يبقى مطروحاً مفاده: هل أن الحصة المخصصة للسليمانية من النفط ستكفي لكل العوائل ام ستعاد سيناريوهات الأعوام الماضية؟.
وعود حكومية
وبهذا الصدد يقول رئيس ممثلية حكومة اقليم كوردستان في بغداد، فارس عيسى، في مقابلة له مع دائرة الإعلام والمعلومات بتاريخ 12 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، انه "بحسب الاتفاق بين أربيل وبغداد، يجب أن يصل النفط الأبيض إلى إقليم كوردستان خلال عشرين يوماً".
وأضاف عيسى "بحسب قرار مجلس الوزراء رقم 169 بتاريخ 7 أيلول 2022، وجه رئيس وزراء حكومة اقليم كوردستان مسرور بارزاني وزارة الثروات الطبيعية بالتنسيق مع مؤسسات أخرى في حكومة الإقليم قبل حلول فصل الشتاء بضرورة حل موضوع النفط الأبيض والوقود بشكل عام مع وزارة النفط الاتحادية".
وأشار إلى انه "بناء على توجيه وتوصية رئيس الوزراء مسرور بارزاني في 20 أيلول 2022 التقينا بوزير النفط الاتحادي احسان عبد الجبار، ونائب الوزير حميد يونس الزعبي، بهدف شراء حكومة اقليم كوردستان 257 مليونا و500 الف لتر من النفط الأبيض من الحكومة الاتحادية وتوفير 200 لتر لكل عائلة في اقليم كوردستان".
وأكد عيسى "في إطار الاتفاقية بين اربيل وبغداد، أبلغتنا وزارة النفط الاتحادية أنه سيتم توفير حصة اقليم كوردستان نهاية الشهر الجاري، أي أن الوقود سيرسل خلال عشرين يوما إلى إقليم كوردستان، آملين ألا يكون الامر مثلما كان عليه في السنوات السابقة، حيث من أصل 257 مليون لتر سنويا، لم يتم إرسال سوى أقل من 65 مليون لتر لإقليم كوردستان".
من جهته، شدد رئيس وزراء إقليم كوردستان، خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى إقليم كوردستان، على ضرورة معاملة مواطني إقليم كوردستان كغيرهم من المواطنين العراقيين من حيث توزيع النفط والغاز والبنزين عليهم، مع مراعاة جغرافیة كوردستان، لا سیما وأنها منطقة جبلية يتسم فصل الشتاء فيها بالبرد القارص ما يستلزم حرق كميات وقود اكبر.
من جانبه اكد مصطفى الكاظمي لرئيس وزراء حكومة اقليم كوردستان ان "حصة اقليم كوردستان سيتم توفيرها وسنواصل تنفيذ الاتفاق".