محكمة النقض الفرنسية تدين ساركوزي بشكل رسمي وتقيده بالسوار الإلكتروني

محكمة النقض الفرنسية تدين ساركوزي بشكل رسمي وتقيده بالسوار الإلكتروني
2025-11-26T19:37:59+00:00

شفق نيوز- باريس

أغلقت محكمة النقض في فرنسا، يوم الأربعاء، الباب أمام استئناف الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي،، في فضيحة "بيجماليون" تمويل غير قانوني لحملة 2012، وأصبح مداناً بشكل رسمي، في القضية التي استمرت لأكثر من 13 عاماً.

الرجل الذي كان يلقب بـ"القيصر"، ويخشى غضبه في قصر الإليزيه، سيُضطر، الآن، إلى ارتداء السوار الإلكتروني مرة ثانية، أو قضاء 6 أشهر تحت المراقبة المنزلية، بسبب حملة انتخابية "مذهبة" العام 2012 تجاوزت سقف الإنفاق القانوني بأكثر من 20 مليون يورو، وتم تمويلها عبر شبكة فواتير مزورة لم يعد بالإمكان إنكارها.

وذكرت الأوساط الفرنسية فور إعلان الحكم أنه لم يعد هناك مفر أمام ساركوزي، فلا محكمة عليا يمكن لها أن تنقذه، ولا استئناف ممكن داخل فرنسا.

وأكدت المحكمة العليا الفرنسية (المحكمة الجنائية للنقض) اليوم الأربعاء، الحكم النهائي ضد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية "بيجماليون" الشهيرة، التي كشفت عن تمويل غير قانوني لدعمه الانتخابي الفاشل العام 2012.

وأصبحت هذه الإدانة الثانية النهائية في سجل الرجل الذي حكم فرنسا بين 2007 و2012، بعد قضية "التجسس بيسموث"، فيما يبقى ملف التمويل الليبي يلوح في الأفق كسيف معلق، على حد تعبير صحيفة "لوموند".

المحكمة العليا رفضت الاستئناف المقدم من ساركوزي و3 من المتورطين الآخرين، مما يجعل الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في باريس في 14 شباط/ فبراير 2024 نافذًا، وهو عام واحد من السجن، نصفه مشدد، قابل للتنفيذ بطرق بديلة مثل السجن المنزلي تحت المراقبة الإلكترونية أو "النصف حرية".

وهذا الحكم بحسب تقرير الصحيفة الفرنسية، الذي كان أقل حدة قليلاً من العقوبة الأولية العام 2021 (عام كامل مشدد – غير مشروط)، يُعد "حلاً غير مسبوق"، كما وصفه محاميا ساركوزي، باترس سبينوسي وإيمانويل بيونيكا، اللذان أعلنا أن موكلهم "يأخذ علمًا بالقرار، كما فعل دائمًا مع الأحكام السابقة".

وتعود جذور "بيجماليون" إلى حملة ساركوزي الانتخابية لعام 2012، حيث سعى الرئيس المنتخب لولاية ثانية ضد فرانسوا هولاند، لكنه خسر في النهاية.

وحينها، كانت القاعدة الانتخابية واضحة، وهي: سقف إنفاق لا يتجاوز 22.5 مليون يورو في الجولة الثانية. لكن التحقيقات كشفت عن "انفجار" في الإنفاق بلغ 42.8 مليون يورو - أي ضعف الحد الأقصى - بسبب مئات الاجتماعات الضخمة، والحملات الإعلامية الفاخرة.

ولإخفاء هذا الإفراط، أُقيمت شبكة معقدة من الفواتير المزيفة بين حزب اليمين السابق (الاتحاد من أجل حركة شعبية، UMP، الذي أصبح، لاحقًا، "الجمهوريون") وشركة "بيجماليون" للتواصل السياسي، المتخصصة في الفعاليات.

كانت الشركة، المقربة من جان فرانسوا كوبي (رئيس الحزب آنذاك)، تُحسب تكاليف الحملة كـ"اتفاقيات موضوعية وهمية" على الحزب، بدلاً من حسابات الحملة الانتخابية.

اعترفت "بيجماليون" نفسها، في 26 أيار/ مايو 2014، بأنها فوترت للحزب خدمات كان يجب أن تُحمل على حسابات ساركوزي، مما أدى إلى إدانة 14 شخصاً في المحاكمة الأولى، بما في ذلك مدير الحملة غيوم لامبرت، وكبار مسؤولي الحزب إريك قيزاري، وبيار شاسات.

ساركوزي، الذي لم يُثبت أنه أمر بالاحتيال مباشرة، أصر دائمًا على براءته، معتبرًا الاتهامات "أساطير وكذبات".

في دفاعه أمام المحكمة، نفى أي معرفة بالنظام، وقال: "لو كنتُ أعلم، لما سمحتُ بذلك". لكنه حُمل المسؤولية كمرشح، حيث اعتبرت المحاكم أن "جودته كمرشح تكفي للمساءلة الجنائية"، حتى لو لم يكن على علم شخصي بالتجاوزات.

التحقيق، الذي قاده القاضيان الراحل رينو فان رويمبيك وسيرج تورنير، أبرز دور مدير مكتب كوبي ونائب مدير الحملة جيريمي لافريليو، الذي أقر بالنظام، لكنه ألقى اللوم على الشركة.

وتأتي هذه الإدانة النهائية في وقت يعاني فيه ساركوزي، البالغ من العمر 70 عاماً، من ضغوط قضائية متراكمة.

في قضية "التجسس بيسموث" (الفساد وتجارة التأثير)، حُكم عليه نهائيًا، في ديسمبر 2024، بعام سجن شديد، نفذ جزءاً منه عبر سوار إلكتروني من شباط/ فبراير إلى أيار/ مايو 2025، قبل الإفراج المشروط.

أما في ملف التمويل الليبي لدعمه 2007 من خلال الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، فقد حُكم عليه، في أيلول/ سبتمبر 2025، بخمس سنوات سجن شديد، مع إطلاق سراح مشروط بعد 20 يوماً في سجن "لا سانتيه" في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومحاكمة استئناف مقررة في ربيع 2026 – حيث يظل "بريئاً مفترضاً".

ويقول مراقبون إن القرار القضائي، اليوم، يُعيد التأكيد على أن السياسيين لم يعودوا فوق القانون، مشيرين إلى أن هذه القضايا غيرت مسار ساركوزي من "القيصر" إلى رمز للفساد المحتمل.

ويفكر محاميا ساركوزي، الآن، في اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كما فعلا سابقاً.

أما التنفيذ، فيُتوقع استدعاء ساركوزي أمام قاضي تنفيذ الأحكام، في الأسابيع المقبلة، لترتيب الإقامة المنزلية، مع الأخذ بعين الاعتبار عمره ووضعه الصحي.

وفي بيانها، أكدت المحكمة العليا أن "المرشح والمدير والقياديين في الحزب الداعم محكوم عليهم نهائياً"، نهاية لقضية استمرت أكثر من عقد، وتذكير بأن الحملات الانتخابية "ليست ملعباً للإسراف غير المنضبط"، وفق نص القرار القضائي الرسمي.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon