لسد جوعهم.. أهالي الفاشر السودانية يأكلون جلود الأبقار
شفق نيوز- الخرطوم
تستمر حرب السودان القائمة منذ سنوات بمحاصرة سكان مدينة الفاشر غرب البلاد، بأزمة إنسانية صعبة وأقسى درجات الجوع، ما اضطر أهالي المدينة إلى تناول جلود الأبقار للبقاء على قيد الحياة، بعد نفاد علف الحيوانات الذي أصبح لفترة من الزمن وجبتهم الوحيدة.
وفي هذا الصدد يقول صالح عبدالله (47 عاما) لوكالة فرانس برس "شوينا جلد البقر بعد مرور ثلاثة أيام من دون تناوله الطعام"، مضيفا: "حتى هذا، كانت هناك صعوبة في الحصول على الحطب لإشعال النار لنشويه".
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب العام 2021، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي". ويُتهم الطرفان بارتكاب مجازر.
وتشكّل الفاشر آخر المدن الكبرى في إقليم دارفور الخارجة عن سيطرة قوات الدعم السريع، وبعد أكثر من عام من الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع، نفد كل شيء تقريبا من المدينة.
وأُجبرت معظم التكايا التي كانت توفر الغذاء للسكان على إغلاق أبوابها بسبب شح المواد، بحسب "لجان المقاومة المحلية" ومجموعات من المتطوعين ينسّقون المساعدات، وحتى أعلاف الحيوانات التي تحوّلت إلى غذاء للسكان، بات من الصعب الحصول عليها.
والأربعاء الماضي، نشرت "لجنة المقاومة المحلية" في الفاشر، وهي من المجموعات المدنية التي توثق الانتهاكات المرتبطة بالنزاع، مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر قطعا من جلود الحيوانات يتم شويها على نار خفيفة. وأرفق الفيديو على منصة إكس، بنص يفيد عن اضطرار الناس إلى تناول "الجلود القديمة" ليسدوا جوعهم.
وتقول اللجنة في النص "هنا الفاشر... حيث اضطر الناس إلى تناول علف الحيوانات كطعام، وحين نفدَ لم يجدوا سوى الجلود القديمة ليسدوا بها الرمق".
في المدينة، لجأ صلاح آدم (28 عاما) وهو طالب جامعي، إلى مركز إيواء في حي درجة أولى بعد نزوحه من حي أولاد الريف الذي سيطرت عليه قوات الدعم السريع في الأسابيع الأخيرة.
ويقول "أعتمد في طعامي على التكية التي توقفت من ستة أيام"، مضيفا "في اليومين الأولين، تقاسمت مع أسرة بليلة ذرة من دون ملح (حبوب الذرة يتم سلقها بالماء)". ويشير إلى أنّه لم يأكل منذ الأربعاء.
ومنذ آب/أغسطس، تكثّف قوات الدعم السريع قصفها وضرباتها بالمسيّرات على الفاشر وسيطرت في الأسابيع الأخيرة على أجزاء من المدينة.
وأظهرت صور بالأقمار الاصطناعية حللها مختبر البحوث الإنسانية (هيومانيتاريان ريسيرتش لاب) في جامعة ييل الأميركية أن قوات الدعم السريع أقامت سواتر على امتداد 68 كيلومترا حول الفاشر، تاركة مخرجا وحيدا من المدينة هو عبارة عن ممر يتراوح طوله بين ثلاثة وأربعة كيلومترات، يتعرض فيه المدنيون للابتزاز في مقابل العبور.
وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل عشرات الآلاف وتسببت بما وصفته الأمم المتحدة بـ"الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم"، وبتشريد أكثر من 13 مليون شخص، من بينهم مليون شخص نزحوا من الفاشر.
ومن هؤلاء، إبراهيم عثمان (36 عاما) الذي يقيم حاليا في طويلة على بعد 70 كيلومترا غرب المدينة، بعدما كان مصمّما على البقاء فيها. ويقول "كنت مقررا أن لا أغادرها نهائيا رغم القصف المتواصل لكن الآن الخوف من الموت جوعا (دفعني إلى أن) أغادر المدينة مهما كان الخطر".
ووفق المنظمة الدولية للهجرة، فقد تراجع عدد سكان الفاشر وهي المدينة الأكبر في المنطقة، بنحو 62 في المئة، من أكثر من مليون نسمة إلى حوالى 413 ألفا.