العراقيون أقلهم ترحيلاً.. ألمانيا تواجه انتقادات بسبب سياستها "القسرية" تجاه اللاجئين (إنفوغرافيك)
شفق نيوز- برلين
تعرضت الحكومة الألمانية لانتقادات جراء سياستها تجاه اللاجئين وانتهاج "الإبعاد القسري" لآلاف المهاجرين من مختلف الجنسيات، فيما جاء العراقيون في آخر قائمة الجنسيات العشر الأكثر ترحيلاً.
وانتقدت منظمة "دياكوني" الخيرية الكنسية، ممارسات الحكومة الألمانية بحق اللاجئين، وقال المستشار لشؤون اللاجئين والهجرة والاندماج في المنظمة، ميرت صايم "لاحظنا عمليات ترحيل منها ترحيل طفل بعد خضوعه بوقت قصير لعملية جراحية في القلب، وهذا من دون إجراء الفحص الطبي الضروري لمتابع حالته على الرغم من وجود موعد لهذا الفحص".
وكثيراً ما يذهب صايم إلى مطارات ولاية شمال الراين ويستفاليا، وخاصة مطار عاصمة الولاية دوسلدورف، ومن هذا المطار وحده، تم ترحيل أكثر من 2800 شخص من ألمانيا عن طريق الجو في عام 2024، حيث أن هؤلاء المُرحَّلين أشخاص رُفِضت طلبات لجوئهم أو لم تكن لديهم أية فرصة للبقاء في ألمانيا لأسباب أخرى، بحسب تقرير نشره موقع قناة "DW".
ويعمل صايم في منظمة "دياكوني" الخيرية الكنسية كمستشار لشؤون اللاجئين والهجرة والاندماج، وعمله يكمن في مراقبة عمليات الترحيل ميدانياً وتوثيق أي سلوك غير سليم في التعامل مع المُرحَّلين، الذين يعرف عددهم بالضبط، في حين ارتفع منذ العام 2022 من أقل من 13 ألفاً إلى أكثر من 20 ألفاً في العام.
وبحسب وزارة الداخلية الاتحادية في ألمانيا، فقد استمر هذا الارتفاع أكثر في عام 2025، اذ تم ترحيل 12 ألف شخص في النصف الأول من عام 2025، وبالتالي يزداد عمل ميرت صايم عندما يجب ترحيل أشخاص من ألمانيا رغماً عنهم بعد مراجعة قانونية، كما أن الانطباعات التي قد تكون مزعجة في بعض الأحيان يتم توثيقها ونشرها بانتظام.
ويقدم التقرير السنوي الحالي الصادر عن قسم مراقبة الترحيل في منظمة "دياكوني"، توصيات عامة أبرزها: "يجب في عمليات ترحيل المرضى فحص كل حالة على حدة والتحقق من حصول الشخص المعني في البلد المُرحَّل إليه على الرعاية الطبية الضرورية، ولا بد هنا من مراعاة إن كان يمكنهم شخصياً الحصول على العلاج وتحمُّل تكاليفه".
ولكن نادراً ما يحدث ذلك، بحسب التقرير، وعادة لأسباب أخرى، ومثلًا يرفض الطيارون أحياناً الطيران عندما يتصرف الأشخاص الذين يجب ترحيلهم بعدوانية، وذلك لأنَّ الأولوية لأمن جميع الركاب على متن الطائر، وهذا أيضاً هو رأي الشرطة الاتحادية، المسؤولة عن أمن الحدود، والتي يتعاون معها منذ فترة طويلة قسم مراقبة الترحيل المستقل عن الدولة في شمال الراين وستفاليا.
بينما أشارت رئيسة المفتشين المُلِمّة بهذا الموضوع، أندريا هوفمايستر من قسم الصحافة في مديرية الشرطة الاتحادية في بلدة سانت آوغستين الألمانية، إلى أن "كل الزميلات والزملاء المشاركين في عمليات الترحيل تلقوا تدريبات، بعضها في شكل دورات تدريبية خاصة، وفي المطار تم تجهيز غرف خاصة للعائلات والأطفال".
دعوة لمزيد من الشفافية
ولا يمكن لمراقب الترحيل، ميرت صايم، تكوين صورة كاملة عن مثل هذه الإجراءات لتهدئة التوتر العاطفي عند الأشخاص الملنزمين بمغادرة ألمانيا، وذلك لأنَّ نظره لا يصل إلا إلى مدخل الطائرة وهذه مسافة قصيرة جداً من وجه نظره، حيث يدعو إلى مزيد من الشفافية بقوله: "يجب توسيع نطاق مراقبة إجراءات الترحيل وتعزيزها هيكلياً".
وأضاف صايم، أن شيئاً كهذا يجب ترسيخه في القانون على المستوى الاتحادي ومستوى الولايات، ويجب أن يشمل ذلك أيضاً إمكانية مراقبة عملية الترحيل كلها، مستطرداً بالقول: "نحن نقصد بذلك على وجه الحديد احضار الأشخاص من مكان إقامتهم ووقت رحلة الطيران، وهذا محدد إلزامياً منذ عام 2008 في توجيه صادر عن الاتحاد الأوروبي".
مسار أكثر تشدد
بيد أنَّ ألمانيا تتجاهل هذا التوجيه، وتعمل مع دول أخرى على مزيد من التشديدات، فقد دعا في شهر تموز/ يوليو الماضي وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت نظراءه من النمسا والدنمارك وفرنسا وجمهورية التشيك وبولندا من أجل التنسيق.
وجاء في بيانهم المشترك أنَّ "عمليات الإعادة الفعّالة تعتبر شرطاً أساسياً للثقة في سياسة هجرة أوروبية متوازنة".
غير أنَّ القس رافائيل نيكوديموس، من منظمة "دياكوني" الخيرية راينلاند وستفاليا ليبه، والتي يتبعها تنظيمياً قسم مراقبة الترحيل، يتمنى الثقة بمعنى مختلف.
وقال إن "الشفافية في هذا المجال المغلق مفيدة لجميع المؤسسات المشاركة في عملية الترحيل، ومن المهم وجود رؤية مشتركة بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية لما يمكن قبوله إنسانياً".
وعواقب الضغوط السياسية المتزايدة ونقاش الهجرة المستقطب اجتماعياً في ألمانيا يلاحظها القس نيكوديموس هناك أيضاً، حيث غالباً ما يجد الأشخاص المهددون بالترحيل ملاذهم الأخير في الكنيسة، ففي عام 2024، كانت توجد 320 حالة جديدة من اللجوء الكنسي في ولاية شمال الراين وستفاليا، كما يقول نيكوديموس: "هذا العدد كان أقل في السنين السابقة".