أعلى نسبة تصويت منذ 28 عامًا في أول انتخابات بزمن كورونا

أعلى نسبة تصويت منذ 28 عامًا في أول انتخابات بزمن كورونا
2020-04-17T14:16:32+00:00

شفق نيوز/ تنعكس ازمة انتشار فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد 19 بأشكال شتى على دول العالم؛ ويظهر انه وان كانت النتائج لم تزل في بدايتهاـ سيكون لطبيعة أداء الدول والحكومات في مواجهة المرض تأثير كبير على طبيعة المنحى السياسي فيها.
وتوجه ملايين الناخبين في كوريا الجنوبية منذ صباح الأربعاء 15 نيسان الجاري للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية العامة، التي عقدت وسط إجراءات صارمة بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وذلك بعد تعقيم لجان الاقتراع، وإلزام الناخبين باتباع كل إجراءات السلامة.
بشأن هذه الانتخابات البرلمانية التي حقق فيها الحزب الديمقراطي الحاكم نصرًا كبيرًا، نشرت شركة بلومبرج للخدمات الإخبارية والإعلامية والمعلومات المالية في نيويورك تقريرًا لمراسليها جي هي لي، وكانجا كونج، قالا فيه إن هذه التجربة الأولى من نوعها في زمن الجائحة تثبت لقادة العالم أن الاستجابة القوية للفيروس، يمكن أن تترجم إلى أصوات في صناديق الاقتراع.
في بداية التقرير، يلفت المراسلان إلى النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات الكورية؛ إذ فاز الحزب الحاكم والحزب التابع له بـ 180 من أصل 300 مقعد في البرلمان، وبلغت نسبة الحضور الانتخابي 66%، وهي النسبة الأعلى منذ 28 عامًا، وتعد هذه الأرقام دلالة على دعم رئيس الوزراء في تعامله مع جائحة كورونا.
يقول الدبلوماسي الأمريكي الذي عمل سابقًا في كوريا، مينتارو أوبا «هذه الرسالة تذكرنا بأن الناس يستجيبون للقيادة المتزنة والجديرة بالثقة في وقت الأزمات. لقد أظهر مون جاي-إن أنه يمكنك الفوز بالانتخابات بناء على إعجاب الناس بكفاءتك، لا إعجابهم بشخصيتك».
وحصل المعسكر التقدمي الذي يضم مون، على أغلبية ساحقة بنحو ثلاثة أخماس المقاعد، مما يسمح له بالضغط نحو تشريعات جديدة، من دون التأثر بالأصوات المعارضة، ومنها ميزانية إضافية لتحفيز الاقتصاد. كما أكسب هذا النصر زخمًا لأهداف المعسكر الرئيسة، ومنها الحد من التفاوت في الدخل، وذلك من خلال منح الأولوية للأجور، وإصلاح مجموعات الشركات الضخمة التي تديرها العائلات، وتشديد القوانين على تطوير العقارات مرتفعة الثمن.
وتشير «بلومبرج» إلى انخفاض أسهم الشركات العاملة في الطاقة النووية في البلاد صباح الخميس 16 نيسان، بسبب القلق من أن نصر مون سيزيد من ضغطه للحد من الإنفاق على الطاقة النووية.
يقول الاقتصادي في المعهد الكوري للتطوير، نام تشانج يو «ستمرر السياسات التي لقت معارضة سابقًا بسهولة الآن، وهو ما سيقلل من الشكوك عند وضع السياسات. ولأن الاقتصاد يتجه نحو الكساد الآن، فلن يسهل تطبيق إصلاحات المجموعات التي تديرها العائلات الآن، لكنها قد تأتي حين يبدأ الاقتصاد في التعافي».
وبرغم فوزه الكبير، يشير التقرير إلى أن حزب الرئيس الكوري مون، لم يستطيع تحقيق أغلبية الثلثين، المطلوبة من أجل إجراء تغييرات كبيرة تتطلب تعديلات دستورية، مثل السماح للرؤساء في المستقبل بالخدمة لأكثر من فترة واحدة. وبقاء هذا القيد على الفترة الرئاسية يلفت الانتباه إلى خلفائه المحتملين، وأولهم رئيس الوزراء السابق لي نك يون، الذي انتصر على زعيم المعارضة هوانج كيو آن، في أحد أهم صراعات هذه الانتخابات.
ويقول هوانج، زعيم المعارضة، إنه سيستقيل من منصبه في حزب «المستقبل الموحد». وكان الحزب المحافظ قد حاز 103 مقاعد في البرلمان، لكن أغلبها كان على حساب الأحزاب الأصغر، وليس الحزب الحاكم.
كان مون قد تعثر – مثل العديد من قادة العالم – في استجابته الأولى للجائحة؛ إذ كان يتوقع أن يقضى على الفيروس مبكرًا، لكن عدد حالات الإصابة ارتفع في غضون أيام. وسرعان ما ركزت الحكومة على إجراء الاختبارات الجماعية، وعزل المرضى؛ لتنجح بذلك في إبطاء معدل التفشي، وخفض معدلات الإصابة هذا الشهر إلى أدنى مستوياتها منذ شبّاط الماضي.
وازدادت شعبية حكومة مون بعد تعاملها مع الفيروس، وذلك بعدما كانت كوريا الجنوبية من أكثر الدول تضررًا في العالم في بداية انتشار الجائحة. ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة التأييد الشعبي لـ مون من 42% إلى 56% خلال الأزمة التي أثنى العالم فيها على تعامل كوريا الجنوبية.
ويوضح المراسلان، أن قرار إجراء الانتخابات يتناقض مع القرار الذي اتخذته بعض الولايات الأمريكية بتأجيل الانتخابات التمهيدية الرئاسية، وكذلك القرار الذي اتخذته فرنسا في هذا الشأن؛ إذ عَلَّقت الجولة الثانية من الانتخابات المحلية، بعد زيادة حالات الإصابة بالفيروس. وعلى الجانب الآخر، تخطط بولندا لإجراء انتخابات رئاسية في 10 أيار من خلال الاقتراع بالبريد.
يضيف التقرير: إذا أثبتت نتائج استطلاعات الرأي دقتها، فسوف تظهر هذه التجربة أن إجراء الانتخابات في ظل تفشي الفيروس ليس ممكنًا فحسب، بل يمكن أن يكون أيضًا مفيدًا للسياسيين الذين ينظر إليهم بوصفهم بارعين في إدارة الأزمة.
وهنّأ وزير الخارجية الأمريكي، مايكل بومبيو، كوريا الجنوبية على انتخاباتها الناجحة، قائلًا «الإخلاص للقيم الديمقراطية في وجه وباء عالمي، يدل على مجتمع حر ومنفتح وشفَّاف، وهي الصفات الضرورية لمواجهة الأزمة الحالية».
واتخذت كوريا الجنوبية الاحتياطات المطلوبة للحفاظ على سلامة الناخبين: ألزمت الناخبين بالوقوف على مسافة متر واحد (3 أقدام) في الأقل بعضهم من بعض، وارتداء كمامات وقفازات تُستعْمَل لمرة واحدة، والخضوع لاختبار درجة حرارة أجسادهم، في حين جرى تعقيم مراكز التصويت لمرات عديدة. وبلغت نسبة إقبال الناخبين حوالي 66%، وهي النسبة الأعلى خلال 24 عامًا، وتشير النتائج المتوقَّعة إلى إظهار الدعم لمون في تعامله مع الأزمة.
وقد أتاح الفيروس فرصة للرئيس مون؛ لإعادة ترميم الدعم الذي تضرر بسبب التباطؤ الاقتصادي، وفضائح الفساد التي تورط فيها مساعدون رئاسيون، وتزايد التوترات مع كوريا الشمالية، التي أطلقت دفعات صواريخ لاستعراض القوة في ليلة الانتخابات. وتأتي الانتخابات في منتصف المدة الرئاسية للرئيس الكوري، وهي النقطة التي تلقت عندها الرئيسة السابقة، بارك جيون هايا، خسارة انتخابية جعلتها غير ذات قيمة، ومهدت الطريق لعزلها من منصبها.
يشير التقرير إلى أنه قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات، أعلنت الحكومة ميزانية إضافية ثانية بنحو 7.6 تريليون وان (6.2 مليار دولار) لتكون بمثابة دعم نقدي طارئ للناس، بعد أن هدد الفيروس وظائفهم ومرتباتهم.
يقول مدرس العلوم السياسية بجامعة هانكوك، لي جاي موك «غالبًا ما شهد التاريخ الكوري هزيمة الحزب الحاكم في الانتخابات الانتقالية، ولذلك فمن النادر أن يربح رئيس حالي».
وكان تأجيل الانتخابات سيكون سابقة مقلقة في تاريخ ديمقراطية كوريا الجنوبية، الذي يمتد إلى ثلاثة عقود؛ إذ كان العديد من أنصار مون من بين الذين خرجوا إلى الشوارع في ثمانينيات القرن الماضي لإنهاء الحكم الاستبدادي.
واختتم المراسلان تقريرهما بتأكيد المستشارة في مجموعة الأزمات الدولية، دو يون كيم، على أن «شعب كوريا الجنوبية أصيب في الماضي بصدمة نفسية؛ بسبب العيش في ظل أنظمة استبدادية، لذلك يرون الانتخابات ضرورة لا غنى عنها. وحتى الحرب الكورية لم تمنعهم من التصويت في السباق الرئاسي عام 1952، ولم يمنعهم كذلك تفشي فيروس إنفلونزا الخنازير (إنفلونزا H1N1) عن التصويت في الانتخابات البرلمانية التكميلية في عام 2009».

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon