قانون العجز المالي.. "انتقام" سياسي شيعي من الكورد
شفق نيوز/ مرر مجلس النواب (البرلمان) العراقي فجر الخميس مشروع قانون تمويل العجز المالي بقيمة 12 تريليون دينار دون تضمين الاتفاق المبرم بين بغداد وأربيل بخصوص رواتب موظفي الإقليم، وهو ما اعتبره البعض "انتقاماً" من قوى شيعية من الكورد على خلفية اتفاق سنجار.
وواجهت مطالب القوى الكوردية في البرلمان العراقي معارضة شديدة من القوى السياسية الشيعية وهو ما حال دون تضمينها في قانون تمويل العجز المالي.
ولم يتم تضمين رواتب موظفي الإقليم في القانون رغم أن بغداد وأربيل توصلتا الى اتفاق في آب/أغسطس الماضي يقضي بارسال بغداد 320 مليار دينار إلى أربيل شهريا لتغطية جزء من نفقات موظفي الاقليم لحين التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الخلافات بين الجانبين.
وعمدت بغداد إلى قطع رواتب موظفي الإقليم في نيسان/أبريل الماضي، بعدما قالت الحكومة التي كان يقودها آنذاك عادل عبد المهدي، إن أربيل لم تف بالتزاماتها في الموازنة والمتمثلة بتسليم 250 ألف برميل من النفط للحكومة الاتحادية، وهو ما نفت صحته حكومة الإقليم.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، خاض الجانبان مباحثات مكثفة للتوصل إلى اتفاق لحل المسائل العالقة.
واعتبر النائب عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان العراقي بشار الكيكي أن رفض القوى الشيعية لمطالب الكورد يعود لأهداف انتخابية و"انتقاماً" من اتفاق سنجار بين بغداد وأربيل.
وسرد الكيكي تفاصيل ما جرى لوكالة شفق نيوز، قائلاً: "طالبنا بتضمين الاتفاق بين بغداد واربيل بارسال 320 مليار دينار شهريا لحكومة الاقليم ولمدة 3 اشهر لحين اقرار الموازنة (2021)".
وأضاف، "إلا أن القوى السياسية الشيعية رفضت ذلك، واشترطت تسليم واردات النفط الشهرية في الاقليم الى جانب واردات المنافذ الحدودية كاملةً مع المساءلة القانونية في حال الاخلال بهذه الشروط وهو امر رفضته القوى الكوردية".
وكان الاتفاق بين بغداد وأربيل يقضي بأن تغطي الحكومة الاتحادية جزءاً من رواتب موظفي الإقليم بقيمة 320 مليار دينار، في حين تتولى حكومة الإقليم تغطية ما تبقى بقيمة نحو 500 مليار دينار من مبيعات النفط وإيرادات المعابر الحدودية.
وفي حال سلّم الإقليم كامل إيرادات بيع النفط والمعابر، فكيف سيتمكن من توفير 500 مليار دينار لصرف رواتب الموظفين، وهو ما يكشف الشروط التعجيزية التي وضعتها القوى الشيعية أمام الكورد.
وقال الكيكي إن "الكورد لم يصوتوا على قانون العجز المالي بالإجماع، وخرجوا من الجلسة"، مردفاً "لم نتوقع من القوى الشيعية هذه الشدة السياسية مع الكورد لاهداف انتخابية واجندات متكالبة أبرزها اتفاق سنجار للضغط على الكورد من جهة والكاظمي من جهة أخرى وإلقاء الازمات في ساحة القوى الكوردية وهو أمر اعتدنا عليه".
وتابع بالقول، "حاولنا التوصل لتوافق مع القوى السياسية، وملتزمون بتنفيذ الاتفاقات مع الحكومة الاتحادية ولم نرفض تسليم عائدات النفط او المنافذ الحدودية الا ان الشروط التي ضمنتها بعض القوى انتقامية".
وكانت بغداد وأربيل قد توصلتا الشهر الماضي إلى اتفاق لتطبيع الأوضاع في قضاء سنجار، معقل الايزيديين، في محافظة نينوى.
ويقضي الاتفاق بإدارة القضاء بصورة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان وإخراج الجماعات المسلحة منها وعلى رأسها الحشد الشعبي العراقي وحزب العمال الكوردستاني المناهض لتركيا.
ولم يحظ الاتفاق برضى غالبية القوى الشيعية الممثلة في البرلمان، والتي لديها أذرع مسلحة ضمن الحشد الشعبي، ويرتبط بعضها بصلة وثيقة مع إيران.
ويأتي تشريع قانون العجز المالي لتأمين غطاء شرعي للحكومة على اعتبار أن العراق لم يقر الموازنة المالية لعام 2020 بسبب أزمة الاحتجاجات التي أطاحت بالحكومة السابقة وتلتها أزمة جائحة كورونا التي قلصت إيرادات الدولة إلى النصف تقريباً.
والعراق أحد البلدان ذات الاقتصاد الريعي، حيث يعتمد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95 في المئة من نفقات الدولة.
ويعيش البلد أزمة مالية خانقة جراء تراجع أسعار النفط بفعل أزمة جائحة كورونا التي شلت قطاعات واسعة من اقتصادات العالم.
إلا أن الأزمة المالية تركت تأثيراً أكبر في إقليم كوردستان الذي لم يصرف رواتب موظفيه لعدة أشهر خلال العام الجاري، جراء رفض بغداد إرسال الأموال المخصصة للرواتب.
وأبدى النائب عن كتلة التغيير غالب محمد رفض كتلته اقحام رواتب وحقوق الموظفين ضمن الصراعات والخلافات بين حكومتي بغداد واربيل.
وقال محمد لوكالة شفق نيوز، "طالبنا مراراً بتوطين رواتب موظفي الاقليم ضمن الحكومة الاتحادية باعتبارهم جزءاً من موظفي العراق، وإبعاد أرزاق الموظفين والشعب الكوردي عن أي خلافات او نزاعات سياسية"، منتقدا "موقف الحكومة المستقوي على الضعفاء وترك الاقوياء"، بحسب تعبيره.
وتابع أن "الخلافات تحل بتفاهمات أو طرق قانونية وقضائية بعيداً عن قوت الشعب وأرزاقه".