يوثقان تاريخ العنف.. روائيان عراقيان يعكسان فهماً أعمق لبلادهما يتجاوز الغزو الامريكي
شفق نيوز/ ذكر موقع "كونفيرزيشن" الاسترالي، ان ميدان الأدب العراقي، شهد ولادة روايات وقصص تعكس فهماً أكثر عمقا لتاريخ البلاد المعاصر وأكبر من قضية الغزو الامريكي للبلاد خلال العقدين الماضيين.
واستهل الموقع الاسترالي تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، بالإشارة إلى مفارقات أنه بعد مرور نحو 20 سنة على الغزو الأمريكي، فإن العديد من الأمريكيين نسوا الغزو الى حد كبير، برغم ان ذكرى احداث هجمات 11 ايلول/ سبتمبر ما تزال ماثلة في اذهانهم.
الأمريكيون يجهلون مكان العراق
كما ذكّر التقرير بأنه حتى في وسط الحرب التي كانت جارية في العراق في العام 2006، فإن معظم الشباب الامريكيين لم يتمكنوا من تحديد موقع العراق على الخريطة.
وفي المقابل، قال التقرير ان العديد من العراقيين يمتلكون فهما اكثر دقة وعمقا لتاريخ بلادهم الحديث، وهو فهم يمكن رؤيته في اعمالهم الادبية، خصوصا في الادب المعاصر بعد الغزو.
وتابع التقرير ان الادب العراقي خاض عمليات تنقيب عميقة عن الماضي القريب للعراق، متخطيا حدود الغزو الامريكي، مضيفا ان الادب العراقي يعكس في الوقت نفسه احيانا مراحل دكتاتورية صدام حسين والحرب الايرانية العراقية، وتجربة الهجرة الى الدول الغربية، بالاضافة الى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر والغزو الامريكي في العام 2003.
أدب بعيد عن الغزو
واوضح التقرير انه في حين ركز الكثيرون في الولايات المتحدة على العراق من منظور غزو العام 2003، فإن هذه الاحداث لا تشكل اساسا في الاعمال الادبية العراقية.
وفي هذا السياق، تناول التقرير اعمالا ادبية في مجال القصص القصيرة للمؤلفين العراقيين حسن بلاسم، وضياء الجبيلي، وهما روائيان نالا شهرة في وسائل الاعلام الغربية، واعمالهما الادبية توفر وسيلة لفهم بعض الروايات الادبية للتاريخ العراقي الحديث.
بلاسم والجبيلي
ولفت التقرير الى ان بلاسم، مخرج وكاتب من مواليد بغداد عام 1973، ويقيم في الوقت الحالي في فنلندا، في حين ان الجبيلي من مواليد 1977 في البصرة التي ظل يقيم فيها.
وقال التقرير ان روائيات بلاسم والجبيلي تتناول الغزو الامريكي وتداعياته في اطار جزء من تناولهما للتاريخ الاطول للاحتلال الاجنبي والعنف السياسي الداخلي في العراق والذي له جذور منذ منتصف القرن الماضي، عندما كانت الحكومات العراقية المتعاقبة التي استقلت حديثا، وداعموها من الدول الغربية، تحاول رسم مسار للبلاد للتقدم.
وفي روايات بلاسم والجبيلي يظهر ان العقود الماضية هي التي اصبحت تحدد ملامح العراق المعاصر، اكثر من الاقتصار على الغزو الامريكي وحده.
دكتاتورية صدام
واشار التقرير الى انه تمت كتابة العديد من قصصهما القصيرة عن حروب العراق السابقة وديكتاتورية صدام من دون الاشارة الى الغزو الامريكي، وهذه الروايات عندما تتطرق الى الغزو، فإنها غالبا ما تكون ضمن تناول سلسلة من احداث العنف في الروايات.
الضفدع العملاق
وذكر التقرير ان المواضيع التي يتناولها الجبيلي في رواياته تعكس الكثير الارتباك الذي تخلقه الحروب المتتالية، كما في روايته التي تحمل عنوان "الضفدع" والتي تتحدث عن رجل مغامر يسعى الى تحقيق ارباح كبيرة من خلال اصطياد الضفادع من نهر شط العرب في البصرة، ثم بيعها للعمال الاسيويين الذي يعملون في مصافي النفط.
ثم في احد الايام، يصطاد "الضفدع العملاق" الذي يعيش في النهر منذ الحرب العراقية الايرانية خلال ثمانينيات القرن الماضي، ثم يظهر هذا الضفدع كأنه ضائع وهو يسأل الصياد: "هل انتهت الحرب؟".
لكن الرواية تتساءل عن اي حرب يتساءل، حتى وان كان موقع البصرة يشير الى انها كانت مركزا للحرب العراقية الايرانية طوال 8 اعوام خلال الثمانينيات، مضيفا ان العراق شهد ايضا ثورات في العام 1991 عندما حاولت الاقليات الكوردية والشيعية الاطاحة بصدام، كما ان العراق قام بغزو الكويت العام 1990 بسبب الاطماع الاقليمية، وان الامم المتحدة فرضت عقوبات اقتصادية خانقة لمدة 13 عاما.
ولفت التقرير الى ان حياة شخصيات الجبيلي في روايته، هي مثل الضفدع، متاثرة بالعديد من هذه الاحداث.
واشار التقرير الى ان روايات الجبيلي غالبا ما تتضمن الفكاهه الغامضة، في حين ان الاسلوب الروائي لبلاسم الذي نال جوائز ادبية، يتناول اساليب العنف والمعاناة الانسانية.
الحفرة
وتابع التقرير ان لبلاسم قصة قصيرة تحمل عنوان "الحفرة" وصدرت في العام 2014، وتروي كيف ان رجلا يهرب من مسلحين ملثمين في بغداد ثم يسقط في حفرة عميقة، ولكنه سرعان ما يدرك انه ليس الشخص الوحيد المحاصر داخل الحفرة، حيث هناك شخص اخر يدعي انه من عالم الجن يقول انه سقط في الحفرة خلال هروبه من الاضطهاد في مرحلة الخلافة العباسية، وفي الحفرة نفسها، هناك ايضا جثة جندي روسي من الحرب السوفيتية الفنلندية بين عامي 1939 و1940.
وتابع التقرير انه التقرير انه في وقت لاحق من الرواية، فإن سيدة اخرى تسقط في الحفرة، وهي مغطاة بالالكترونيات خلال فرارها من روبوت مستقبلي، وهكذا تتحول الحفرة رمزيا الى تعبير عن سلسلة تربط "المعارك الدموية المتكررة والمثيرة للاشمئزاز" عبر الازمنة والامكنة المختلفة.
وختم التقرير بالقول ان مثل هذه هذه القصص تحث القراء على تعزيز اهمية الحياة البشرية، مضيفا ان هذه الادبيات تخالف سرديات الغزو الامريكي باعتبار انه حدث يفترض انه استثنائي.