إيران تستعد للذكرى الاولى لاحتجاجات "مهسا أميني": نقاط تفتيش وطرد من الجامعات
شفق نيوز/ تستعد السلطات في إيران مع اقتراب الذكرى الأولى للاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة الشابة، مهسا أميني، على يد عناصر من شرطة الأخلاق، بإقامة نقاط تفتيش مفاجئة وطرد بعض الطلبة والأساتذة من الجامعات وتعطيل الإنترنت.
وقال تقرير مطول لوكالة أسوشيتد برس؛ إن "هذه هي الأساليب التي يحاول رجال الدين في إيران جاهدين من خلالها لتكتيم الذكرى السنوية المقبلة للاحتجاجات التي شهدتها البلاد على فرض الحجاب إلزاميا، وإخماد أي احتمال لمزيد من الاضطرابات".
ومع ذلك لا تزال أصداء وفاة، مهسا أميني (22 عاما)، في 16 سبتمبر الماضي، تتردد في أنحاء البلاد، إذ تختار بعض النساء عدم ارتداء الحجاب رغم حملة القمع المتزايدة التي تشنها السلطات.
كذلك يقوم عمال بلدية طهران بطلاء الجدران باللون الأسود للتغطية على الكتابات المنتقدة المعارضة للحكومة.
كما يتم فصل أساتذة جامعيين بسبب دعمهم للمتظاهرين.
ولا تزال هناك ضغوط دولية قوية على إيران، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة تهدئة التوترات مع الدول الأخرى في المنطقة والغرب القائمة منذ سنوات.
وحذر خبراء مستقلون في الأمم المتحدة في وقت سابق من الشهر من أن "استخدام الآداب العامة كسلاح لحرمان النساء والفتيات من حرية التعبير يهدف إلى إضعافهن بشكل كبير ويؤدي إلى ترسيخ وتوسيع التمييز بين الجنسين والتهميش".
وكانت المظاهرات التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني وهي رهن الاحتجاز لدى شرطة الأخلاق واحدة من أكبر التحديات التي واجهت نظام الملالي في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وأدت حملة القمع التي شنتها قوات الأمن بعد ذلك إلى مقتل أكثر من 500 شخص واعتقال أكثر من 22 ألفا آخرين.
وألقت الحكومة الإيرانية والمرشد الأعلى، علي خامنئي، باللوم على الغرب في إثارة الاضطرابات، دون تقديم أدلة تدعم هذا الادعاء.
ووجدت الاحتجاجات وقودا لها في الأزمة الاقتصادية الخانقة الذي واجهها سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة منذ انهيار الاتفاق النووي مع القوى العالمية بعدما سحب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عام 2018 بلاده من الاتفاق.
ومع عودة العقوبات الغربية انهار الريال الإيراني، ما قضى على مدخرات المواطنين. وارتفعت أسعار المواد الغذائية وغيرها من الضروريات بشكل كبير بسبب التضخم في البلاد، ويعود ذلك جزئيا إلى الضغوط العالمية في أعقاب جائحة فيروس كورونا، وشن روسيا حربها على أوكرانيا.
وبلغ معدل البطالة رسميا 8 في المئة، رغم أن الواقع يقول إن 20 في المئة من الشباب الإيراني عاطل عن العمل.
وأظهرت مقاطع مسجلة مصورة لمظاهرات العام الماضي مشاركة العديد من الشباب في الاحتجاجات، ما دفع السلطات إلى التركيز بشكل أكبر على الجامعات في الأسابيع الأخيرة.
وهناك سابقة تاريخية لهذه المخاوف، ففي عام 1999 اجتاحت احتجاجات قادها الطلبة العاصمة طهران، وقتل ثلاثة أشخاص على الأقل واعتقل 1200 آخرين مع انتشار المظاهرات إلى مدن أخرى.
ورغم أن الحرم الجامعي ظل إلى حد كبير أحد الأماكن القليلة الآمنة التي يمكن للطلاب التظاهر فيها، إلا أن حملة القمع الأخيرة طالتها هي أيضا. فخلال العام الماضي ذكر اتحاد الطلبة الإيرانيين أن مئات الطلبة واجهوا لجانا تأديبية في جامعاتهم بسبب الاحتجاجات.
وخلال الفترة نفسها، تم فصل ما لا يقل عن 110 أساتذة ومحاضرين جامعيين أو إيقافهم عن العمل مؤقتا، وفق تقرير نشرته صحيفة "اعتماد" الإصلاحية. وتركزت عمليات الفصل في جامعات طهران آزاد، وطهران، وطهران الطبية.
وأوردت صحيفة اعتماد أن من تم فصلهم ينقسمون إلى مجموعتين، الأساتذة القلقون من انتخاب الرئيس المتشدد، إبراهيم رئيسي، وداعمو الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني.
كما جرت إقالات في جامعات أخرى أيضا، مثل جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، حيث كان، علي شريفي زرشي، أستاذ الذكاء الاصطناعي، الذي دعم طلابه المشاركين في الاحتجاجات وواجه لاحقا استجوابا من قوات الأمن الإيرانية، من بين من تم تسريحهم.
ووقع 15000 شخص على مناشدة تدعو الجامعة إلى إلغاء إقالته.
كان زرشي قد كتب على موقع بالإنترنت قبل إقالته "الضغط على الأساتذة والطلبة هو وصمة عار سوداء في تاريخ جامعة طهران المشرف ويجب إيقافه".
ومن بين أساتذة الجامعات الذين تم فصلهم أيضا، حسين علائي، القائد السابق في الحرس الثوري ونائب وزير الدفاع، ورضا صالحي أميري، وزير الثقافة السابق. وكان علائي قد شبه قبل عشر سنوات خامنئي بشاه إيران السابق، في حين كان أميري مسؤولا سابقا في إدارة الرئيس المعتدل نسبيا، حسن روحاني.
وانتقد روحاني، الذي كانت حكومته هي من أبرمت الاتفاق النووي مع القوى العالمية عام 2015، عمليات فصل الأساتذة من الجامعات. وقال، بحسب تقرير لموقع "جمران" الإخباري الإلكتروني "تدمير هيبة الجامعات وأساتذتها (...) خسارة للطلبة والعلم والبلد بأكمله".
وكان رئيس جامعة طهران، محمد موغيمي، قد حاول الدفاع عن عمليات الفصل، واصفا الأساتذة بأنهم يواجهون "مشكلات أخلاقية". كما حاول بعض المتشددين التأكيد على أن عمليات الفصل ليست سياسية، رغم أن صحيفة كيهان المتشددة ربطت بشكل مباشر بين عمليات الفصل والمظاهرات.
ويرى متظاهرون في شوارع طهران أن هذه الخطوات من جانب الحكومة ستؤدي على الأرجح إلى تفاقم الوضع.
وقالت الطالبة الجامعية شيما (21 عاما) "إنهم يريدون دس أشخاص تابعين لهم في الجامعة على أمل وقف الاحتجاج، لكننا نحن الطلبة سنظهر اعتراضنا بأسلوب لا يمكنهم تخيله (...) لقد فشلوا في منع احتجاجات العام الماضي لأنه لا يمكن لأحد التنبؤ بالزلزال".
كما ذكرت الطالبة الجامعية فرناز (27 عاما) أن السلطات "تحارب طواحين الهواء بسيوف خشبية".
واشترطت الطالبتان تكتم اسميهما كاملا خشية الانتقام.
وتلتزم الحكومة الصمت تجاه الذكرى السنوية. فلم يأت رئيسي أبدا على اسم مهسا أميني خلال مؤتمر عقد مؤخرا مع صحفيين أشاروا بشكل عرضي إلى المظاهرات. كما تجنبت وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية في إيران الإشارة إلى الذكرى السنوية، ما يكون عادة بضغط من الحكومة.
لكن نشطاء أفادوا سرا بارتفاع في عدد من تقوم قوات الأمن باستجوابهم واعتقالهم، بمن فيهم عم مهسا أميني.
كما يواجه صالح نيكبخت، محامي عائلة أميني، دعوى قضائية تتهمه بنشر "دعاية مغرضة" خلال مقابلاته مع وسائل إعلام أجنبية.
كذلك لوحظ وجود المزيد من عناصر الشرطة في شوارع طهران مؤخرا، إلى جانب التفتيش المفاجئ لراكبي الدراجات النارية في طهران. كما تعذر الوصول إلى الإنترنت بشكل ملحوظ مؤخرا أيضا، وفق مجموعة نت بلوكس.
وفي الخارج، أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن شخصا أشعل النار في إطارات سيارات أمام السفارة الإيرانية في باريس خلال نهاية الأسبوع. كما تقرر تنظيم مظاهرات في الذكرى السنوية، السبت المقبل، في عدة مدن بالخارج.