نازحو عربت السليمانية بعد قرار بغداد.. رصاص العشائر أمامنا والصحراء خلفنا
شفق نيوز/ حسب تعريف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، فأن النازحين داخلياً على عكس اللاجئين، هم أشخاص "لم يعبروا حدوداً دولية بحثاً عن الأمان، ولكنهم بقوا مهجرين داخل أوطانهم".
ووفقاً لمركز رصد النزوح الداخلي، فقد نزح حوالي 45.7 مليون شخص داخلياً مع نهاية عام 2018 بسبب الصراع المسلح أو انتشار العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي التاسع من حزيران عام 2014 سيطر تنظيم "داعش" على معظم أراضي محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وجزء من ديالى في العراق، ومارس ابشع الجرائم ضد أبنائها خصوصا من الأقليات والمكونات الدينية التي لا تتفق معه في العقيدة.
وكانت ابشع الجرائم قد شنت ضد الكورد الأيزيديين والمسيحيين والشبك وغيرهم من المكونات العراقية الاصيلة، فقد سبى الفتيات وقتل الرجال واسر النساء والصبيان.
ومن استطاع الهرب وهم يقدرون بمئات الألوف توزعوا على مخيمات اغلبها في إقليم كوردستان الذي آوى قرابة مليوني شخص في محافظات دهوك واربيل والسليمانية، ونرح اخرون في مناطق لم يطلها "داعش".
وبعد اعلان الدولة العراقية الانتصار النهائي على "داعش" وطرده من العراق قبل ثلاث سنوات في العاشر من كانون الأول من عام 2017 واسمته "يوم النصر العظيم"، بعد استعادتها الأراضي التي سيطر عليها التنظيم، صيف 2014، وتبلغ نحو ثلث مساحة العراق في شمالي وغربي البلاد، عاد من استطاع العودة الى أماكنهم الاصلية التي دمر معظمها بشكل كامل طواعية، فيما بقي في المخيمات من لا مأوى له بعد تدمير داره.
وأصدرت الحكومة العراقية مؤخراً، قراراً يقضي بإغلاق معظم مخيمات النازحين في العراق عقب كشف وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق عزم وزارتها إغلاق 4 مخيمات للنازحين في محافظات نينوى وكركوك (شمال) والأنبار (غرب) وديالى (شرق)، كمرحلة أولى.
وتبدأ القصة الأهم بعد هذا القرار حيث أن البرنامج الحكومي الذي تمثل بملف عودة النازحين الى مناطقهم شابتها بعد المشاكل التي تحد من رغبة عودة النازحين الى مناطقهم بسبب الوضع الأمني، إضافة الى قلة الخدمات وعدم وجود فرص عمل وكذلك توفير السكن الملائم لهم.
ولتسليط الأضواء على انموذج صغير لهذه المشكلة يمكن أن نتوصل من خلاله الى عمق المشكلة وحقيقة أوضاع النازحين الحائرين بين قرار الحكومة بإغلاق المخيمات وواقع حال النازحين، اذا تمت اعادتهم الى مناطقهم التي لم تعد صالحة للمعيشة، تجول مراسل وكالة شفق نيوز في انحاء مخيم آشتي في ناحية عربت التابعة لمحافظة السليمانية، والتقى بمسؤولة المخيم بخشان توفيق التي قالت إن أوضاع النازحين جيدة في المخيم بتوفير الماء والكهرباء والخدمات الأخرى لهم"، مبينة أن "المخيم يضم حالياً نحو 1865عائلة نازحة اغلبها من محافظة صلاح الدين والبعض الاخر من الموصل وسنجار وديالى، وتم إعادة 330 عائلة خلال هذا العام".
(إبراهيم عبدالله) احد نازحي "صلاح الدين" قضاء "يثرب"، يقول لوكالة شفق نيوز، "لقد قضينا اكثر من 6 سنوات في هذا المخيم تحملنا الكثير نريد العودة بأمان وسلام الى ديارنا، لكن يجب ان توفر الحكومة الخدمات والسكن والعمل"، مشدداً "لا يمكن ان نعود الى مكان اشبه بالصحراء".
ويدعو عبدالله، الحكومة العراقية وعلى رأسها مصطفى الكاظمي لأن ينفذ وعوده بعودتنا مع توفير سبل العيش؛ مؤكداً على ضرورة أن يكون هناك برنامجاً للعودة الطوعية وخططاً مستقبلية حتى يغلق ملف النازحين نهائيا".
أما (سليمة محمود) وهي نازحة من صلاح الدين أيضاً، فتقول، إن "اطفالي ولدوا هنا وأصبحت أعمارهم 5 سنوات فما دون وما زالوا بعيدين عن مدينتهم وهو امر صعب، نشأوا في ظروف صعبة ولم يعيشوا الحياة الحقيقية المتمثلة بالعيش وسط عائلة مستقرة، ضاعت طفولتهم بين المخيمات، مستقبلهم في خطر".
وتضيف محمود "اغلبنا نريد العودة والحكومة تشجعنا على ذلك، والعودة تحتاج الى مكان للعيش وتوفير الأمان الذي ما زال بدون حل"، مشيرة إلى أن "المشاكل العشائرية لم تنته بعد وهناك الوضع الأمني غير المستقر، نخاف العودة من دون ضمانات".
ويشير معاون مدير الهجرة والمهجرين فرع السليمانية سامر مشكور، في حديث لوكالة شفق نيوز، "حسب توجيهات رئاسة الوزراء ووزارة الهجرة والمهجرين المتمثلة بالوزيرة ايفان فائق تم توفير كل التسهيلات لعودة النازحين الطوعية من مدينة السليمانية وعودتهم الى مناطقهم من خلال توفير سيارات النقل ودفع تعويضات مالية مقدارها مليون وخمسمائة الف دينار".
وعن الخدمات وفرص العمل يقول مشكور، ان "عودة الناس الى مناطقهم هو أساس توفير الخدمات وفرص العمل، والا فكيف تقدم خدمات والأرض لا حياة فيها".
ويرى مشكور أن "المشاكل العشائرية هي من تقف عائقاً في عودة اغلب النازحين، ففي قضاء يثرب هناك مشاكل كثيرة بين العشائر إن لم تحل بالضمانات فيجب ان يكون هناك تراضياً حقيقياً فيما بينهم وهو أمر خاص بالعائلة نفسها".