"مهنة تحتضر".. لماذا توقفت ورش تصليح الأجهزة في بغداد؟ (صور)

"مهنة تحتضر".. لماذا توقفت ورش تصليح الأجهزة في بغداد؟ (صور)
2025-12-03T13:54:21+00:00

شفق نيوز- بغداد

يجلس خالد وليد، البالغ من العمر 60 عاماً في محله لتصليح الأجهزة الكهربائية، ثلاثة أيام مضت، وهو يفتح محله من الصباح وحتى المساء دون يأتيه احد ويشكو إليه عطلاً في ثلاجته أو غسالة المنزل المتعطلة.

وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يقول خالد إن "العمل بتصليح الأجهزة الكهربائية، لم يعد مجدياً إذ أصبح العمل متوقفاً لأسباب عديدة"، مبيناً أن "صناعة الأجهزة الكهربائية اختلفت كثيراً عما كانت عليه في السابق، حيث تتوفر الأدوات الاحتياطية، لأن الصناعات الكهربائية سابقاً كانت من مناشئ أصلية واذا حصل عطل في الأجهزة فبالإمكان إصلاحها بكل سهولة".

ووفقاً لحديثه، فإن التجار والمستوردين أصبحوا يقتنون اجهزة استهلاكية لا توجد لها ادوات، لأنها من مناشئ ليست جيدة".

"من أبرز معوقات عمله هو عدم وجود قطع غيار لأكثر الاجهزة الكهربائية، وانه يضطر احياناً إلى استبدال بعض القطع من الأجهزة الأخرى العاطلة ضمن عملية معروفة تسمى (التفصيخ) أي شراء جهاز وتفكيك قطعة"، بحسب حديث خالد.

ويشير إلى أن "ذلك يرفع من سعر أجور التصليح، واحياناً تكون قيمة التصليح بقدر قيمة شراء جهاز جديد، وهذا ما يدفع الناس إلى عدم ارسال أجهزتهم الكهربائية التي تتعرض للعطل إلى التصليح، فهم يستبدلونها على الفور".

ومنذ سنوات يعاني أصحاب مهن تصليح الأجهزة الكهربائية من كساد كبير في عملهم، وعلى الرغم من تكدس الأجهزة في محالهم لكنهم لا يعملون شيئاً، لان جميع الأجهزة لديهم قديمة، ولا يمكن تصليح الأجهزة الجديدة من قطعها إلا في حالات قليلة.

صعوبات وتحديات

بينما يرى عبد الحسين عواد، صاحب الـ 59 عاماً وهو يملك ورشة تصليح أجهزة كهربائية في منطقة البياع، أن "صعوبة إصلاح الأجهزة الجديدة يكمن باختلاف تقنيات الأجهزة الحديثة التي صنعت بشكل مغاير تماماً للأجهزة السابقة التي تمتاز بحجم الدوائر الكهربائية الإلكترونية فيها".

ويقول عواد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "الأجهزة القديمة وبالرغم من أحجامها الكبيرة التي تبلغ 55 بوصة مثلا، تكون دوائرها الكهربائية التي نسميها الطبلة صغيرة جداً ومختزلة، وهنا تكون الصعوبة في إصلاح الجهاز، كون جميع قطعه تحتاج إلى عدسات مكبرة لرؤيتها".

ويتابع قائلاً: "ما احصل عليه من مهنتي في التصليح حالياً لا يكفي لسد النفقات اليومية، واحياناً أقوم بسداد إيجار المحل من راتب الرعاية الاجتماعية"، مضيفاً أن "العمر الافتراضي للأجهزة الكهربائية الحديثة المستوردة لا يتجاوز عامين أو أكثر قليلاً".

كما يلفت عواد، إلى أن "المنتج القديم كان يستخدم لأكثر من خمسة عشر عاماً، معظم الأجهزة القديمة كانت رصينة ومعمّرة، ولا تُظهر أعطالاً كثيرة، كما أن إصلاحها كان سهلاً"، مبيناً أن "العمل بمهنة التصليح لم يعد مجدياً ولا يوفر لقمة العيش".

وبحسب عواد، فإن عدم توفر الأدوات الاحتياطية في السوق المحلية ووفرة الأجهزة الحديثة في السوق المحلية، كان وراء الركود الذي أصاب هذه المهنة التي كانت سابقاً من المهن التي تدر ارباحاً جيدة لمن يتقنها".

الأجهزة لا تدوم طويلاً

وفي حي الاعلام ببغداد، ثمة ورشة كبيرة لتصليح مختلف الاجهزة الكهربائية والالكترونيات والشاشات والحاسبات.

يطل رجل ثلاثيني بدأ الشيب يزحف رويداً الى رأسه، يقول محسن كاظم، وهو منهمك في اصلاح شاشة كبيرة أمامه، إن "التطور المستمر للتقنيات الحديثة يجعل صاحب الورشة يجد صعوبة في تصليح الأجهزة المعطلة، بسبب عدم وجود قطع الغيار".

ويوضح أن "أحدهم كان يحمل شاشة حاسبة مكتبية معطلة، ولم يجد من يصلحها، فأرسلوه لي، وقد استعنت بحاسبة أخرى متعطلة في المحل لاستبدال له القطع العاطلة".

ويضيف كاظم، في حديثه لوكالة شفق نيوز: "في السابق كانت تأتي اجهزة التلفزيون من شركات عديدة، لكنها متشابهة، لأن قاعدتها ودواخلها واحدة، ويستطيع صاحب الصيانة اصلاحها بسهولة، فهناك شركة سيمنز الالمانية وغيرها من الشركات التي تحتوي منتجاتها من الأجهزة الكهربائية على المتانة الجيدة، أما الآن فقد اختلف الوضع كثيرا، الشركات وأصبحت أغلب المنتجات مستهلكة وسريعة العطل".

ويؤكد الحاجة إلى دورات تعليم مستمرة من قبل معاهد التطوير وغيرها لدراسة القطع الكهربائية وكيفية اصلاحها، المستمر او غيرها، كوننا نعتمد حاليا على "اليوتيوب" في تعلم صيانة الاجهزة الكهربائية الحديثة، مشيراً إلى أن "الشركات المصنعة لا تطرح أدوات احتياطية للأجهزة، لذا يضطر المصلح للقيام بجولة في السوق بحثاً عن أجهزة أخرى تتوفر بها قطع الغيار التي يحتاجها".

ويعاني المواطنون، ممن تتعطل أجهزتهم أو حواسيبهم من عدم اصلاحها، على الرغم من الاعطال تكون في الغالب بسيطة، ولكن لا توجد قطع غيار لها، كما تقول مها علي.

"انطفأت شاشة حاسوبي، وذهبت لإصلاحها في منطقة شارع الصناعة التي تضم مراكز صيانة الحاسبات، إلا أنني لم أتمكن من اصلاحها هناك".

وتشير علي، في حديث خاص لوكالة شفق نيوز: "اضطررت إلى استبدال الشاشة التي يوازي سعرها سعر الحاسبة نفسها" موضحة أن "جميع الاجهزة الحديثة لم تعد قابلة للتصليح بسبب عدم توفر قطع الغيار والأدوات الاحتياطية".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon