متحف "هُنّ الحياة".. واحة الإبداع النسوي تنبض في قلب العراق (صور)
شفق نيوز/ في مدينة حمورابي السياحية بمحافظة بابل، أُزيح الستار عن أحد أكثر المشاريع الثقافية المميزة في العراق، وهو "متحف هُنّ الحياة العالمي"، هذا المشروع الفريد الذي يركز على إبراز دور المرأة في بناء الإنسان والمجتمع، وُلد من رحم سنوات من البحث الميداني والدراسات التاريخية حول النساء العراقيات ودورهن المؤثر في الحضارة والتاريخ.
وانطلق المشروع عام 2018 كفكرة بحثية تهدف إلى توثيق وإبراز أهمية وعي المرأة ودورها المحوري في بناء الأسرة والإنسان، لكن الرحلة لم تكن سهلة، إذ واجه المشروع تحديات وعقبات عدة حالت دون استمراريته لفترة، إلا أن إصرار أصحابه أثمرت أخيراً عن ولادته في العام 2023.
ويمثل المتحف، شراكة حقيقية بين المرأة والرجل، لا يركز فقط على النساء، بل يسعى إلى تعزيز مفهوم الوعي المشترك لبناء إنسان سليم قادر على المساهمة في تطور المجتمع.
ويقول القائمون على المتحف، خلال حديثهم لشفق نيوز، إن "المشروع يمثل رؤية شاملة لتوثيق وتكريم إبداع المرأة العراقية والمجتمع النسوي العالمي، من خلال مجموعة متنوعة من الأجنحة التي تروي قصصًا ملهمة عن التراث والثقافة والفن".
أجنحة المتحف.. تجربة ثقافية متعددة
وبحسب حديث القائمين على المتحف فإنه يتكون من اجنحة عدة لكل فرع منها يحمل رسالة ثقافية وإنسانية، أبرزها جناح "الأرشيف النسوي"، الذي يعد مركزاً أساسياً في المتحف، إذ يركز على توثيق إبداعات النساء العراقيات داخل العراق وفي المهجر، بالإضافة إلى إبراز النساء المؤثرات على مستوى العالم.
ويضيف القائمون، خلال حديثهم لشفق نيوز، أن "الجناح يحتفي بالإنجازات النسوية في مختلف المجالات، ويهدف إلى تسليط الضوء على الأدوار الريادية للمرأة".
كما يضم المتحف وفقاً للقائمين عليه، جناح "الفن التشكيلي"، والذي يمتلك مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية، بما في ذلك النحت والرسم والخزف، ليعكس تفاعل المرأة مع الفنون كمصدر للتعبير عن الذات والهوية الثقافية، فضلاً عن "جناح الكتب"، الذي يقدم بدوره مكتبة فريدة تضم كتباً نادرة من حقبتي الثلاثينيات والثمانينيات، إلى جانب إصدارات حديثة تهدف إلى زيادة وعي المجتمع وتحفيز الاهتمام بالقراءة والكتابة.
ويضم المتحف أيضاً - والكلام للقائمين - "جناح الموسيقى" والذي يبرز أهمية الموسيقى في بناء الإنسان، ويعرض آلات موسيقية تراثية تسلط الضوء على تأثير الموسيقى العميق في السلوك النفسي والاجتماعي، بالاضافة إلى جناح "الصناعات اليدوية" الذي يحتفي بإبداعات النساء في مجال الحرف اليدوية التقليدية، حيث يقدم مجموعة متنوعة من الصناعات التي تعكس مهارة النساء العراقيات والعربيات في هذا المجال.
ويستطرد القائمون خلال حديثهم، أن المتحف يحتوي أيضاً على جناح "المقتنيات التاريخية"، والذي يضم مقتنيات أثرية يعود عمرها إلى ما بين 100 و300 عام، لتوثيق التراث العراقي بمختلف تنوعاته وإبراز الجماليات الثقافية التي تربط الماضي بالحاضر، كما يحتوي على جناح "التراث"، الذي يعرض تراث الأهوار والبادية العراقية، بهدف تقديم صورة متكاملة عن التنوع الثقافي في العراق ودمج هذا التراث مع مفاهيم الجمال والتراث العالمي".
وفي ختام حديثهم، فان المتحف يقدم جناح "الأزياء"، الذي يوثق الأزياء التقليدية العراقية من شمال البلاد إلى جنوبها، بهدف الحفاظ على هذا الإرث الثقافي وتعريف الأجيال الجديدة بالأزياء التي تواجه خطر الانقراض.
رسالة عالمية من قلب العراق
ومن خلال هذه الأجنحة، يشكل "متحف هن الحياة"، منصة فريدة للاحتفاء بدور المرأة في المجتمع، إلى جانب توثيق التراث العراقي بثرائه وتنوعه، ويمثل المتحف رسالة حضارية من العراق إلى العالم، تحمل في طياتها قيم الإبداع والشراكة والاعتزاز بالإرث الثقافي.
وتحول المتحف منذ افتتاحه إلى وجهة مميزة يقصدها الزوار يومياً من مختلف أنحاء العراق، ليعيشوا تجربة مفعمة بالإبداع والفن والتاريخ، ومع استمرار هذا الزخم، يبدو أن المتحف سيظل شاهداً على قوة المرأة العراقية ورمزاً لإرثها الخالد.