ما بعد "التحدي الصدري".. تساؤلات امريكية تحدد المتوقع من حكومة السوداني
شفق نيوز/ طرح "معهد كوينز" الأمريكي مجموعة من التساؤلات والملاحظات حول تطورات المشهد السياسي الجديد في العراق، بعدما طويت صفحة "التحدي الصدري".
وأشار المعهد الأمريكي، في تقرير نشره باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى محاولة لتحويل رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي الى "كبش فداء" للفساد المتفشي، في وقت يتعين الانتظار لمعرفة كيف سيتصرف رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني إزاء سلسلة من الملفات، من بينها الإصلاح وكيفية التعامل مع القاعدة الصدرية والوجود العسكري الأمريكي وميزانية الحشد الشعبي، والخطر القائم من تنظيم داعش.
وبعدما أشار التقرير الأمريكي إلى ان الزعيم الصدري مقتدى الصدر، الذي تم التغلب عليه بالمناورات والسلاح، لم يعد يمتلك طريقا عقلانيا نحو السلطة، اوضح انه بعد تسلسل سريع للأحداث في 13 اكتوبر/تشرين الاول الحالي، تم انتخاب عبداللطيف رشيد لرئاسة الجمهورية والذي كلف السوداني بتشكيل الحكومة، وهو وهو ما قد يعني أن "الازمة التي عصفت بالعراق منذ العام الماضي، قد انتهت".
واضاف التقرير ان صفحة "التحدي الصدري قد طويت بشكل قاطع"، مؤكدا أنه لن تكون هناك انتخابات جديدة قبل ثلاث سنوات أخرى، ما لم تحدث مفاجآت.
كما لفت إلى أن مسألة استمرار امتلاك الصدر النفوذ من خلال كبار الموظفين البيروقراطيين الذين وضعهم في عدد من الوزارات، يعتمد على ما إذا كان السوداني سيباشر في عملية تطهير تطال من عينوه، على غرار تعهد الصدر نفسه ازاء خصومه.
وبعدما لفت إلى أن رد الصدر على ما جرى سياسيا باختيار "رشيد والسوداني"، كان "عنيفا" حيث منع أنصاره من التعامل مع الحكم الجديد، قال التقرير إن القيادة الجديدة، في سعيها للاحتفاظ بشرعية تمتعها بقاعدة تأييد واسعة، قد تبحث عن طريقة ما من اجل اغراء الصدر بالعودة الى اللعبة.
وتابع قائلا ان "الطريق إلى الأمام يبدو غامضا"، مضيفاً على سبيل المثال أن الفريق الجديد تحرك من أجل منع الكاظمي، من مغادرة العراق في محاولة لجعله "كبش فداء" للفساد المستشري الذي كان دفع العديد من العراقيين لان يصوتوا لصالح الصدر.
وفي حين تساءل التقرير عما تعنيه هذه التطورات بالنسبة للعلاقات الامريكية العراقية، قال انه بالنسبة الى واشنطن فان السوداني يعتبر المرشح "الأكثر منطقية" بين الاسماء المطروحة من جانب الإطار التنسيقي"، مشيرا الى انه تكنوقراطي خبير سبق له أن خدم كوزير لحقوق الإنسان ووزير العمل والشؤون الاجتماعية، كما أن "دمه اقل سوءا من بعض المرشحين الآخرين".
وبينما ذكر التقرير أن السوداني كان يعتبر من صنيعة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، الا انه (السوداني) انفصل عن حزب الدعوة، وأن مدى تأثير المالكي، المثير للجدل،عليه، لم يتضح حتى الآن.
وبكل الأحوال، اعتبر التقرير أن هناك بعض الخيارات السياسية الصعبة أمام السوداني الذي سيتاح له قريبا الوصول إلى الأموال الاتحادية المتضخمة منذ العام الماضي بسبب عائدات النفط، مشيرا الى انه من المرجح أن يعمد السوداني من أجل التعامل مع حالة السخط القائمة منذ احتجاجات العام 2019، الى استخدام الأموال الضخمة المتوفرة في خزينة الدولة لتوفير الوظائف في القطاع العام للشباب العاطلين عن العمل.
الا ان التقرير استدرك قائلا إنه من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان السوداني سيتحرك من خلال الوزارات والبرلمان لمواجهة القضايا الكبرى الثلاث التي تواجه العراق، وهي الفساد وفشل الإصلاح الاقتصادي، وتحديات التغيير المناخي، وابقاء تنظيم داعش في مأزقه.
وبعدما أشار التقرير الى ان السوداني "ينظر اليه على انه قائد ضعيف"، قال ان الولايات المتحدة ستتابع احدى القضايا المتمثلة بالأموال المخصصة للجيش النظامي وجهاز مكافحة الارهاب في الميزانية مقارنة بالأموال التي ستخصص لـ"الحشد الشعبي".
وتابع أنه يتحتم على السوداني ايضا ان يحدد كيفية التعامل مع الصدر وقاعدته الموالية له، حيث أنه في حال جرى استبعاده بشكل كامل من الحكم، قد يختار خلق الفوضى، مضيفا انه بعدما استعدت بغداد لاحتمال تظاهرات واسعة بعد انتخاب رشيد رئيسا قيل أيام، فان شيئا لم يحدث، الا انه اشار الى انه لن يكون من الحكمة التعاطي مع هذا الهدوء على أنه أمر مسلم به، طالما أن الصدر هو من يحرك وعاء الطبخة.
وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى انه من غير الواضح طبيعة موقف الإطار التنسيقي من الوجود العسكري الامريكي، مذكرا بأن قرار الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب باغتيال قائد قوة القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس في 3 يناير/ كانون الثاني 2020، ادى الى تحفيز ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من ايران، واثارة مطالب علنية تدعو الى مغادرة القوات الامريكية.
وفي حين لفت التقرير إلى أن علاقة الحشد الشعبي بالولايات المتحدة أصبحت أكثر تعقيدا، الا انه اعتبر ان قوى الحشد وبعدما اصبحت الان في السلطة، قد تكون مترددة في القيام بتغييرات جذرية. لكنه اضاف ان من المؤشرات هو ما ستقوم به الحكومة الجديدة من أجل كبح جماح العمليات العسكرية التي تقوم بها واشنطن في العراق والتي تستهدف الحشد الشعبي.
وختم التقرير بالقول إن "الاكثر اثارة للقلق" هو التأثير المحتمل لنوري المالكي على رئيس الحكومة الجديد، مذكرا بأن واشنطن تحمل المالكي المسؤولية في تهيئة الظروف التي أتاحت احتضان داعش في العراق، لافتا الى ان المثير للقلق هو احتمال تكرار مثل هذا الأسلوب من الحكم التمييزي.