ماذا يفعل داعش كي يعتم على الأخبار بالموصل مع اقتراب الجيش العراقي
شفق نيوز/ بالنسبة للعراقيين الذين يعيشون بمدينة الموصل معقل تنظيم الدولة الإسلامية تتضاءل الأخبار عن احتشاد الجيش المدعوم من الولايات المتحدة إلى الجنوب لشن هجوم على المدينة يمكن أن يبدأ هذا العام.
ويقول سكان إنه بعد أن أصبح للقوات العراقية وجود في منطقة مخمور في فبراير شباط على بعد نحو 60 كيلومترا من المدينة الشمالية بدأ المتشددون يفرضون قيودا على مشاهدة السكان البالغ عددهم مليون نسمة للتلفزيون.
وفي ظل الإمكانية المحدودة وغير المنتظمة للدخول على شبكة الإنترنت واستخدام شبكات الهواتف المحمولة اعتمد المدنيون في الموصل على القنوات التلفزيونية الفضائية باعتبارها المصدر الرئيسي للأخبار من العالم الخارجي منذ أن سيطرت الدولة الإسلامية على المدينة قبل عامين.
ويقول مسؤولون إن توقيت هذه الإجراءات له مغزى. وهم يرون أن هدف الدولة الإسلامية هو عزل السكان ومقاتلي التنظيم عن أي أخبار أخرى عن تقدم القوات العراقية.
ويشيرون إلى أن هذا يمكن أن يقلل من فرص اندلاع انتفاضة منسقة على الدولة الإسلامية بالمدينة وفرار السكان الذين يمكن استخدامهم "كدروع بشرية" إلى جانب تفادي انهيار الروح المعنوية بين عناصر التنظيم المتشدد.
وتعبر هذه الخطوة عن أهمية الموصل للمتشددين فعاصمة محافظة نينوى هي الأكبر الخاضعة لسيطرتهم وتعتبر عاصمتهم الفعلية.
وقال حسن السبعاوي عضو مجلس محافظة نينوى إن الدولة الإسلامية تريد منع مقاتليها والمدنيين الخاضعين لسيطرتها من أن يعرفوا بانتكاساتها.
وأضاف "داعش خايفة من أن الستلايت يعطي للناس صورة حقيقية عن الموقف" وهو ما يتناقض مع الإعلام أحادي الجانب الذي يقدمه التنظيم.
ويقول سكان الموصل إنهم في معظم الأحيان يشاهدون قنوات التلفزيون العراقية التي تركز على نينوى مثل الموصلية والشرقية ونينوى الغد إلى جانب قناتي الجزيرة والعربية الحدث الفضائيتين العربيتين. بحسب رويترز.
وقال خمسة سكان تم الاتصال بهم عن طريق الهاتف والإنترنت إن الدولة الإسلامية صادرت أجهزة استقبال القنوات الفضائية من بعض المقاهي والأسواق وقالت إنها ستحظرها في جميع الأماكن العامة خلال شهر.
وقال تاجران محليان جرى الاتصال بهما عبر الإنترنت إن في أوائل أبريل نيسان منع التنظيم المتشدد بيع وصيانة أجهزة استقبال القنوات الفضائية للاستخدام المنزلي.
وقال تاجر "ثلاثة من عناصر الحسبة يرتدون ملابس موحدة مكتوب عليها من جهة الظهر بخط ابيض بارز 'الحسبة' دخلوا مكتبي في عمارة الشواف وقالوا من الآن ممنوع بيع أو شراء أجهزة استقبال وبث القنوات الفضائية (رسيفر). إنها حرام ومصدر للفسق والفجور."
دروع بشرية
ويجبر المتشددون السكان على تسليم أجهزة استقبال القنوات الفضائية الخاصة بهم. وقال أحدهم إنه سلم جهازه حتى يتم الإفراج عن أخيه الذي اعتقل بسبب التدخين. وقالت أرملة مسنة إن الدولة الإسلامية صادرت جهازها كشرط لإمدادها بإعانة مالية.
وقال ثلاثة سكان إن تنظيم الدولة الإسلامية هدد بإيقاف مولدات الكهرباء التي يستخدمها 80 في المئة من السكان إذا لم يسلموا أجهزتهم.
وقال عمر الدليمي وهو محلل مقيم في واشنطن في مؤسسة (ستابيلايزيشن نتوورك) المتخصص في شؤون الحكم والإعلام بالمناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية إن المتشددين يخشون أن تستخدم بغداد القنوات الفضائية التلفزيونية لتوجيه السكان إلى الأماكن الآمنة خلال معركة الموصل مثلما فعلت في وقت سابق هذا العام في الرمادي وهو ما مكن بعض المدنيين من تفادي تحويلهم إلى دروع بشرية.
وقال "كانوا يعلمون أنه سيكون من الصعب حظر (مشاهدة) القنوات الفضائية وبالتالي نفذوا ذلك على مراحل. كانوا يعلمون أنهم لا يستطيعون دخول كل منزل وتدميره (جهاز الاستقبال) وبالتالي أرادوا أن يقنعوا الناس أولا بالقيام بذلك نيابة عنهم.
ومضى يقول "لكن السكان المحليين لا يريدون التخلص من آخر وسيلة للاتصال بالعالم الخارجي وبالتالي أصبحت (الدولة الإسلامية) أكثر شراسة" وتكهن بتنفيذ عقوبات بدنية ومداهمات للمنازل في الأشهر القادمة.
وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على ثلث أراضي العراق في 2014 وأجبر على التقهقر في الغرب صوب الحدود العراقية لكن حملة للجيش في الشمال أحرزت تقدما أبطأ. وتأمل السلطات العراقية استعادة الموصل بحلول نهاية العام بدعم من الولايات المتحدة.
ويزيد تشديد القيود على التلفزيون في المدينة من المخاطر في معركة مستمرة بدأت عبر موجات الأثير في العام الأخير.
وتبث قناة إذاعية خاصة واحدة على الأقل هي الغد التي تتلقى تمويلا من محافظ الموصل السابق أثيل النجيفي إرسالها في أراض يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية.
التشويش على الإرسال
يقول مدير محطة الغد إن التنظيم المتشدد يحاول دائما التشويش على إرسالها من خلال البث على نفس الموجة. وأحجم مدير المحطة عن نشر اسمه لأسباب أمنية. ويرد القائمون على المحطة على ذلك بالبث على موجات مختلفة.
وقال مدير المحطة التي وضعت أجهزة بث قبل عام قرب خط المواجهة العسكرية إلى الجنوب من الموصل "نعلم أن الإعلام واحد من أقوى الأسلحة التي يستخدمها داعش (الدولة الإسلامية) خاصة داخل المدينة. إنها حرب مفتوحة بيننا وبين إعلام داعش."
وتقدم الغد فترات من البث الحي تتلقى خلالها اتصالات من السكان باستخدام برنامجي فايبر وواتساب. كما تبث برامج تهدف إلى محاربة التطرف وتستضيف علماء دين يطعنون في صحة الفكر الذي يتبناه التنظيم المتشدد.
وقال مدير المحطة إن المتشددين يتصلون أحيانا ويهددون المذيعين على الهواء.
وأضاف "سلاحهم الأساسي هو إقامة حواجز ومحاولة فرض حصار وتحويل الناس بالداخل إلى سجناء من خلال قطع اتصالهم بالعالم كله."
وانضمت الحكومة العراقية إلى المعركة الإعلامية منذ ثلاثة أشهر بمحطة إذاعية تبث إرسالها من ملجأ خرساني بقاعدة مخمور العسكرية.
ويدير الجنود المحطة لثماني ساعات يوميا فيبثون أدعية وأغاني وطنية ونشرات إخبارية ورسائل مسجلة.
وقال أحد القائمين على المحطة لرويترز خلال زيارة الشهر الماضي "نقول لهم احنا قريبين منكم قادمين لتحريركم وخلاصكم من عصابات داعش الإرهابية وإن شاء الله النصر قريب."
وأضاف أن الدولة الإسلامية سارعت إلى التشويش على إرسال المحطة "فقصف مصدر التشويش".
لكن الإرسال حاليا لا يصل سوى لمنتصف المسافة إلى الموصل. وقال القائمون عليها إن أجهزة البث ستنقل لمسافة أقرب من المدينة مع تقدم الجيش ولكن حتى الآن لم تسيطر القوات العراقية سوى على أربع قرى منذ بدء العمليات من مخمور قبل شهر