ليست معركتنا": تقرير الماني يرصد "حياد" شرق اوسطي ازاء حرب اوكرانيا
شفق نيوز/ رصد موقع "دوتشيه فيله" الالماني اجواء اللامبالاة العامة للتعاطف في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، مع اوكرانيا في الحرب الدائرة حاليا مع روسيا، والتي تتراوح ما بين الهموم الداخلية كالتحديات المعيشية، وبين الاستياء العام من "النفاق" الغربي وعدم التأييد للسياسات الامريكية في المنطقة.
وفي مستهل تقريره الذي نشر بالانكليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، اعتبر "دوتشيه فيله"، أان دول الشرق الاوسط تقف على الحياد فيما يتعلق بالغزو الروسي لاوكرانيا، حيث يشير مواطنو المنطقة الى معايير الغرب المزدوجة فيما يتعلق بالصراع وازاء اللاجئين.
وتناول التقرير، حكاية ثلاثة شبان سوريين لاجئين تحدثوا في احد مقاهي برلين، كيف انهم في بداية الحرب الروسية -الاوكرانية، كانوا يبحثون احتمال ذهابهم للمشاركة فيها، لكنهم بدلوا رأيهم قائلين "لماذا نخوض حرب شخص اخر؟"، مشيرين إلى أن "لديهم مشكلاتهم الخاصة، فالاسد ما زال في السلطة، والروس يدعمونه، ولا أحد يبالي".
واقتبس التقرير الالماني تعليقات من محللين في الشرق الاوسط أشاروا فيها الى حالة النفاق القائمة والكيل بمكيالين مذكّرين بالحروب التي جرت في العراق وافغانستان وسوريا وفلسطين، بالإضافة الى كيفية تعامل الغرب مع اللاجئين القادمين الى اوروبا.
ونقل التقرير عن المحلل في معهد كارنيجي الامريكي "مايكل يونغ" قوله إن المآسي في سوريا "لم تثر أي ردود فعل في الغرب يمكن مقارنتها بالتضامن الذي ابداه الغرب ازاء أوكرانيا".
كما نقل عن كاتب في صحيفة سعودية قوله، "اذا كنت تعتقد ان بوتين مجرم لانه تحرك عسكرياً ضد اوكرانيا ولا تفكر بنفس الشيء بخصوص بوش الابن ، وديك تشيني ودونالد رامسفيلد وكولين باول لاحتلالهم العراق، فأن خلايا عقلك معطلة".
ولفت التقرير أيضاً إلى كاتب في صحيفة "هيسبرس" المغربية قام برصد ردود على وسائل التواصل الاجتماعي، ليخلص إلى أن العديد من الحجج الغاضبة مرتبطة بالمشاعر المعادية لامركيا اكثر من اي تعاطف حقيقي مع روسيا في غزوها.
ونقل التقرير عن الصديلاني المغربي "محمد الفيلالي"، قوله إنها "صورة جديدة للمنافسة القذرة بين امركيا وروسيا واوروبا، على ارض اوكرانيا، ووحده الشعب الاوكراني الفقير يدفع ثمنا غاليا".
ولفت التقرير إلى أن سكان الشرق الاوسط لديهم هذه المشاعر منذ سنوات وليست مفاجئة، موضحاً أن دراسة "مؤشر الرأي العربي" للعام 2019-2020، الذي شمل 28 الف شخص في 13 دولة عربية، اظهر ان اكثر من نصفهم (58%) موقفهم سلبي ازاء السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الدول العربية، في مقابل 41٪ لديهم شعور سيئ ازاء السياسة الخارجية لروسيا.
وأوضح التقرير أن نفس الاستطلاع يوفر ادلة اضافية تظهر اسباب مشاعر الحياد في الشرق الاوسط ازاء الحرب، اذ عندما سئلوا عن اولوياتهم الرئيسية، اعتبرت غالبية المواطنين، انها اقتصادية، اذ بينما كان البعض قلقا ازاء الفساد والاستقرار السياسي، الا ان 57٪ اشاروا الى البطالة والتضخم والفقر باعتبارها التحدي الاكبر الذي يواجهونه.
ونقل التقرير عن العراقي محمد كريم (39 سنة) قوله إن "هذه الحرب (الاوكرانية) لها تأثير على معيشة الناس هنا"، مشيرا الى انها تسببت بزيادة الأسعار والشح في بعض السلع.
وبينما اوضح التقرير ان اوكرانيا وروسيا تصدران من القمح وزيت الطهي الى الشرق الاوسط ، وان اسعار هذه السلع الغذائية ازداد بشكل كبير خلال الاسابيع الماضية، والى اندلاع احتجاجات في بعض انحاء العراق، تابع التقرير ان روسيا عملت ايضا على تعزيز علاقاتها التجارية والعسكرية مع دول المنطقة، وهو ما يشكل احد التفسيرات الاضافية لمواقف العرب تجاه حرب أوكرانيا.
وبالاضافة الى ذلك، لفت التقرير الى ان من بين الاسباب الاخرى ايضا الاعجاب بالرئيس "الاوتوقراطي" فلاديمير بوتين بوصفه "زعيم قوي"، بالاضافة الى مقاربة روسيا للسياسة الخارجية في المنطقة، اذ ان موسكو بخلاف اللاعبين الاخرين، لا تضع شروطا تتعلق بحقوق الإنسان او المعايير الديمقراطية.
وذكر التقرير بانه خلال تصويت اخير في الامم المتحدة حول قرار طرد روسيا من مجلس حقوق الانسان، فان دولة واحدة فقط في الشرق الاوسط صوتت بنعم، وهي ليبيا، بينما امتنع الاخرون عن التصويت او كان غائبين، بما في ذلك الامارات والمملكة السعودية والاردن والعراق، وهم ينظر اليهم تقليديا على انهم اصدقاء لواشنطن.
ونقل التقرير عن الصحفي العراقي رامي الصالح (29 سنة) قوله ان "هذا كان الشيء الصحيح الذي يجب ان يقوم به العراق"، مضيفا ان "اي حرب ستؤثر على كل دولة، والعراق يحتاج الى الاحتفاظ بحلفائه في اي مكان، سواء كان ذلك للتعامل مع مشكلات الاقتصادي او مع الإرهابيين. محاور القوة تتغير".
كما نقل التقرير عن استاذ العلاقات الدولية في جامعة اكسفورد في بريطانيا صمويل راماني، المتخصص في السياسة الخارجية الروسية، ان التصويت الذي جرى يتعلق بدول "لا تريد تفجير جسور تربطها بنظام عالمي متعدد الاقطاب"، مضيفا انهم يعتبرون ان روسيا احد اعمدة هذا النظام العالمي".
وختم التقرير بالاشارة الى ان الابتعاد عن الهيمنة الامريكية يشكل فرصة لدول عربية للتأكيد على نفسها، موضحا ان المغرب على سبيل المثال، استخدم لهجة دبلوماسية في التعبير عن موقفه، ليظل على "الحياد"، بحسب ما اكد استاذ العلوم السياسية في الرباط محمد الغواتي الذي اشار الى ان بلاده فيما تؤكد على وحدة اراضي اوكرانيا، الا انها تعمل ايضا من اجل تعزيز العلاقات الاستراتيجية خاصة مع دول العضوية الدائمة في مجلس الأمن".
ولفت التقرير الى ان المغرب تغيب عن التصويتين السابقين اللذين جريا في الامم المتحدة حول النزاع الحرب الاوكرانية والغزو الروسي، مضيفا ان المغرب يحتاج الى حلفاء في مجلس الامن بسبب الصراع القائم حول منطقة الصحراء الغربية.
وفي حين لفت التقرير الالماني إلى وجود "تباينات فئوية داخل بعض دول الشرق الاوسط، كما في العراق حيث أن الميليشيات المتحالفة مع ايران اعربت عن دعمها لروسيا"، إلا أن صمويل راماني اعتبر ان "دول المنطقة تعترف بان النظام العالمي يتغير"، مشيرا الى انهم "حتى لو انتقدوا السلوك الروسي، فان هذا لا يعني انهم سوف يدعمون اوكرانيا".