لن يكون ضمن "الفريق الخاسر".. العراق يتحرك لمرحلة ما بعد إيران

لن يكون ضمن "الفريق الخاسر".. العراق يتحرك لمرحلة ما بعد إيران
2025-02-26T19:59:20+00:00

شفق نيوز/ سلط تقرير أمريكي، الضوء على المحاولات التي يتعرض لها العراق للخروج من "الفلك الإيراني" و"محور المقاومة"، الذي تطلب من إيران سنوات لبنائه من أجل توسيع نفوذها في عمق العالم العربي، لكنه أخذ يتقلص سريعاً ويمكن أن ينهار بين ليلة وضحاها.

وأوضح تقرير لمجلة "اتلانتيك" الأمريكية، ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "محور المقاومة تدهور خلال العام الماضي من ارتفاعه الشكلي الى مرحلة التراجع النهائي، حيث ضربت اسرائيل عضوين اساسيين فيه، هما حماس وحزب الله، وسقط نظام بشار الاسد، وانتخب برلمان لبنان رئيسا جديدا ورئيسا جديدا للوزراء، وهما ليسا على علاقة ودية مع المحور".

وذكر التقرير أن إيران كانت حتى وقت قريب، تتباهى بأنها تسيطر على 4 عواصم عربية: دمشق، وبيروت، وصنعاء، وبغداد، لكن الآن انزلقت الأوليتين بعيدا، بينما ما تزال الثالثة تحت سيطرة الحوثيين، الذين ما زالوا موالين لطهران، ولكن ماذا عن الرابع، أي بغداد؟

سيطرة مطلقة

وفي هذا الصدد، رأى التقرير الأمريكي، أن درجة سيطرة طهران على بغداد تتغير دائما، حيث لا تستطيع الأحزاب العراقية الموالية لطهران تشكيل حكومة بمفردها، ويتحتم عليها تشكيل ائتلافات مع أحزاب أخرى، بما في ذلك تلك التي يهيمن عليها الكورد والسنة، الذين لديهم صلة محدودة ايديولوجيا مع "المحور"، مضيفا انه حتى بين الشيعة، فقد اصبح الموقف المؤيد لطهران، محل خلاف شديد، وخصوصا بعد ان تحول ميزان القوى في المنطقة بعيدا عن ايران.

ولفت الى أن القوى الموالية لايران نظمت اشتباكات عنيفة في الشوارع، وتمكنت من خلال المناورات دينية وبرلمانية من عرقلة ذلك، فتولى محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء في تشرين الاول/اكتوبر 2022 وهو ما وصف بانه بمثابة "انتصار ايراني"، لاسباب من بينها ان رئيس الحكومة الوزراء الذي حل السوداني محله، كان مصطفى الكاظمي الذي وصفه التقرير بانه اول حاكم غير اسلامي للعراق منذ سقوط صدام حسين، وان الكاظمي كان قد استعاد العلاقات العراقية مع القوى السنية مثل المملكة السعودية ومصر والاردن، بل حتى اقامة علاقات ممتازة مع ايران وتشجيع استعادة علاقات دبلوماسية بين الايرانيين والسعوديين.

وبرغم ذلك، نبه التقرير الامريكي، إلى ان سيطرة طهران على بغداد ليست امنة تماما حيث يعتمد السوداني على دعم الاحزاب الموالية لطهران، الا انه استمر بمتابعة جزء كبير من اجندة الكاظمي الاقليمية لتعزيز العلاقات مع الدول العربية.

الفريق الخاسر

واعتبر التقرير ان هناك العديد من المسائل التي تثير انقساما بين العراقيين، الا ان هناك قضية واحدة توحد العديد منهم، وهي انهم لا يريدون ان يتحول العراق الى ساحة معركة لصراعات ايران مع الولايات المتحدة واسرائيل، مشيرا الى انه بالنظر الى تراجع حظوظ محور طهران، فان هؤلاء العراقيين لا يرغبون في ان يكونوا ضمن الفريق الخاسر في المنطقة.

واشار التقرير الى ان العديد من العراقيين يطالبون علنا الان بحل قوات الحشد الشعبي التي وصفها التقرير بانها "الاداة الرئيسية للتدخل الايراني في العراق"، لافتا الى ان اعضاء الحكومة العراقية يقولون انه مع الحاق الهزيمة بتنظيم داعش، فان وجود قوات الحشد الشعبي لم يعد ضروريا.

وفي هذا الاطار، ذكر التقرير بتصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مؤخرا بانه يأمل "ان نتمكن من اقناع قادة هذه الجماعات بالقاء اسلحتهم، وانه قبل عامين او 3 اعوام، كان من المستحيل مناقشة هذا الموضوع في مجتمعنا"، كما ذكر بتصريحات للسيد مقتدى الصدر مؤخرا لفت فيها الى ضرورة ان يكون حمل السلاح مقصورا على قوات الامن التابعة للدولة فقط.

بغداد وواشنطن

الا ان التقرير رأى ان الامر الاكثر اثارة للدهشة هو ان شخصيات من داخل الاطار التنسيقي الذي يضم احزابا موالية لطهران، تؤيد هذا الموقف، ومن بينهم النائب محسن المندلاوي، الملياردير الكوردي الشيعي، مردفاً بالقول إن "حل الميليشيات المسلحة او دمجها في قوات الامن النظامية، من شأنه ازالة مصدر النفوذ الرئيسي لايران داخل العراق".

واعتبر التقرير، أن مثل هذه الخطوة قد تكون محسوبة لتفادي المشكلات مع واشنطن، حيث من المعتقد ان إدارة دونالد ترامب تدرس فرض عقوبات جديدة على العراق ما لم يتم نزع سلاح الحشد الشعبي، مضيفا ان الحكومة العراقية تتطلع الى تهدئة الامور مع واشنطن حيث بعث السوداني والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، برقيتي تهنئة للرئيس الامريكي عندما جرى انتخابه.

ونقل التقرير عن النائب علي نعمة (من الاطار التنسيقي) توقعاته بان تشهد العلاقات العراقية -الامريكية تحسنا، وان الاطار التنسيقي الموالي لايران، "ليس قلقا بشان ترامب".

واستعاد التقرير زيارة السوداني الاخيرة الى طهران ليقول ان "العلاقات مع طهران اكثر اثارة للجدل من اي وقت مضى"، حيث ان السوداني تلقى انتقادات شديدة من المرشد الاعلى علي خامنئي الذي دعا الى الحفاظ على الحشد الشعبي وتعزيزها وطرد جميع القوات الامريكية، ووصف التغيير الاخير للسلطة في سوريا بانه عمل "حكومات اجنبية".

محور إيران

ثم تساءل التقرير الأمريكي، عما اذا كانت كل هذه المعطيات تكفي للاشارة الى ان العراق ايضا يغادر المحور الايراني، لكنه لفت الى ان الخبراء العراقيين لم يتفقوا على اجابة حول هذا السؤال.

كما نقل التقرير عن الباحث في "معهد واشنطن" حمدي مالك، قوله ان ايران "لا تزال تمارس نفوذا كبيرا في العراق"، وان حكومة السوداني ارسلت في البداية الى النظام السوري الجديد "اشارات حذرة وانما ايجابية"، غير ان "النبرة في الاوساط الشيعية في العراق تبدلت بالكامل بعد ان اعرب خامنئي عن وجهة نظر معادية تماما للتطورات هناك".

وبعدما لفت الى اعتماد حكومة السوداني بشكل كبير على دعم الاطار التنسيقي، نقل التقرير عن مالك قوله ان "اي محاولة من جانب السوداني للحد من نفوذ ايران ستكون مجرد محاولات تجميلية".

وقال التقرير ان المحلل العراقي من جامعة ميسوري الامريكية فرهنك فريدون نامدار، يتفق مع هذا التقييم، حيث لا يزال لدى الحشد الشعبي حوالي 200 الف عضو وميزانية تبلغ حوالي 3 مليارات دولار، مشيرا الى ان هذه القوة لن تذهب الى اي مكان على الارجح، برغم الدعوات الى حلها. ونقل التقرير عن نامدار قوله ايضا ان "جميع فصائل قوات الحشد الشعبي تقريبا موالية لايران، وان الحشد تمكن من ترسيخ نفسه في الاقتصاد والسياسة في العراق ... وهو العمود الفقري لحكومة السوداني".

موقع استراتيجي

ورأى تقرير "اتلانتك" الأمريكي، ان موقف العراق قد يكون اكثر تعقيدا من مجرد صورة الدولة التابعة لنظام مجاور، حيث ان بغداد تتيمز بموقع فريد لتحقيق التوازن بين المصالح الايرانية ومصالح الدول السنية في المنطقة، وهي تحاول بجهد بناء شراكات مع جيرانها غير الايرانيين.

ونقل التقرير عن الخبير بالشؤون العراقية اران روبرت والش، المقيم في عمان، قوله انه يعتقد ان السوداني "يقوم بحذر بفصل العراق عن المحور بدون ان يقطع العلاقات مع طهران بشكل كامل"، مشيرا الى ان بامكان طهران وحلفاءها العراقيين إفساد هذه الجهود، من خلال مثلا مهاجمة مشاريع استثمرت فيها دول الخليج.

وختم التقرير بالتذكير بان العراق سيخوض انتخابات في اكتوبر/تشرين الاول، وانه في حال رفض عدد كاف من العراقيين الاحزاب المؤيدة لطهران في صناديق الاقتراع، كما فعل معظمهم في العام 2021، فستكون هناك فرصة امام السوداني، او لمن قد يخلفه، للسوداني لتشكيل حكومة تبذل جهدا اضافيا للتاكيد على السيادة العراقية.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon