كنوز الأنبار المنسية.. ماذا لو استثمرت؟
شفق نيوز/ تمتلك محافظة الأنبار ثروة هائلة من الموارد الطبيعية التي لو استثمرت ستشكل مورداً اقتصادياً مهماً، وستسهم في رفع مستويات العراق بشكل كبير.
وتقع محافظة الأنبار إلى الغرب من العراق، وتبلغ مساحتها (138,500)كم2، أي نحو 32% من مجموع مساحة العراق، فيما يبلغ تعداد سكانها (1.600) مليون نسمة، وفقاً لإحصاء عام 2014.
ويحد محافظة الأنبار من الشمال محافظتي صلاح الدين ونينوى، وسوريا من الشمال الغربي، والأردن من الغرب، ومحافظة بغداد من الشرق، ومن الجنوب السعودية، ومن الجنوب الشرقي محافظتي كربلاء والنجف.
ثروة منسية
وتحتوي محافظة الأنبار على موارد طبيعية من الغاز والنفط بكميات كبيرة، فضلاً عن الثروات المعدنية العديدة كالذهب والفوسفات والحديد واليورانيوم والكبريت والفضة والقار والرمل والحصى، وغيرها.
أما الغاز الطبيعي فهو يعد أكبر احتياطي على مستوى العراق بنحو 53 تريليون قدم مكعب، وهو ما يسد الحاجة مما يستورده العراق من الغاز الإيراني لنحو 3 آلاف يوم، أي أكثر من 8 أعوام، فيما تقدر قيمتها المالية بأكثر من 25 مليار دولار.
هذا ويقدر احتياطي الفوسفات في صحراء الأنبار بأكثر من 10 مليارات طن، وتبلغ قيمتها 1.5 تريليون دولار، وتشكل ما نسبته 9% من إجمالي الاحتياطي العالمي من هذه المادة، مما يجعل العراق الثاني عالمياً في احتياطي الفوسفات بعد المغرب.
أما احتياطي النفط الخام في صحراء الأنبار، فيقدر بنحو 300 مليار برميل، وهو ما يكفي للتصدير وفق الطاقة الحالية لمدة 273 عاماً، وبحسب التقديرات فإن احتياطي معدن الحديد يبلغ نحو 60 مليون طن.
بالإضافة إلى مواد أخرى مثل الرمال الزجاجية "الكوارتز"، حجر الكلس، حجر الدولوميت، حجر الكاولين، أطيان الفلنت، البورسلينايت، البوكسايت، الكوارتزايت، الرمال السوداء، أطيان المونتموريلونايت، وأطيان الأتبلغايت، فضلاً عن ثروات أخرى لم يُحدد حجم تواجدها أو احتياطياتها في المحافظة بشكل دقيق.
وفيما يخص الجانب الزراعي، فإن محافظة الأنبار تمتلك 2.5 مليون شجرة نخيل، وأراضٍ زراعية شاسعة، ومن أهم المحاصيل الزراعية فيها هي القمح والبطاطا الربيعية والخريفية ثم الحنطة والشعير والذرة الصفراء ومجموعة من الخضراوات والبصل والأعلاف، وتعتمد الزراعة فيها على الإرواء السيحي أو على الآبار والعيون والأمطار.
وبهدف استغلال هذه الثروات الهائلة أقيمت سابقاً عدد من المشروعات المهمة في المحافظة، كسد حديثة ومحطتها الكهرومائية، ومشروع ديزلات، ومعمل الزجاج والسيراميك، ومعمل الاسمنت في كبيسة.
وبالإضافة إلى ذلك، تعد محطة هيت الحرارية، وهي محطة تصدير الغاز من حقل عكاز، وتصدير النفط من حقول عكاشات، والشركة العامة للفوسفات، ومشروع قناة الفرات الرطبة وفيها بحيرة الحبانية وجزء من مشروع بحيرة الثرثار.
لا استثمار
ورغم أن محافظة الأنبار، غنيّة بموارد غير موجودة في باقي المحافظات العراقية، إلا أنها تُعاني من قلّة الاستثمارات فيها، وفق رئيس قسم الجيولوجيا في جامعة الأنبار، الدكتور عبد صالح فياض.
وأوضح فياض، لوكالة شفق نيوز، أن "معمل فوسفات القائم كان ينتج أحسن أنواع الأسمدة، وكان يصدّر منها إلى الخارج، لكن الآن مُعطّل تماماً، رغم أن الاحتياطي الموجود يُشغّل 10 معامل فوسفات في العراق، كما يمكن أن يؤسس معها معامل للأسمنت، لأن الطبقات الموجود فوق الفوسفات صالحة لصناعة الأسمنت والصناعات الكيميائية الأخرى".
وأضاف: "يتوفر في محافظة الأنبار، أنقى أنواع الرمال الزجاجية التي تزيد فيها نسبة السليكا عن 98 بالمائة، ويمكن استخدامها في صناعة الكريستال والإلكترونيات والصناعات الأخرى العديدة".
وأشار فياض، إلى "توفّر أنواع ممتازة من الكاولين بنوعيه الملوّن والأبيض الذي كان يستخدم في صناعة السيراميك والصناعات الأخرى، بالإضافة إلى وجود أنواع ممتازة من الرمال التي تحتوي على كميات كبيرة من المعادن الثقيلة التي يمكن استخدامها بصناعات استراتيجية".
وزاد بالقول: "كما هناك احتياطات كبيرة من حجر الكلس الذي يستخدم كمادة أساسية في صناعة الأسمنت التي قد تستوعب عشرات المعامل، فضلاً عن انتشار المواد التي تُستخدم في الصناعات الإنشائية بكميات كبيرة بالمحافظة".
وعن السياحة الطبية، لفت رئيس قسم الجيولوجيا في جامعة الأنبار، إلى "العيون الكبريتية في كبيسة وحديثة التي يُمكن استخدامها كمنتجعات سياحية للعلاجات الطبية، إضافة إلى المناطق الأخرى التي تتميز بجمالها وطبيعتها الخلّابة المهيّئة للاستثمار".
ورغم توفر كل هذه الموارد إلا أنها غير مُستخدمة ومُعطّلة، وفي حال استغلالها بطريقة صحيحة ومدروسة واقتصادية فإنها سوف تُساهم في تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة، وفي الوقت نفسه تُنهي الاستيراد من الخارج".
عجلة الاستثمار
من جهته، شدد الخبير الاقتصادي من محافظة الأنبار، سليمان الجميلي، الحكومة إلى ضرورة "البدء باستثمار الموارد الطبيعية الغنيّة في صحراء الأنبار سواء بالاستثمار الداخلي أو الخارجي"، مؤكداً أن "الاستثمار له أهمية كبيرة في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، ورفد الموازنة العامة بالأموال".
وبين الجميلي، للوكالة، أن "الاستثمار سيؤدي إلى فتح مصانع ومعامل جديدة وطرق ومشاريع"، مبيناً أن "مصنع البتروكيماويات في القائم لو يُستغل بالطريقة الصحيحة سوف يكون الأول على الشرق الأوسط، كما هو الحال مع حقل عكاز".
وعن الموارد الزراعية، نوه إلى أن "صحراء الأنبار أرض صالحة للزراعة، وفي حال استغلال هذه المساحات بالصناعة والزراعة سوف يكون العراق من الدول الأولى في الشرق الأوسط بالإنتاج والتصدير".
ورأى الجميلي، أن "استغلال الموارد الطبيعية سيجعل الأنبار مدينة صناعية وتجارية، سيما وأن لها حدود ومنافذ مع ثلاث دول هي السعودية (البحر الأحمر)، والأردن (الخليج العربي)، وسوريا (البحر المتوسط)".
روتين ممل
بدوره ذكر مستشار محافظ الأنبار لشؤون الطاقة، عزيز الطرموز، أن "الثروات هي ملك للوزارات السيادية، فلا يمكن التصرّف فيها، في ظل وجود روتين ممل يعرقل إعادة العمل".
وقال الطرموز، خلال حديثه للوكالة، على سبيل المثال، فإن "ثروة الزجاج مُعطّلة، وكذلك الفوسفات"، موضحاً أن "مصنع الفوسفات كان يضم 8 معامل، وجميعها متوقفة منذ العام 1976".
وأشار المسؤول المحلي، إلى أن في النظام السابق كانت "20% من إيرادات وزارة المالية تأتي من إيرادات معامل الفوسفات والكبريت، والآن كلاهما مُعطّل، فقط الغاز وبحقل واحد".
وخلص الطرموز، إلى القول: هناك تعاون بين وزارة النفط والحكومة المحلية في محافظة الأنبار من أجل "الاستغلال الأمثل للثروة الغازية والنفطية"، لافتاً إلى أن "هناك فرصاً استثمارية لعدد من الحقول في المحافظة، فيما ما تزال ثلاثة حقول قيد الإنجاز وقد تدخل الخدمة خلال السنوات المقبلة".