في عاصمة "الانتحار" بالعراق.. حالة كل 48 ساعة
شفق نيوز/ لم يكن الأمر عادياً لعائلة (ع.س)، فالأب مصاب بمرض نفسي، والابن الشاب دخل بعلاقة عاطفية مع زميلته في الجامعة، حتى تحول البيت إلى حلبة صراع بين الطرفين (الاب والابن)، لكن "الغلبة" كانت للوالد على حساب فقدان ولده البكر.
(ع.س) ذو العشرين ربيعاً، والذي تتحفظ وكالة شفق نيوز، عن ذكر اسمه الكامل وموقع كليته، كان طالباً مجداً في دراسته الجامعية حتى انقضاء المرحلتين الأولى والثانية، لكن العطلة الصيفية التي ستنقله للمرحلة الثالثة، ذهبت به إلى مثواه الأخير، نتيجة انتحاره برمي نفسه في نهر الفرات من على جسر الحضارات وسط مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار.
مصدر مقرب من عائلة (ع.س)، ذكر لوكالة شفق نيوز، أن "الشاب الجامعي المنتحر دخل بعلاقة عاطفية مع طالبة بذات الكلية، وكان ينوي التقدم لخطبتها في العطلة الصيفية، إلا أن قرارات والده (المصاب بمرض نفسي) صدمته، بعدما هدده بقطع المصاريف اليومية عنه، ما لم يتركها وينسى فكرة خطبتها إطلاقاً.
قرار الأب، أدخل (ع.س) بصراع استمر أسابيع عدة مع أبيه، ليكتب انتحار الابن، نهاية مأساوية لهذا الصراع.
حصالة الموت
وبينما تحتفل منظمة الصحة العالمية في العاشر من ايلول/ سبتمبر - باليوم العالمي لمنع الانتحار - والتوعية بمخاطره، تشير التقديرات إلى حدوث أكثر من 700 ألف حالة انتحار سنويا.
وفي عام 2019 صنف الانتحار - رابع سبب للوفاة بين الذين تتراوح أعمارهم 15 إلى 29 عاما على مستوى العالم، ولكنه قد يحدث أيضاً في أي مرحلة أخرى من مراحل العمل.
وتكشف أرقام الصحة العالمية، أن وفاة واحدة من 100 سببها الانتحار حول العالم، وهو ما يزيد معدلاته بين الذكور أكثر من الإناث، إذ يفقد شخص حياته كل 40 ثانية بسببه ما يسبب مآسٍ للأسر حول العالم.
وبلغة الأرقام، تتصدر ذي قار، محافظات العراق بالانتحار، إذ سجلت أكثر من 100 حالة ومحاولة انتحار منذ مطلع العام 2023 الحالي، ولغاية شهر أيلول الجاري.
أي أن بقسمة 240 يوماً، على عدد الحالات المسجلة، يتضح أن هناك حالة أو محاولة انتحار تتم في المحافظة، كل 48 ساعة.
عاصمة الانتحار
محافظة ذي قار، سجلت خلال عام 2022 أكثر من 100 حالة انتحار فعلية، كانت غالبيتها للشباب، لكن ضعف هذا العدد كان يمثل محاولات انتحار فاشلة، بحسب مصدر محلي في الناصرية، تحدث للوكالة.
وأكد المصدر، أن "العام الحالي ولغاية مطلع شهر أيلول الجاري، سجلت ذي قار لوحدها أكثر من 40 حالة انتحار فعلية، فيما وثقت ما يزيد على 60 حالة انتحار فاشلة لم تبلغ نتيجتها أو تحقق مبتغاها"، لافتاً إلى أن "وسيلة الشنق كانت أبرز الطرق التي يتم من خلالها تنفيذ حالات الانتحار".
وبحسب المصدر، فإن العام الحالي، شهد بروز حالة خطيرة، تمثلت بظهور - جماعات دينية متطرفة تتبنى نظام الانتحار في عقيدتها - وخاصة لفئات الشباب، وهو ما زاد من المشهد تعقيداً في الناصرية وضواحيها.
بديل عن الانتحار
في المقابل، تحدث مدير منظمة التواصل والإخاء الإنسانية بمحافظة ذي قار، علي الناشي، حول تفشي ظاهرة الانتحار بمناسبة يومها العالمي، قائلاً: إن "منظمته عملت منذ عام 2016 على تكثيف عقد الورش الفنية والجلسات الاجتماعية لتوضيح مخاطر هذه الحالة الدخيلة على المجتمع في السنوات الأخيرة، والتي بدأت تستفحل بكثرة بين صفوف الشباب".
وأوضح الناشي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومتين المركزية والمحلية ملزمتين بتذكير الشباب وأفراد المجتمع كافة بأن هناك بديل عن الانتحار من خلال الندوات العامة"، مؤكداً أن "المحافظة تمر بمنعطف خطير بعدما استولت فكرة الانتحار على الكثير من عقول الشباب".
وخلص الناشي، للإشارة إلى وجود الكثير من الأسباب التي باتت تدفع الشباب بالتفكير نحو تجريب حالة الانتحار، لعل أبرزها وبدأت تأخذ صداها بين صفوفهم، هي تناول المخدرات و(القضايا العاطفية)، خاصة في صفوف طلبة الجامعات.