عملة "حزم" الرقمية.. عراقيون يقعون ضحية "أكبر" عملية احتيال

عملة "حزم" الرقمية.. عراقيون يقعون ضحية "أكبر" عملية احتيال
2021-11-12T19:28:35+00:00

شفق نيوز/ لليوم الثالث على التوالي، يتواصل الجدل في الشارع العراقي، حول الهبوط الكبير بسعر العملة الرقمية "حزم"، التي دخلت البلاد حديثاً، وذلك بعد أن تجاوز سعر كل مليون حزم أكثر من ستة آلاف دولار، بفترة لم تتجاوز ثلاثة أشهر.

وانتشرت في الآونة الأخيرة عملة رقمية بإسم "حزم" أطلقها الإعلامي العربي محمد العرب، والذي اشتهر بأنه موفد قناتي العربية والحدث في اليمن لتغطية حرب قوات التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين، والتي لقب من خلالها بمراسل عاصفة الحزم، وهو الاسم الذي أطلقه على العملة الرقمية.

محمد العرب، صحفي بحريني الجنسية، من أصول عراقية، ومن مواليد مدينة الفلوجة شرقي محافظة الأنبار، وهذا ما ساهم بانتشار عملته الرقمية "حزم"، بشكل واسع في الأنبار، إذ أن مئات الأنباريين وربما الآلاف منهم، قاموا بالاستثمار في عملة "حزم" وتجربة حظهم من خلالها.

وتعرض المستثمرون في العملة لخسائر فادحة، بعد هبوط العملة، ليتراوح سعرها بين سنت واثنين، وذلك بعد أن حذر البنك المركزي العراقي، يوم أمس، من التعامل بالعملات الرقمية.

وأعلن البنك المركزي في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، بأنه "يتابع عن كثب التعاملات في سوق العملات الرقمية والمشفرة والافتراضية، نظرا للمخاطر الكبيرة المرتبطة بتلك العملات وعدم خضوعها لأية ضوابط أو تشريعات قانونية أو رقابية أو فنية في العراق".

وتابع بالقول، "لتلافي أية تداعيات سلبية ناتجة عن التعامل بتلك العملات، ذات التذبذب العالي وعمليات المضاربة فيها، يحذر البنك المركزي العراقي من استخدامها، ولا يكفل مثل تلك العملات ولا يوفر الحماية القانونية لمن يتعامل بها ولم يمنح رخصة لأية عملة رقميه مشفرة حالياً".

وقال قائممقام قضاء الرمادي مركز محافظة الانبار، ابراهيم العوسج، "في بداية انطلاق العملة، كانت الاجراءات طبيعية، ولم يكن بالإمكان أن تتدخل الحكومات المحلية، طالما أنه لم يكن هناك منع رسمي من الحكومة المركزية".

وأضاف، "لكن بعد اصدار قرار البنك المركزي العراقي قبل يومين من الان، بيانا نص على منع تداولها، كونها اشبه بالوهمية وتدخل بباب النصب والاحتيال، فسيتم اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق المكاتب والمتداولين، خلال الاسبوع القادم". 

وأشار العوسج لوكالة شفق نيوز، إلى أن "إمكانية رفع دعوى بحق مالك العملة وشركائه، يرتبط بالأشخاص الذين خسروا اموالهم، حيث يمكنهم اقامة دعوى قضائية، وسيتعامل الاخير معها، كما اننا حذرنا سابقاً، من التداول بها، لكن بشكل شخصي، وبعد قرار البنك المركزي، سيتم اتخاذ الاجراءات القانونية ضد مكاتب بيع العملة، لكن الاشخاص المستثمرين فيها فلا توجد لدينا اي صلاحية على اجباره بعدم التداول، ولن تكون هناك اي اجراءات ضدهم".

فيما رأى خبير العملات الرقمية، ناصر علوان، أن "هناك نوعين من العملات الرقمية، الاولى هي التي يتم التعامل بها على اساس الماستر كارد وغيرها من الانظمة المتطورة، والتي تتعامل بها البنوك وتغطيها رسمياً، مقابل العملة الصعبة او الذهب وغيرها، وأما النوع الثاني هي المشفرة، والتي ظهرت قبل اكثر من عشرة اعوام، وكانت اولها عملة ( البتكوين )، التي اطلقها مجموعة من تجار واثرياء الصين، لتصبح بمرور الايام عملة متداولة في الوسط الاستثماري والتجاري، وكسبت ثقة المتداولين".

وبين أن "الفرق بين العملة الجديرة بالثقة وبين الوهمية، هو أن تكون عائدة لأشخاص معروفين ويمتلكون ستارس برمجيات محكم، ويكون لهم شركة حقيقية تعمل على تصنيع المنتجات". 

وأضاف علوان، خلال حديث له مع وكالة شفق نيوز، أن "كافة العملات الرقمية فيها نسبة مخاطرة كبيرة، كون اكثر الاموال التي يتم تداولها فيها هي عبارة عن غسيل اموال، وربما تكون تجارة غير مشروعة، كالمخدرات والاسلحة، ورغم ذلك فإن عددا كبيرا من دول العالم بدأت تتجه بشكل جدي نحو العملات الرقمية، ومن الممكن أن تكون هي العملات المستقبلة". مستدركاً، بالقول "اؤكد بأن كل العملات الرقمية فيها مخاطرة، اي أن ( البتكوين ) البالغ سعرها اكثر من 60 الف دولار، من الممكن أن تهبط في اي لحظة لتصبح قيمتها دولار واحد او اقل".

وبين علوان، بأن "اكثر من الف عملة ظهرت بعد ( البتكوين )، مما ساهم بتطوير عالم التكنلوجيا، ويتم التداول بها عن طريق منصات الكترونية، ولكن غالبيتها عملات غير موثوقة، وهناك العديد من العملات الرقمية التي ظهرت مؤخرا وتبين فيما بعد أنها عبارة عن عمليات نصب واحتيال، وعموما فأنها اشبه بلعبة القمار، وغالبية سكان العالم يتعاملون بها كنوع من المغامرة بدون اي ضمانات". 

وفيما يتعلق بعملة حزم المتداولة في العراق مؤخراً، فأوضح الباحث بالشأن الاقتصادي، مؤيد الدليمي، أن "أن كل معايير الثقة والجدية لا تنطبق على هذه العملة، كون مالكها قام بإدراجها على منصة معروف بأنها غير موثوقة، وهي منصة ( white bit ) وبإمكان اي شخص تصنيع عملة وطرحها على هذه المنصة، كونها لا تشترط على صاحب العملة اي شروط علمية او مالية".

وأشار الدليمي، لوكالة شفق نيوز، إلى أن "العراق لا يمتلك الخبرات والتطورات القانونية او التكنلوجية، حول العملات الرقمية، ونستطيع القول أنه متأخر بذلك، وهذا كان سبباً رئيسياً في الاقبال الواسع على عملة حزم، حيث كل من يسمع بأنه يمكنه الاستثمار بمبلغ دولار ومن الممكن ان يصبح الف دولار خلال فترة وجيزة، وهذا ما اثار الشكوك حولها". 

وأضاف الدليمي، بأن "مالك عملة حزم، طرح 100 مليار حزم، وحدد 20% منها للتداول، وأحتفظ بالـ 80% منها، كما انه ركز على محافظة الانبار ومدينة ابو غريب في ترويج العملة، كما أنه مهد لموضوع العملة قبل مدة، وذلك من خلال خروجه بشكل يومي متكرر ببث مباشر على منصة فيسبوك، ومن خلالها استقطب عشرات الاف الناس، كونه كان يطرح افكار كثيرة مثيرة للجدل، منها مسألة اقليم الانبار، الذي طرحه بوقت حساس للغاية، ومن ثم طرح افكار تجارية وهمية، ووعود بمفاجئات وغيرها، مما جعله مصدر ثقة لمتابعيه".

وأكد الدليمي، بالقول "حذرنا من التداول بالعملة منذ انطلاقها، والسبب هو اننا حتى لو احسنا الظن بمالكها، فهذا يعني أننا دخلنا في مغامرة قد تتسبب بإفلاس المتداولين، وهذا ما حصل بالفعل، خاصة أن الآلاف استثمروا في العملة بشكل متأخر، وذلك عندما اصبحت بخمسة سنتات واكثر، مما تسبب بضرر كبير لهم، علاوة على الضرر الكبير الذي لحق باقتصاد المحافظة، كون الاموال توجهت بالتجارة بعملة حزم، بدلاً من أن تتوجه داخل المحافظة وتحرك عجلة الاقتصاد".

ولفت الدليمي، إلى أن "هناك من باع ذهب زوجته، وهناك من باع عجلته وغيرها من الممتلكات، كما أن العديد ممن استقرضوا ملايين الدنانير، للاستثمار في العملة، حتى أن هناك من باعوا منازلهم، وتم تسجيل العديد من حالات الطلاق بسبب هذه النقمة وليست العملة".

ويؤكد الدليمي، بالقول "مالك العملة نفذ واحدة من اكبر عمليات النصب والاحتيال بحق العراقيين عامة، حيث أن هناك متخصصين مطلعين على العملة، كشفوا بأن من قام ببيع مبالغ كبيرة من العملة وصلت إلى 4.5 مليون، هو نفسه مالكها، أي أن من تسبب بهبوط العملة إلى هذا الحد هو مالكها، لذا اتمنى ان يتم اتخاذ اجراء قانوني بحقه، لتعود اموال الناس اليهم". 

وأما المحامي، محمد سعد، فيقول "حجم خسائر المتداولين في عملة حزم، كبير جداً، ولا يوجد هناك عقد بين المستثمر ومالك العملة، والسبب الذي ادى الى هذه الخسائر هو عملية مضاربة للعملة، بغض النظر عن من قام بذلك".

وبين سعد، في حديثه لشفق نيوز، بأنه "لو تم اثبات ادعاءات المشككين بالعملة ومالكها، والذين يرون بأنها عملية نصب واحتيال، فإن من الممكن اقامة دعوى قانونية من قبل الحكومة العراقية ورفعها على مستوى الانتربول، ويتم القبض على المحتال، وذلك في حال إذا كانت الدولة التي يتواجد بها ، لا تملك المعلومات عن طبيعة عمل الشركة".

وبين، بأن "العراق لا يمتلك هذه الثقافة القانونية، حيث يجب ان تتبنى احدى الجهات الحكومية ذلك، ومن خلال الادعاء العام او اي أحد من المتضررين، يتم تقديم شكوى ومن ثم القبض على المطلوب".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon